لم أكن لأنتبه هذه المرة إلى عدم توصلي برسالة تهنئة عيد الفطر من صديق وفي إسمه واصف منصور ، و أنا الذي كنت استفدت كعادتي من مقال مفيد له حول المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية التي ترعاها الولاياتالمتحدةالأمريكية نشرته الزميلة الاتحاد الاشتراكي قبل وفاته بأيام ، فقد جرت العادة أن أعجز عن الرد على جميع الأصدقاء الذين يبادرون بالتفاتتهم النبيلة بإرسال التهاني في كل مناسبة و أتحمل بصدر رحب عتاباتهم لي . إلا أن عدم توصلي بتهنئة الصديق واصف منصور كان له تفسير آخر هذه المرة حينما علمت وأنا خارج أرض الوطن أن واصف منصور انتقل إلى دار البقاء إثر أزمة قلبية مفاجئة . واصف كان رحمه الله ملحا على تحميلي مسؤولية جمع الأصدقاء وكان يذكرهم لي بالإسم للقيام بمبادرة تجاه أرملة الفقيد الكبير عبدالجبار السحيمي و لا أجد لنفسي الآن أي مبرر مقنع لعدم تجسيد المبادرة و لم يحدث أني التقيت واصف خلال الشهور الماضية و لم يحرجني بعتابه اللطيف . واصف كان رحمه الله مغربيا بامتياز وفلسطينيا بأكثر من امتياز ، حدث مرة أني تلقيت تنبيها لطيفا من الأصدقاء في السفارة الفلسطينية بالرباط لأن واصف كان يوقع المقالات التي كان يشرف العلم بنشرها بالسفير المفوض ، و كنت أتقبل عتاب الأصدقاء في هذه السفارة المناضلة ، و لكني لم أتجرأ يوما على مفاتحة واصف في الموضوع لقناعة واحدة رئيسية مفادها أن واصف لما قدمه للقضية الفلسطينية كان أكثر من سفير مفوض في سفارة واحدة ، بل كان رحمه الله سفيرا صادقا و مناضلا و مجاهدا و أمينا للقضية الفلسطينية ، و لا أحد يمكنه أو يحق له إنكار التضحيات الجسام التي قدمها واصف منصور و الجيل الذي رافقه في السفارة الفلسطينية من أمثال السفير أبو مروان و أبو طارق و العلمي وغيرهم كثير . واصف كان مغربيا بامتياز لأنه كان عميق الإيمان بالقضايا المغربية العادلة في الوحدة الترابية و الديموقراطية و التنمية ، و تفوق واصف رحمه الله في أن يحافظ على عدم الاقتراب من خطوط التماس مابين صفته الديبلوماسية و إيمانه بالقضايا المغربية العادلة . رحيل واصف منصور الانسان المناضل المتواضع الخدوم البشوش يعتبر خسارة فادحة للقضية الفلسطينية التي تجتاز ظروفا دقيقة ، و هي خسارة ستفرح لا محالة العدو الاسرائيلي ، و هي خسارة لنا نحن المغاربة قاطبة لأننا افتقدنا رجلا استثنائيا كنا ولا زلنا وسنظل في أمس الحاجة إليه . رحمك الله أخي واصف و حزين لعدم مشاركتي الأصدقاء توديعك إلى مثواك الأخير .