شكل «»الأمن والشعور بانعدامه»» موضوع الدرس الافتتاحي الذي ألقي يوم السبت بمقر المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير التابعة لجامعة الحسن الأول بسطات إيذانا بانطلاق الدراسة بالإجازة المهنية في «»العلوم الأمنية»». وأبرز الأستاذ عبد اللطيف أكنوش, الذي ألقى المحاضرة بحضور المدير العام للأمن الوطني ووالي جهة الشاوية ورديغة وعامل إقليمسطات وشخصيات أخرى, أن الأمن ككيان تنظيمي ووظيفي يوفر الأمان الذي هو سبب وجوده, أي حالة من الطمأنينة والنظام والاستقرار كركائز لاستمرار المجتمع وقيمه الاجتماعية للانسجام. وذكر المحاضر بالسياق التاريخي لظهور مصطلح الأمن مسجلا أن مفهومي الأمان والأمن يتجهان اليوم للتقارب أكثر إذ أصبح الأمن يعني حالة شخص يشعر بالاطمئنان والارتياح أي الشعور بأنه في منأى عن كل خطر وبذلك يجمع هذا المفهوم بين الهدوء والسكينة والثقة والطمأنينة وبالتالي فإن هناك اليوم معنى ذاتيا للأمن أقرب من الشعور بالأمان. ومن هنا يضيف الأستاذ أكنوش فإن الأمن لم يعد وقفا على الشرطة وحدها أي أن الأمن باعتباره كيانا تنظيميا يعد أيضا بمثابة مجموع الإجراءات الهادفة إلى الدفاع عن المجتمع والأفراد والجماعات وهي الإجراءات التي يمكن أن تكون وقائية أو ردعية ويمكن أن تتبناها سلطات الدولة مثلما يمكن أن تتبناها مقاولات أو حتى الأسر والأفراد لتفادي المخاطر والوقاية منها بحيث يتم الحديث في هذه الحالة عن «»الأمن الخاص»». وتطرق المحاضر إلى معنى كل من الأمن الوطني والأمن الداخلي والأمن المدني مضيفا أن نظام الأمن يتشكل من قاعدة من المبادئ والمفاهيم الأساسية التي تحدد مفهوم الأمن الخاص بالكيان السوسيوسياسي الذي يضع له تصورا ويتبناه وينفذه طبقا لنموذج المجتمع الذي اختاره , إنه نموذج يتعلق في الوقت ذاته بنظام القيم والمبادئ وبرؤية للعالم أي بمشروع سياسي واجتماعي. وبخصوص الشعور بانعدام الأمن قال الأستاذ أكنوش إن هناك توجها نحو الخلط بين الشعور بانعدام الأمن والإجرام موضحا أن الشعور بانعدام الأمن يعد أيضا مسألة شعور وإحساس مثلما هو الشأن بالنسبة للأمن. وقال إن العلاقة بين الشعور بانعدام الأمن والإجرام قد تكون قائمة لكن الرابط بينهما ليس آليا. وبعد أن أشار إلى أن تنامي الإجرام واقع كوني يمس كافة بلدان العالم أبرز الأستاذ المحاضر أن عمل الإدارة العامة للأمن الوطني, في محاربتها للشعور بانعدام الأمن في بعديه الموضوعي والذاتي, يتمحور حول جانب عملي وآخر علائقي مضيفا أنها تراهن أكثر على العمل الوقائي من أجل استباق ارتكاب المخالفات. وأضاف أنه تم اتخاذ إجراءات تتعلق بالرفع من عدد رجال الأمن والرفع من وسائل العمل اللوجستيكية والاستعمال الأمثل للوسائل والتحليل العقلاني للاستعلام العملي بحيث يتم التأكيد على تطوير المؤهلات العملية للموارد البشرية من خلال تكوين أساسي متين وتكوين مستمر مواكب لرجل الأمن طوال مساره المهني. كما تتعلق هذه الإجراءات, يضيف المحاضر, بتطوير أشكال جديدة من نشر الوسائل وتوفير تقسيم أمني عقلاني للمجال يقوم على تقسيم ترابي ما فتئ يتحسن إضافة إلى ملاءمة التقسيم الترابي لمصالح الأمن مع التقسيم الإداري للمدن من أجل تنسيق أفضل بين مختلف المصالح وخاصة بين السلطة المحلية ومصالح الأمن. وأكد على ضرورة مواجهة الأسباب العميقة للأشكال الظاهرة من انعدام الأمن موضحا أن هذه الأسباب ليست فقط من اختصاص المصالح الأمنية بل تهم أيضا متدخلين آخرين ومن ثم يظهر الجانب العلائقي في استراتيجية الإدارة العامة للأمن الوطني. ويندرج تنظيم الدرس الافتتاحي في إطار تفعيل بنود الشراكة المبرمة بين الإدارة العامة للأمن الوطني وجامعة الحسن الأول في مجال تدريس العلوم الأمنية.