من المقرر أن تخصص حصة مهمة من جلسة الأسئلة الشفهية لمجلس النواب ليومه الاثنين لأجوبة الحكومة عن الأسئلة الآنية التي تقدمت بها الفرق والمجموعات النيابية في موضوع الأحداث التي عرفتها مدينة العيون مؤخرا التي كان وراءها دعاة الإنفصال مباشرة بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي خال من أية إشارة إلى تكليف بعثة «المينورسو» بمهمة مراقبة حقوق الإنسان، بل تضمن إشادة بخطوات المغرب في مجال حقوق الإنسان ومقترح الحكم الذاتي، وذلك بهدف افتعال مناورات جديدة لكسب تعاطف المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بعدما تعرضت الدبلوماسية الجزائرية لضربة قوية وخيبة أمل صادمة. إن المعركة التي خاضها المغرب لتعزيز موقفه وحماية سيادته تفرض عليه استثمار هذا الانتصار الدبلوماسي وتحصينه لمواجهة أي مناورة من شأنها المس بالوحدة الترابية للبلاد، وذلك من خلال تقوية الجبهة الداخلية، تحسين الأداء الدبلوماسي والتعريف بالقضية الوطنية في مختلف المنابر الدولية والإقليمية والجهوية، الانتقال من معركة التحرير إلى معركة البناء الديمقراطي بأبعاده السياسية والحقوقية والبناء التنموي في شموليته والبناء الأمني. ويبقى تفعيل الحكم الذاتي في إطار الجهوية المتقدمة المدخل الأساسي لربح معركة البناء الديمقراطي التنموي الأمني بالأقاليم الجنوبية المسترجعة وجوابا واضحا وردا طبيعيا ومنطقيا على جميع المشاريع الاستفزازية التي تقوم بها أطراف أخرى مناوئة لوحدة المغرب الترابية بعدما تعددت مثل هذه المشاريع خلال السنوات الأخيرة. إن الشروع الفوري في تنفيذ مضامين وتوجهات واختيارات الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية يعد المخرج الحقيقي للوضعية الدقيقة التي تجتازها قضية وحدتنا الترابية باعتباره يفتح المجال أمام حل ديموقراطي وواقعي لنزاع مفتعل أريد له أن يأخذ طابعا دوليا مزمنا لخدمة مصالح مبيتة، بعدما تحلى المغرب بما يلزم من الحكمة والتبصر في التعامل الإيجابي مع الأممالمتحدة في إطار المسار الذي اختاره لإنجاح مسلسل المفاوضات تحت إشراف مجلس الأمن الدولي لإنهاء هذا النزاع المفتعل، بعدما لقي مقترح الحكم الذاتي تأييدا من القوى العالمية المحبة للسلام والمنتظم الدولي باعتباره الحل الجدي والواقعي، بعدما أبان المغرب عن رغبته الأكيدة في منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا في إطار السيادة الوطنية بهدف تثبيت حقه المشروع في وحدته الترابية وتمكين سكان هذه الأقاليم من تدبير شؤونهم المحلية، وذلك انسجاما مع مضامين وتوجهات الخطاب الملكي الموجه إلى الأمة بمدينة مراكش في 3 يناير 2010 عندما أكد على جعل الأقاليم الجنوبية المسترجعة في صدارة الجهوية المتقدمة، وأن المغرب لا يمكن أن يبقى مكتوف اليدين أمام عرقلة خصوم وحدتنا الترابية للمسار الأممي لإيجاد حل سياسي وتوافقي للنزاع المفتعل حولها على أساس مبادرة الحكم الذاتي الخاصة بالصحراء المغربية، وأن هذه المبادرة ذات المصداقية الأممية تظل مطروحة للتفاوض الجاد لبلوغ التسوية الواقعية والنهائية ، وأن المغرب سيمضي قدما لتمكين أبناء وسكان الصحراء المغربي الأوفياء من التدبير الواسع لشؤونهم المحلية، وذلك ضمن جهوية متقدمة في إطار السيادة الوطنية. لقد عكس المغرب من كسب موقف وتحقيق انتصار دبلوماسي ولكن طريق ربح المعركة يمر حتما عبر تنزيل مضامين الحكم الذاتي في إطار الجهوية المتقدمة لوضع حد نهائي للنزاع المفتعل بالصحراء المغربية وقطع الطريق أمام خصوم الوحدة الترابية.