عقدت لجنتا الخارجية بمجلسي النواب والمستشارين يوم الجمعة اجتماعا مشتركا استمع أعضاؤهما إلى بيان حول تطورات قضية الوحدة الترابية على ضوء المشروع الأمريكي القاضي بتوسيع صلاحيات بعثة »المينورسو« لتشمل حقوق الانسان، تقدم به الأخ يوسف العمراني الوزير المنتدب في الشؤون الخارجية. فإذا كانت اللجنتان البرلمانيتان قد نجحتا في التفعيل السليم لأحكام الفصل 68 من الدستور لأول مرة منذ إقرار الإصلاح الدستوري الجديد في فاتح يوليوز 2011، فإن إجماع المتدخلين من مختلف الفرق والمجموعات البرلمانية والمنظمات النقابية لم يقتصر فقط على حق المغرب في وحدته وسيادته وحوزته من طنجة إلى الكويرة، والتعبئة الشاملة ورص الجبهة الداخلية، بل تعدى ذلك للمطالبة بالانتقال إلى مرحلة أخرى لوضع حد نهائي لنزاع مفتعل عمر طويلا وخلف أضراراً متعددة الأبعاد ليس فقط على المواطنين المغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف والحمادة الذين حرموا من حقهم الانساني الطبيعي في العودة إلى وطنهم ، ولكن أيضا على الشعوب المغاربية والسلم العالمي والاستقرار بالمنطقة بعد تغلغل عناصر إرهابية ومافيا الاتجار في البشر والمخدرات والأسلحة بالساحل والصحراء. إن تطبيق الحكم الذاتي في إطار الجهوية المتقدمة على الأقاليم الجنوبية يعد جوابا واضحا وردا طبيعيا ومنطقيا على جميع المشاريع الاستفزازية التي تقوم بها أطراف أخرى مناوئة لوحدة المغرب الترابية بعدما تعددت مثل هذه المشاريع خلال السنوات الأخيرة، هذه المشاريع المطبوعة على الدوام بانعدام التوازن والموضوعية والحياد والانحياز التام للأطروحة الانفصالية باعتبارها خطوات مبيتة للقيام بمبادرات من شأنها المس بوحدة المغرب الترابية وإدخال القضية إلى منعطف آخر، بما في ذلك التدويل. إن الشروع الفوري في تنفيذ مضامين وتوجهات واختيارات الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية يبقى المخرج الحقيقي للوضعية الدقيقة التي تجتازها قضية وحدتنا الترابية باعتباره يفتح المجال أمام حل ديموقراطي وواقعي لنزاع مفتعل أريد له أن يأخذ طابعا دوليا مزمنا لخدمة مصالح مبيتة، بعدما تحلى المغرب بما يلزم من الحكمة والتبصر في التعامل الإيجابي مع الأممالمتحدة في إطار المسار الذي اختاره لإنجاح مسلسل المفاوضات تحت إشراف مجلس الأمن الدولي لإنهاء هذا النزاع المفتعل، بعدما لقي مقترح الحكم الذاتي تأييدا من القوى العالمية المحبة للسلام والمنتظم الدولي باعتباره الحل الجدي والواقعي، بعدما أبان المغرب عن رغبته الأكيدة في منح الأقاليم الجنوبية حكما ذاتيا في إطار السيادة الوطنية بهدف تثبيت حقه المشروع في وحدته الترابية وتمكين سكان هذه الأقاليم من تدبير شؤونهم المحلية، وذلك انسجاما مع مضامين وتوجهات الخطاب الملكي الموجه إلى الأمة بمدينة مراكش في 3 يناير 2010 عندما أكد على جعل الأقاليم الجنوبية المسترجعة في صدارة الجهوية المتقدمة، وأن المغرب لا يمكن أن يبقى مكتوف اليدين أمام عرقلة خصوم وحدتنا الترابية للمسار الأممي لإيجاد حل سياسي وتوافقي للنزاع المفتعل حولها على أساس مبادرة الحكم الذاتي الخاصة بالصحراء المغربية، وأن هذه المبادرة ذات المصداقية الأممية تظل مطروحة للتفاوض الجاد لبلوغ التسوية الواقعية والنهائية ، وأن المغرب سيمضي قدما لتمكين أبناء وسكان الصحراء المغربي الأوفياء من التدبير الواسع لشؤونهم المحلية، وذلك ضمن جهوية متقدمة في إطار السيادة الوطنية.