شبح ارتفاع المحروقات يطارد المغاربة رغم توقعات الانخفاض العالمية    دراسة: زيادة نسبة تصادم المركبات بنسبة 45,8 بالمائة عند اكتمال القمر    المغرب وروسيا يناقشان تطوير العلاقات        عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم..    الشامي: المغرب لا يستفيد من فرص سوق صناعة السفن.. 11 مليار دولار حجم سوق التصدير سنويا    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بانخفاض    آيت الطالب.. الصحة بالحسيمة هي الأفضل في المغرب وهكذا سنعالج قلة الموارد البشرية    مغاربة يحتجون تنديدا بمحرقة جباليا وتواصل المطالب بوقف المجازر وإسقاط التطبيع    تشريع جديد من المفوضية الأوروبية لتسريع ترحيل المهاجرين غير الشرعيين    إسرائيل تواجه أكبر موجة هجرة في تاريخها برحيل 40 ألف شخص في عام واحد    بنموسى يدافع عن الحصيلة المخيبة للمغرب في أولمبياد باريس ويصفها ب"الإيجابية"    الجزائر والكاميرون تلحقان ببوركينا فاسو إلى نهائيات المغرب 2025    مدرب غلطة سراي: "زياش لاعب مهم بالنسبة لنا ولديه شخصية قوية"    إيداع شاب ألقى قنينة مشتعلة على الموكب الملكي مستشفى الأمراض النفسية    لا خسائر مادية أو بشرية.. هزة أرضية بقوة 4.5 درجات تضرب إقليم إفران    فيضانات الجنوب الشرقي.. إطلاق صفقات تهم 71 مقطعا طرقيا و69 منشأة فنية (وزير)    حملة استنكار مغربية تقود إلى إلغاء حفل الجزائري الشاب بلال بميدلت    افتتاح الدورة الخريفية لموسم أصيلة الثقافي الدولي الخامس والأربعين    وزير النقل: سنعلن قريبا عن الاستراتيجية الوطنية لتشييد أسطول للنقل التجاري البحري في أفق 2040    نتنياهو: المصلحة تحدد الرد على إيران    أسعار النفط تتراجع بأكثر من 3 بالمائة    الوزيرة بنعلي: 416 رخصة لاستيراد النفايات منحت مند عام 2016.. وهي عبارة عن إطارات مطاطية وبلاستيك ونسيج    الشرطة السويدية تحقق مع مبابي بتهمة الاغتصاب واللاعب يصفها بالشائعات    غوارديولا مرشح لتدريب المنتخب الإنجليزي    الأميرة للا حسناء تترأس مجلس إدارة مؤسسة المحافظة على التراث الثقافي لمدينة الرباط    شكاوى جديدة ضد شون "ديدي" كومز بتهمة الاعتداء الجنسي على قاصر    الصحة العالمية: سنة 2024 شهدت 17 حالة تفش لأمراض خطيرة    دراسة: تناول كمية متوسطة من الكافيين يوميا قد يقلل من خطر الإصابة بألزهايمر    مواجهة ثانية بين "الأسود" و"الظبيان" لتحقيق مزيد من الاطمئنان..    الراغب حرمة الله يعبر عن إعتزازه بالمكانة التي يوليها جلالة الملك لأبناء الأقاليم الجنوبية    توقعات احوال الطقس لليوم الثلاثاء    كيوسك الثلاثاء | الأمطار تحسن تدريجيا مخزون المياه في السدود    فؤاد عبد المومني.. ينشد التغيير في قنينة "الدوليو"    تشغيل الشباب.. بنسعيد: "استفادة حوالي 30 ألف شاب وشابة من برنامج في مجال التكوبن"        قمة خليجية – أوروبية غدا وتناقش ملفات سياسية وأمنية واقتصادية    بو القنادل: توقيف ثلاثيني يدير ورشا لتزوير النقود        إصلاح قطاع الصحة في المغرب : تحديات وأفاق    أدوار النساء القرويات في المغرب .. معاناة مضاعفة وجهود تفتقد الاعتراف    "حوار" يناقش مستقبل الجالية بهولندا            بعد 10 سنوات زواج...طلاق فرح الفاسي وعمر لطفي    عجز الميزانية بالمغرب يتراجع إلى 26,6 مليار درهم عند متم شتنبر (الخزينة العامة للمملكة)    "لوموند": المغرب لديه "أكبر مسرح" في إفريقيا كلف بناءه 200 مليون أورو لكنه مغلق    فيلم "تيريفاير 3" يتصدر شباك التذاكر    دراسة: تناول كميات طعام أقل قد يكون له تأثير إيجابي على متوسط العمر المتوقع    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات    قتلى وإصابات خلال قصف حزب الله لإسرائيل    رحيل المفكر اللبناني مصطفى حجازى صاحب كتاب "سيكولوجية الإنسان المهدور" عن عمر ناهز ال 88 عاما    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة عاشقة للشريط القصير "باب السما"
قتل الموت لمعانقة ألوان الحياة..
نشر في العلم يوم 10 - 01 - 2013

إننا ننحدر من قمم مختلفة للاضطراب الذي يرافقنا فنيا أو إيدولوجيا ونحن نتأمل صورة ما، أو تلك التي قد نكونها، داخل تأويل مفلس، حول قضية من القضايا التي يثيرها عمل فني معين.
نعيش دوما حالة من الدهشة العفيفة والمشككة تجاه ما يحدث حولنا من صور ورموز قد تبدو من منظور ما، بأنها مقدسة، لكننا سرعان ما نجد في الفن تلك القوة المنقذة من جحيم الخراب الذي تؤبده أرثوذوكسية التطابقات.
يمكن القول بأن أفضل لحظة إبداعية هي لحظة أسطرة الوعي والعاقبة، أي جعل الحدث داخل عمل فني ما، يتكشف ليقول شيئا ما، عن واقع ما، وبطريقة معينة : الألوان تنتصر على العتمة، والحياة تستعيد التماعتها وسط ظلام تيولوجي عدمي. البطلة امرأة تخسر الحب وتسقط في القتل دون حاجة للحديث عن صراع قوى نفسانية معذبة. ما حدث كان يجب أن يحدث. الرغبة تنمو مدمرة ومفجوعة في اتجاه قدرها التراجيدي المحتوم.
كان يجب أن يحدث شيء ما، لكي لا تتحول الحياة إلى مقبرة. في ملحمة فرجيل تموت ديدون انتحارا لكنها تنزل إلى جحيم هادس في موكب بطولي ونبوي بعدما آمنت بأن لا حياة بدون حب، وبدون حرية مطلقة.
إن قدرة الصورة الفيلمية في "باب السما" الذي كتبه وأخرجه التهامي بورخيص، والذي ضم وجوها فنية متألقة، كمحمد الشوبي، نورية بنبراهيم والعربي أجبار، على تجسيد لحظة المفارقة بين ألوان الحياة ونقيضها، هي ذات دلالة أنطلوجية مركبة وعميقة. لكن حتى لو بدت هذه المفارقة كرفض لذلك التأويل الذي يقوم على اختزال العالم في أصولية غير مؤمنة بالفن كقيمة إنسانية، فإنه يمكن اعتبارها على الأقل كصورة رمزية نحتاجها كل يوم لتجديد تصوراتنا تجاه طبيعة العقل الأخلاقي الذي يظل خزانا هائلا للتأمل والاحتجاج والحلم. لذلك يمكن التأكيد على أن قيمة الفيلم المحورية تأتي من تيمته الجريئة التي تجعل الفن عموما شكلا من أشكال المقاومة. بمعنى أن وظيفته الفن الأولى يجب أن تكون تحطيم الصور الدوغمائية للفكر والانتصار لصورة الجمال في العالم، من خلال إحراز أفق يربط بين الفن والعالم ويصالح بين الإنسان والتاريخ ويماهى بين الجمال والحقيقة على حد تعبير غادامير ..
غير أننا ونحن نتأمل طبيعة العلاقة القائمة افتراضا بين الانغلاق الديني والإبداع، فإننا يجب ألا ننساق وراء تلك الرؤى المهزوزة التي تعتقد بكل ما تختزنه من يقين بأن التفكير الديني هو بالضرورة تفكير عدمي، أو العكس حين ترى بأن مجال الفن هو دائما مجال الحرية. يجب أن نستحضر باستمرار الكثير من الروايات الدينية التي غذت شاعرية الملاحم الميتولوجية وأنتجت خطابات إنسانية عظيمة. بالمقابل يجب ألا نخطئ التقدير بالإصرار على القول بأن الكثير من الأعمال الفنية لم تنتج سوى الحقد والرداءة والموت.
في فيلم التهامي بورخيص كأننا نعيش لكي نتأمل الألوان، نتأملها كما لم توجد من قبل. نتأملها بكامل شعريتها ورمزيتها المكثفة والقوية. نعيش لكي نتأمل وجودنا المفزوع وسط هذا الامتداد اللانهائي للظلام والأنقاض. إننا نجد أنفسنا أمام لوحة غرائبية ترسندنتالية،تقول فيها الألوان أشياء كثيرة عن الحب والحياة والموت ،أو قصيدة من قصائد "الهايكو" اليابانية بكل حمولتها الدلالية والانزياحية في صور مباغتة ومثيرة. صور تحول السبحة إلى قيد، آلة الخياطة إلى زمن مؤجل للذاكرة والحلم، الثوب الأبيض إلى مقبرة، والبرتقال إلى رغبة مغتالة وفاكهة للتمرد والهياج.. إنها جزء من صور متداخلة لصورة كبيرة عن الحياة ونقيضها، عن اللون وضده، وعن حرية تولد من سجون فكر يائس ومقطوع. فكر لا يصادر الحرية الفنية وحدها، بل مشروع يقذف بالحياة كلها داخل أنفاق مغلقة طويلة وعمياء. لذلك لم تتجسد صورة القتل كفعل عنفي استئصالي، بقدر ما كان صورة لعمل بطولي قطائعي تنتصر به ومن خلاله جمالية الحياة على حياة بلا ألوان.
في فيلم "باب السما" لا يظل هناك مكان أو زمن لمهادنة الموت إلا بالموت نفسهّ، وكأن الصورة ليست هي دائما صورة الحلم المحرض على القتل، لكنها وهذا ما يجعل الصورة توليدية وملهمة، الصورة القدرية لقتل رمزي مبشر بالخلاص والحرية. وكأننا ننجو من الجحيم لنكتشف شهوة اللون، نعاود خياطة الزمن حتى لا نعجز عن التنبؤ وعن الحياة.
بطاقة تقنية لفيلم " باب السما "
الفيلم من إنتاج شركة ليسير للإنتاج
دعم جمعيات وفعاليات من المجتمع المدني
التشخيص : محمد الشوبي، نورية بنبراهيم، العربي أجبار،
الكاميرا : ياسين بن الطالب
مساعد كاميرا : وبوشعيب حمدي
المونطاج : هشام رفيع
والصوت : سعيد الطويل،
الموسيقى الأصلية : لويس طه مانكو
الديكور : قريعش العمراني والحراق محمد.
الماكياج : إيمان المولاوي
السكريبت : سلوى القندوسي
إدارة الإنتاج : عبد الخالق الكلاعي و خالد البغدادي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.