«باب السماء» عنوان الشريط القصير لمخرجه الشاب التهامي بورخيص القادم من حضن تعب الصحافة باحثا و مكتشفا، بل و مغامرا مرة أخرى في اقتحام أرض خصبة تكون قادرة على استنبات الحلم في أبهى صورة يمكن أن تغني تجربة العشق الكامنة للجميل و الممتع الذي قد يملا العين فرحا و يعيد للحياة رونقها و وهجها الباعث على الوجود الممتلئ و كذا كانت تجربة السينما عند التهامي موسومة بالحب الخالص للعمل قد يكون معبرا لكل امتلاء، و هو كذلك امتلاء و امتلاك للحس المبدع القادر على بلورة الخيال و صناعة الحلم بالقدر الذي يصير فيه هذا الحلم قيمة مشتركة بين الذوات المختلفة و المتعددة في تمظهراتها، و ذلك ما تحقق لحظة التأم فيها الحضور لمشاهدة الفليم القصير في عرضه الأول بقاعة سينما الفن السابع بالرباط عشية الأربعاء المنصرم ليحتفي الجميع بالمولود الأول و الجديد لمخرجه التهامي بورخيص مفتتحا بهذا الإنجاز مرحلة تكون المنطلق البداية لمسيرة المبدع في الإخراج و في العطاء الذي سيكون حافلا، كما تكهن له الحضور، و كما شهد به ثلة من المبدعين عقب نهاية العرض . ليس من الممكن الحكم على تجربة العمل الأول من غير خشية الوقوع في الخطأ، لذا كان من الضروري التنبيه إلى أن المنجز الإبداعي الذي أخرجه التهامي هو عمل يستحق المتابعة الجادة و الكفيلة بإعادة الاعتبار لكل مجهود فني يقوم به الفنان في عمله بعيدا عن كل سطحية و قريبا من عمق الشريط السينمائي القصير«باب السماء» يحاول التهامي رفقة فريق العمل الممثل من خلال بطل الفيلم الممثل القدير محمد الشوبي و الممثلة الشابة نورية بنبراهيم و الفنان العربي اجباراللعب بلغة الأنوار في ظلاله الملونة بالأصباغ لرسم معالم الرمز و الدلالة الكامنة عبره لتفضي إلى العالم الممومأ إليه بلغة الصورة مقتحما توتر العلاقات الإنسانية ومطبات السيرورة الوجودية للأفراد في منزلقات الحياة الكثيرة و المتنوعة، ولأن الغوص في دلالات التيمات الحاضرة ضمن الشريط يستوجب النظرالملم بأبجديات الصورة السينمائية درسا و تمحيصا فقد تبقى معاينة الشريط هي وحدها الكفيلة باستجلاء جمالية الصورة المفتوحة افقا على رحابة السماء بأبوبها المفضية حتما إلى جنة الفرح الدي يغمر دوما عالم السينما . باب السماء شريط سينمائي يحتفل فيه المخرج بدلالة الألوان التي ستنساب من بين أنامل فنانة تشكيلية هي بطلة الفيلم راسمة معالم التوتر الدي ستعيشه ابتداء من مرحلة الشباب حيث تدفق المشاعر المحتفية بتعدد الالوان و ببهجة الحياة و ارتباطها بالحبيب الدي سيتحول زوجا و تتحول معه علاقتهما الجميلة لتغدو أكثر مللا و ضجرا في حضن زوج صار مع الزمن شخصا آخر منفر أكثر منه جاذبا متزمتا، رافضا بهجة الحياة خالدا لهواجس العالم الآخر خانقا بهذه الشخصية الجديدة والغريبة عن روح فنانة ترعرعت بين فائض الألوان لتجد نفسها آخيرا مكبلة بعقد زوج منغلق على موروث المأثور من الأقوال و الأفعال و الوصايا الجامدة، الشيء الذي سيدفع بها إلى وضع حد لكل هذا التحول الجارف لسعادتها المفقودة، وذلك لم يكن إلا عبر رد فعل عنيف تجاه هذا الزوج لينتهي السيناريو باغتيال الزوج المستبد بنفس اليد التي طالما حاولت الإحتفاء بألوان الحياة، لتتحول افي لحظة إلى راسمة للموت بلون واحد فقط هو لون الدماء التي ستنسدل مع مصرع الزوج راسمة نهاية الدرامتيكية لعلاقة إنسانية لم تستوعب كما ينبغي قيمة الحياة السعيدة. تعد تجربة بورخيص السينمائية فسحة إلى استدراك المجهود المبذول وإلى الإمكانات الذاتية التي سيتكبدها لإرواء حس الإبداع متجاوزا عوائق الطريق وحواجز العمل لنخلص مرة أخرى إلى أن الحكم على المنجز الفني ليس مهما بقيمة الأحسن أو نقيضه، وإنما بالعبرة المتاحة لإخراج المكنون الإبداعي من العدم إلى و جود الفعل الخالص لتحقيق الفرجة الإبداعية، و هكذا ربما يمكن العودة إلى باب السماء لاستجلاء الجيد والأحسن والأبهى.