قالت صحيفة "لوفيغارو» الفرنسية إن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لفرنسا , والاستقبال الحار الذي خصصه له الرئيس نيكولا ساركوزي ، يثيران جدلا واسعا في الأوساط الفرنسية, مشيرة إلى شجب اليسار الفرنسي والمنظمات غير الحكومية لاستمرار سوريا في انتهاك حقوق الإنسان. وزير الخارجية الفرنسي, برنار كوشنر , عبر عن "ارتباكه" بسبب هذه الزيارة, في حين حذر آخرون من أن تكون فرنسا قد لطخت صورتها مجددا باستقبالها الأسد بعد ستة أشهر على استقبالها الزعيم الليبي معمر القذافي. أما ساركوزي , فرد على منتقدي هذه الزيارة بالقول إنها تحظى بمباركة حلفاء فرنسا بمن فيهم الولاياتالمتحدة, مشيرا إلى أن من يدعو الدول الواقعة على البحر الأبيض المتوسط إلى اجتماع لا يمكنه أن يستثني سوريا. لوفيغارو "ذكرت أن سبب الانتكاسة التي أصابت مستوى العلاقات السورية الفرنسية منذ العام, 2006 كان اتهام الغربيين لدمشق بالمسؤولية عن اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل ، رفيق الحريري , رغم نفي السوريين لهذا الاتهام. وأضافت أن ما يبدو من غياب أدلة تورط سوريا في هذه العملية, جعل ساركوزي يفضل اتباع منهج جديد أكثر واقعية مع دمشق. وقد دفع هذا النهج وزير الخارجية السوري , وليد المعلم ، إلى التعبير عن ارتياح السوريين للموقف الفرنسي الجديد، قائلا إن بلاده "لم تعد تحس بأن فرنسا تسعى لتسييس المحكمة الدولية الخاصة باغتيال الحريري". الصحيفة قالت إن ساركوزي حرص على أن يكون استقباله للأسد مواكبا للتطورات الإيجابية في السياسة السورية, مشيرة إلى المباحثات التي تجريها سوريا مع إسرائيل برعاية تركية واللقاء المرتقب بين الأسد والرئيس اللبناني ميشال سليمان في باريس. ويأمل ساركوزي قبل أن يتقدم خطوة إلى الأمام في علاقته مع دمشق بزيارة سوريا، أن تعترف هذه الأخيرة بسيادة لبنان, وتعين سفيرا لها في بيروت. فباريس ذحسب لوفيغارو- مقتنعة بأن عزل النظام البعثي السوري لن يزيده إلا انغلاقا على نفسه، ولذلك تراهن على إجراء حوار صريح مع هذا النظام الذي أثبت أنه محوري في تسوية أزمات الشرق الأوسط. الجنائية الدولية.. كثير من السياسة قليل من القانون اعتبر الباحث الفرنسي في المركز الوطني للبحوث العلمية بباريس , رولان مارشال , أن إصدار مذكرة توقيف دولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، لا يستند إلى أساس قانوني، كما أنه قد يقوض جهود السلام في دارفور. مارشال قال في مقابلة له مع صحيفة "لوموند "، إن الصراع في دارفور هو الذي يعبئ الرأي العام الغربي أكثر من غيره. وأشار إلى أنه من الناحية الإنسانية البحتة , تم تقويض هذه الأزمة, لكن الأمور تدهورت منذ فشل اتفاقيات أبوجا في مايو 2006. وأرجع الخبير هذا التدهور إلى الحكومة وإلى المليشيات التابعة لها من جهة, وإلى المتمردين من جهة أخرى. لكنه شدد على أن مشاكل السودان لا تقتصر على أزمة دارفور, مبرزا في هذا الإطار اتفاقيات السلام بين الحكومة والجيش الشعبي في الجنوب, محذرا من أن مذكرة اعتقال البشير قد تعيق التقدم في هذا المسار العسير أصلا. وفي رده على سؤال حول ما إذا كان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية, لويس مورينو أوكامبو , قد ذهب أبعد من اللازم برفعه دعوى ضد رئيس لا يزال على رأس دولته, قال مارشال إنه يبدو أن المحكمة تمارس كثيرا من السياسة وقليلا من القانون. وقال في هذا الإطار إن أوكامبو, الذي يحظى بشعبية كبيرة في العواصمالغربية ، ينظر إليه في عواصم دول العالم الثالث على أنه إحدى أدوات الغرب التي يستخدمها لتمرير وجهة نظره بوصفها وجهة نظر القانون الدولي. وحذر الباحث الفرنسي من أن تقديم مذكرة احتجاز بحق البشير لا يمكن في النهاية أن يقتصر عليه , بل سيطال رموز نظامه بأكمله, مما يضفي ضبابية على الدعوى المقدمة أصلا ضده ، ويهدد بتقويض المصداقية القضائية للمحكمة الدولية.