يجب أن نحيا الحياة الكونية،بشكل قوي يجعلنا نحس بأن العالم في أيدينا كتفاحة مقضومة بشغف حب المعرفة. ليست الحياة الكونية شيئا آخر،غير أن تحيا كما سائر الناس في عنفوان ومحبة وحيوية وعشق دائم. إن الذي يعشق الحياة بعمق يستطيع أن يحيا الحياة الكونية بعمق لا يضاهى. أن تعشق الحياة الكونية يعني أن تسير في اتجاه حركة الامتداد اللانهائية للحياة،أن تسير أو أن تسافر إلى التخوم القصوى لليل الحياة ولنهارها الوضاء. يلتحم الظل والضوء في فكر عاشق الحياة الكونية،وهو يغذي هذا الالتحام بأحلام مشتعلة،لا تنفك تتوالد وتتخلق يوما إثر يوم،إلى ما لا نهاية. في الظل نتنعم بالراحة،في الضوء نكدح إلى حد التعب. ما يقلق أكثر-من ضمن ما يقلق أكثر من غيره-في الحياة،أنها لا تمنحنا نفسها إلا بعد مراودتها مراودة الأسد لفريسته ! إذا ما بدت لك الحياة كسماء مهجورة،حاول أن تكسوها بالنجوم والكواكب المضيئة،إذ تستحيل بفعلك هذا حياة محتشدة بالضياء. لقد طمرت البومة العمياء في مكان ما،شجرة أنساب الأشياء،إن هذا يذكي إحساسنا بجدوى البحث عن الأشياء المطمورة،تلك الأشياء هي الحقيقة-الحقيقة ذاتها. تزداد الحياة تعقيدا في نظر من يرى أن شجرة أنساب الأشياء مغطاة بحجرالفلاسفة،بيد أن الحقيقة التي لا تخفى هي أن حجر الفلاسفة يشع،ومن شعاعه تزداد الشجرة نسوغا وفروعا وأغصانا وأماليد،ويضحي الشعاع شجرة سامقة بالضياء. لولا ما نبذله من جهود في جعل الحياة أجمل،ما كان لشجرة أنساب الأشياء أن تكون،ما كان لها من وجود. نحن مدينون للعمل الدؤوب في إيجاد الحقيقة،في إيقاظ من هم نيام، على الدوام،وفي نثر الضوء نثرا مشعا ملتفا كاللبلاب على قلب الحياة. أجد في محبة الحياة محبة للنور الذي منحه لي الآخرون،والذي ينبغي لي أن أمنحه للآخرين.إنها ليست منحة ولا هبة،إنها واجب الحياة الكونية. على عقل الحياة الكونية ألا يكون في حالة انتظار.عليه أن يكون في حالة انتظام،بحيث تتساوق الكلمات والأشياء،وتتصاقب لتصبح ما هي إياه في الأصل-أعني حجر فلاسفة-فلاسفة شغوفين بالحياة الكونية. أخي"صديقي"هاك حجر الفلاسفة،إنه يضيء في يدك،وإني لأراه يشع ،فأي كنز هو مِلك يمينك لو تحافظ عليه. بذرة نور نبذرها في التربة الخصبة كفيلة بإيقاظ شجرة أنساب الأشياء،لتتنفس الضياء،ذاك الضياء الذي يتراءى للقريب وللبعيد،ذاك الضياء الذي نرنو إليه دائما دونما شبع. لنرتوي بثمار شجرة أنساب الأشياء المثمرة بفاكهة المياه الذهبية الزرقاء،علينا أن نعطش إلى الحقيقة. من محبة الشعراء للحياة الكونية،انبثقت شجرة أنساب الأشياء،ومن الضياء الذي غمروها به تفتق حجر الفلاسفة،رابضا في نسغ الشجرة،يشع ويضيء،إشعاعا وضياء لا تنقضي سماواته-هذه السماوات ينبغي أن نحيا فيها كما لو كنا على حافة بحيرة جميلة. إن الحياة الكونية لا تنقضي وهي بحاجة-جديرة بالإعجاب-إلى إنسان ذي وقت لا ينقضي. لا ينقضي الوقت،ولا ننقضي نحن معه،هكذا ترحب الحياة الكونية رحابة الآفاق التي يرسمها الخيال المادي للإنسان.