أكد وزير الاقتصاد والمالية السيد نزار بركة على ضرورة أن تندرج "الرؤية الاستراتيجية لتنمية قارتنا ضمن دينامية للاندماج الإقليمي والتعاون جنوب-جنوب"، مسجلا أن المملكة تضع مسألة تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي مع إفريقيا في صلب أولوياتها. وقال السيد بركة، اليوم الثلاثاء بالرباط خلال افتتاح الدورة 27 للجنة الخبراء الحكومية الدولية بشمال إفريقيا والتي ستواصل أشغالها إلى غاية تاسع مارس الجاري حول "تحرير إمكانيات القارة الإفريقية كي تصبح قطبا للنمو في العالم .. دور شمال إفريقيا"، "إننا مدعوون، أكثر من أي وقت مضى، لتحرير إمكانات اندماج التجارة البين-إقليمية، بغرض النهوض بتنمية شاملة في منطقتنا بشمال إفريقيا، وبمجموع القارة ككل". وأشار الوزير إلى أنه بمقدور بلدان شمال إفريقيا أن تضع خبراتها في خدمة البلدان الإفريقية الأخرى كجزء من دينامية جديدة بين بلدان الجنوب-جنوب، والتي أصبحت ضرورية أكثر في ظل السياق الحالي، مسجلا أن جغرافية جديدة للتنمية آخذة في التشكل عبر العالم، وأن الوقت قد حان بالنسبة لإفريقيا لاغتنام الفرص التي تتيحها التنمية الاقتصادية لاستدراك التأخير المتراكم وللتموقع كقطب للنمو في العالم. وعلى صعيد آخر، أكد السيد بركة على أهمية موضوع هذا اللقاء، بالنظر لما تستحقه إمكانات التنمية في هذه القارة من فرص لتسليط مزيد من الضوء عليها، وأيضا لراهنية النقاش حول سبل تمكين إفريقيا من موقع جديد لها على خارطة التنمية والاقتصاد الدولي. كما لاحظ المسؤول المغربي أن الإصلاحات السياسية والاجتماعية، التي اعتمدت مؤخرا في عدة بلدان إفريقية بغرض تعزيز التوازنات الماكرو-اقتصادية، تمنح فرصة تاريخية للمضي قدما من أجل جعل إفريقيا قطبا حقيقيا للتنمية في العالم. واعتبر المسؤول المغربي، في هذا السياق، أن شمال إفريقيا تتوفر، من خلال موقعها الجيو- استراتيجي وإمكاناتها الاقتصادية والاجتماعية وكذا مستوى تطورها، على مؤهلات من شأنها أن تمكنها من الاضطلاع بدور رئيسي لتحقيق هذا الهدف، مشيرا إلى أن صيغة حكامة جديدة هي في طريقها للتشكل وترسيخ وجودها بهذه المنطقة، ومن شأنها أن تضع الاندماج الإقليمي في صلب اختياراتها الاستراتيجية لبناء التنمية. وسجل السيد بركة أنه في الوقت الذي ما تزال فيه التنمية في الاقتصادات الكبرى تسير بخطوات متعثرة، أبانت القارة الإفريقية على مدى العقد الماضي عن دينامية اقتصادية مطردة مكنتها من تحقيق معدل نمو تجاوز أكثر من 5 في المائة، كاشفة عن بعض من الصلابة في التكيف مع الأزمة الاقتصادية والمالية الدولية، دون أن تتمكن، مع ذلك، من تحقيق استفادة كاملة من إمكاناتها التنموية. وعلى صعيد آخر، رحب السيد نزار بركة بالتوجه الأخير الرامي إلى "إحياء اتحاد المغرب العربي، الذي يمثل مبادرة واعدة ستكون بمثابة نموذج لإطلاق التجمعات الإقليمية الأخرى، وذلك في إطار روح من التكامل"، مشيرا إلى أن المغرب عمل على الدوام من أجل بناء فضاء إقليمي متكامل، وهو دائم الاستعداد لدعم أي مبادرة على مستوى شمال إفريقيا تهدف إلى تعزيز ديناميات التكامل الإقليمي. ومن جانبه، استعرض الأمين العام لاتحاد المغرب العربي السيد حبيب بن يحيى حصيلة الدورة 30 لمجلس وزراء خارجية بلدان اتحاد المغرب العربي، ذات الصلة بإرساء الاندماج المغاربي على أرض الواقع، وتثمين دور المغرب العربي في مجال التنمية المستدامة على المستويين الإقليمي والدولي. وقال إن الدورة الأخيرة للمجلس "أعطت دفعة جديدة لتحقيق الاندماج الاقتصادي المغاربي، لاسيما من خلال دعوته إلى دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، وإعطاء الأولوية لهذه القطاعات الواعدة مثل الطاقات المتجددة والتعاون المصرفي، ودعوته إلى تحسين مناخ الاستثمار"، مضيفا أن من شأن هذه الإجراءات أن تكون لها آثار إيجابية في الحد من البطالة التي تمثل مصدر قلق كبير بالنسبة لجميع بلدان شمال إفريقيا بدون استثناء. وأضاف أن المجلس دعا أيضا إلى تسريع اعتماد المشروع النهائي لمنطقة التبادل الحر المغاربية خلال اجتماع وزراء التجارة والزراعة، المتوقع انعقاده قريبا بطرابلس، وكذا إكمال الإجراءات اللازمة لإنشاء البنك المغاربي للاستثمارo باعتباره مؤسسة سيعهد لها بمهام تمويل المشاريع التي ستسهم في تحقيق التكامل بين البلدان المغاربية. وذكر بأن المجلس كان قد أعرب عن ارتياحه لانعقاد الدورة الثالثة للاتحاد المغاربي لرجال الأعمال في مراكش ما بين 17 و19 أكتوبر المقبل. كما أبرز السيد الحبيب بن يحيى مساهمة الشباب في التنمية، مشيرا إلى أن الأمانة العامة بصدد التحضير للمؤتمر المغاربي المقبل للشباب الذي ستحتضنه الرباط ما بين ثاني ورابع أبريل المقبل. وبعد استعراضه للتحديات الرئيسية التي تواجه المنطقة المغاربية، بما في ذلك نقص الموارد المائية (64 في المائة)، والتصحر، وتدهور التنوع البيولوجي وتأثير التغيرات المناخية، لاحظ السيد حبيب بن يحيى، في المقابل، وجود حصيلة جيدة في مجال مكافحة الفقر وحماية البيئة منذ قمة الأرض الأولى سنة 1992. وخلص إلى أن هذه التحديات تتطلب الكثير من التنسيق لتحقيق التنمية المستدامة، معبرا عن الأمل في أن تنخرط المنظمات الإقليمية والدولية والمؤسسات والمنظمات المغاربية في مشاريع مشتركة من شأنها أن تسرع اندماج المغرب العربي وتثمن الدور المتميز الذي ينبغي أن تضطلع به هذه المنطقة من العالم في التنمية العربية والإفريقية والأورو- متوسطية. وستبحث الدورة 27 للجنة الخبراء الحكومية الدولية، التي ينظمها على مدى أربعة أيام مكتب شمال إفريقيا التابع للجنة الأممالمتحدة الاقتصادية لإفريقيا، التقارير التي أعدها المكتب حول عدد من المواضيع ، منها على الخصوص، " تطور المؤشرات الماكرو اقتصادية والاجتماعية ما بين 2010 -2011 " و"آفاق التكامل الإقليمي بشمال إفريقيا" و"تنفيذ برنامج متعدد السنوات للتعاون" و"واقع حال تنفيذ الأهداف الإنمائية للألفية" و"مستويات التقدم والتحديات التي تواجه شمال إفريقيا ( ريو + 20 )". كما سينبري المشاركون، في هذا اللقاء الدولي، إلى مناقشة "دور شمال إفريقيا لتحرير إمكانات إفريقيا باعتبارها قطبا للنمو في العالم" و"تحديات التنمية المستدامة وانتظارات ريو +20" و"الاقتصاد الأخضر، أو التحدي من أجل النهوض بتنمية مستدامة واندماج اجتماعي". ومن المنتظر أن تخلص أشغال الدورة 27 للجنة الخبراء الحكومية الدولية إلى تسطير سلسلة من التوصيات وصياغة تقرير رسمي سيتم عرضه للنقاش والبحث من أجل اعتماده من قبل مؤتمر وزراء التخطيط والمالية والتنمية الاقتصادية للجنة الاقتصادية لإفريقيا.