دمى عملاقة، صغيرة مصنوعة من الخشب من القماش من الورق من العلب من القصب من العصي ومن الخيطان، أذواق مختلفة متنوعة... أطفال من المدينة... أطفال في عمق الريف الجميل للوطن القبلي. جميع الأذواق والأشكال... جميع التقنيات والتخيلات ستدخل إلى لقاء دولي على امتداد أسبوع كامل، سيتحرك كل شيء كل المواد السكر الزيت الألوان الطبيعية والحيوانية القماش العصي الصغيرة كل شي سيتحرك بجمالية مطلقة فتأسرك الدمى حيث تعجز أمام تلك الروعة التي تحول المادة الجامدة إلى حيوية متدفقة. فبالتعاون مع وزارة الثقافة التونسية، ينطلق المهرجان العالمي لفن العرائس ب"نابل" من 18 الى 25 مارس 2012 في دورته الأولى وذلك بالتواصل مع المركز الثقافي والجمعية التونسية لخريجي معاهد الفنون الدرامية بالتعاون مع المعهد العالي للفن المسرحي. ويعرض المهرجان مسابقة نموذجية للمختصين والحرفيين في مجال مسرح العرائس، وذلك بتقديم عمل في 10 دقائق تسند له مجموعة هامة من الجوائز إضافة إلى إمكانية مساعدة الشباب وأصحاب الشركات الصغرى على توفير دعم مالي بالإتفاق مع رعاة المهرجان. ويستقبل المهرجان الذي تدعمه المندوبية الجهوية ب"نابل" برعاية وزارة الثقافة مجموعة من المشاركات الدولية من "مصر" و"الأردن" و"العراق" إضافة إلى "إيران" و"أذربيجان" و"فرنسا". ويشرف على تحضيرات المهرجان كل من مديره السيد "طاهر العجرودي" و"وليد عبد السلام" إضافة إلى "حسام الساحلي" و"فوزي بن حفصية" و"أيمن زين الدين". يذكر أن مسرح العرائس ظهر قديما عند المصريين القدماء (الفراعنة)، والصينيين، واليابانيين (مسرح بونراكو)، وبلاد ما بين النهرين و"تركيا"، بيد أن اليابانيين تفننوا فيه حتى أصبح مسرح العرائس إحدى أدوات التعليم والتلقين. تاريخ العروسة: أما كيف فإن لهذه المدينة الوديعة اللطيفة الرقيقة كموج بحر المتوسط تاريخ مع العروسة التي استطاعت أن تجوب العالم بأسره دون جواز سفر واليوم في "نابل" هي أصل عروس السكر التي يحتفي بها أهل المدينة ويخصصون لها موسما كل سنة . هذه العروس التي تهدى للأطفال بمناسبة الإحتفال برأس السنة الهجرية *ليست مجرد حلوى لذيذة وشكل جميل - خاصة وأن «النابلي» يبرع دائما في ابتكار أشكال جديدة وإنما هي ظاهرة تدارسها العلماء في كافة أرجاء العالم لارتباطها تقريبا بكل الديانات فهي عادة يشترك فيها التونسي والمغربي والمصري والتركي والروسي والروماني والأمريكي... ومازال العلماء إلى يومنا هذا يبحثون عن جذور عروس السكر. ويؤكد الباحثون أن ظاهرة عروس السكر تعود إلى عهد الفراعنة. فقد كان الفراعنة يقدمون القرابين إلى موتاهم وكانت عروس السكر تقدم قربانا بل ويذهب البعض من العلماء أنها تمتد إلى ما قبل التاريخ.. والمهم أنها ظاهرة إنسانية موجودة مع وجود الإنسان على اختلاف استعمالاتها. والمؤكد حسب الأبحاث التاريخية المتعلقة بخصائص عرائس السكر في كل من "مصر" و"تونس" أن الخلافة الفاطمية هي التي نقلت الظاهرة من "تونس" إلى "مصر". وكان الفاطميون يخصصون أكثر من عشرين قنطارا من السكر ويكلفون مسئولا من الحكومة يشرف على صناعة السكر. لقد تفرد كل بلد في طريقة صنع عروسة السكر وتقديمها. ففي "مصر" لا تلون عروس السكر وإنما يتم تزيينها بالأوراق الملونة حتى تكون صالحة للأكل. وفي "تونس" وبالتحديد في "نابل" هي صالحة أيضا للأكل لأنها تلون بألوان طبيعية نباتية أو حيوانية. ويعود انتشار عروس السكر في "مصر" إلى ما يناهز عشرة قرون وارتبطت بالإحتفال بعيد المولد النبوي الشريف على عكس "نابل" التي تحتفي بعروس السكر بمناسبة رأس السنة الهجرية. ومن عادات المصريين تقديم هذه العروس للعروسة ليلة الزواج أو بعد أسبوع من زواجها. ويقدم أهل "نابل" العروس للطفل في مثرد والمثرد هو عبارة عن صحن مملوء بجميع أنواع الحلوى والفاكهة وتوضع فوقه العروس. وتتفق "نابل" و"سيسيليا" في تقديم عرائس السكر للأطفال غير أن الأغراض مختلفة فإن كانت "نابل" تربط الهدية بالفرح فإن في "سيسيليا" ترتبط بذكرى الأموات. وفي المغرب نصنع عروس السكر دون ساق أو يد أو أصابع المهم أن تكون غير مكتملة حتى لا تبعث فيها الحياة إذ كان يتصور المغربي أنه إذا صنع عروسا بكامل أجزاءها ثم أكلها فإنه يوم القيامة سوف تنتقم منه «روح» العروس. ولعل هذه المقدمة كانت ضرورة للبحث عن مبرر موضوعي للحديث عن مهرجان متكامل يستدعي العالم للإحتفاء بفن العروسة و مسرح العرائس. ومن المعروف أن مسرح العرائس له عدة مصطلحات ومفاهيم مترادفة أو شبه مترادفة، منها: مسرح الدمى، ومسرح الماريونيت، ومسرح الكراكوز، ومسرح الأراجوز، ومسرح قره قوز، ومسرح قرقوش... فإذا كانت الدمى والعرائس والماريونيت كائنات جامدة مصنوعة بأدوات ومواد مختلفة يحركها اللاعب أو الممثل فوق الخشبة الركحية لأداء مجموعة من الأدوار التشخيصية الدرامية، فإن كلمة الكراكوز أو قره قوز تركية الأصل "مؤلفة من لفظين: قره، ومعناها أسود، وقوز ومعناها عين، فالمعنى الكامل(العين السوداء)، وسمي بذلك أن الغجر السود العيون هم الذين يؤدونه، أو لأنه ينظر إلى الحياة بعين سوداء أو من خلال منظار أسود، لأن القره قوز يقوم على الشكوى من الحياة ومحنها ومفاجآتها وتقلب أحوالها ونقدها. وزعم المستشرق (ليتمان) أن لفظة قره قوز تحريف لإسم (قرقوش) الذي كان وزيرا في عصر الأيوبيين وقد اشتهر بالظلم إن حقا أو باطلا." وعليه، فمسرح العرائس والدمى هو مسرح يعتمد على تشغيل الدمى أو الكراكوز والماريونيت بطريقة دراماتورجية فنية للتثقيف تارة وللترفيه تارة أخرى. وهو أيضا مسرح مكشوف يعرض قصصه في الهواء الطلق، وله ستارة تنزل على الدمى أو ترتفع عنها. أما الممثلون فشخص واحد أو أكثر وقد يصلون إلى خمسة، وهم على شكل دمى محركة بواسطة أيدي اللاعبين من تحت المنصة أو بواسطة الخيوط.