ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة الإنسحاب من بلاد الرافدين
الحصيلة صفر للحرب الأمريكية على العراق
نشر في العلم يوم 20 - 12 - 2011

يقدر عدد من رواد الفن السابع أن الولايات المتحدة وخاصة شركاتها العملاقة في هوليود هي الأقدر والأكثر براعة على الصعيد الدولي في الانتاج السينمائي وخاصة ما يتعلق بالأعمال الضخمة والمكلفة وكذلك قدرتها على توظيف المؤثرات الخاصة التي يمكن أن تصور للمشاهد أنه يعيش في كوكب وعوالم أخرى.
المشاهد التي بثتها تلفزات العالم مع نهاية سنة 2011 حول ما أطلق عليه الانسحاب الأمريكي من العراق كانت في نظر المراقبين باهتة وعاجزة عن أن تنقل للمشاهد ما أراد المخططون السياسيون في واشنطن أن يشعروا به الرأي العام، وهو أن الولايات المتحدة تنسحب ورأسها عاليا بعد أن لم تخسر حربا، وبعد احتلال استمر حتى حينه زهاء تسع سنوات في بلاد الرافدين، سبقته حروب أخرى بالوكالة حركتها واشنطن وحلفائها، وعرفت انطلاقتها الكبرى في شهر سبتمبر سنة 1980.
صور من الفيتنام
المعطيات المتوفرة حول حول انسحاب آخر الوحدات العسكرية الكبرى من العراق تعيد إلى الذاكرة صور الانسحاب الأمريكي خلال شهر مارس 1973 من جنوب الفيتنام، والذي احتفظت واشنطن رغمه ببضعة آلاف من المستشارين الذين وصفوا بغير العسكريين في البلاد بهدف تأطير قوات حكومة سيغون ومساعدة إدارتها.
ملحمة مقاومة الشعب الفيتنامي للإحتلال توجت بالنصر بينما كان الأمريكيون يتعاملون مع إسقاطات فضيحة ووترغيت، حيث شن ثوار الفيتكونغ كما سماهم الأمريكيون هجوما كاسحا في الجنوب محررين مدينة رئيسية تلو أخرى في يناير 1975، ثم تابعوا هجومهم الكاسح الذي توج بدخول سايغون يوم 30 إبريل من نفس السنة. وبعدها تم توحيد الفيتنام، وتكبدت الولايات المتحدة أكبر هزيمة في تاريخها.
نصر الفيتناميين لم يكن سهلا، لقد ضحوا من أجله ولضمان وحدة البلاد بأكثر من مليون ومئة ألف قتيل و3 ملايين جريح
ونحو 13 مليون لاجئ، ولكنهم في النهاية كسبوا ما لا يقدر بثمن.
الإنسحاب تحت جنح الظلام
يوم 16 ديسمبر 2011 كتب المحلل وليام دنلوب في وكالة فرانس برس من منطقة الاسكندرية الواقعة على مسافة 50 كلم جنوب العاصمة العراقية بغداد: "تتدفق الآليات العسكرية ضمن موكب طويل من قاعدة في وسط العراق، حاملة على متنها 99 جنديا امريكيا في مهمة أخيرة عنوانها: بلوغ الكويت بسلام.
على الطريق السريع المؤدي الى الحدود العراقية الكويتية، يحافظ الجنود المتمركزون في آلياتهم التي تحمل عبارة "مضادة للالغام، محمية من الكمائن"، على استنفارهم الكامل.
ويتناقل هؤلاء الجنود عبر اجهزة البث الاسلكي تفاصيل أمور قد تشكل تهديدات محتملة، مثل السيارات المشتبه فيها.
وتبقى الاضواء مطفأة داخل العربات، فيما تبدو الرؤية محدودة بسبب ضيق النوافذ، وهو أمر ينسحب على المساحة المخصصة للجنود انفسهم، الذين يتحركون في مساحة صغيرة جدا ضمن رحلة يزيد من صعوبتها ارتداء هؤلاء الجنود للدروع والقبعات المضادة للرصاص والشظايا.
ورغم ذلك، فان جل ما ينشغل به جنود كتيبة الدعم 115 المنتمية الى لواء القتال الأول، هو المضي في هذه الرحلة الاخيرة من دون التعرض لأي حادث، ما يجعلهم يتفقدون بشكل مستمر معداتهم واسلحتهم.
ويقول النقيب ماكفرين ماكدونالد "احافظ على حذري طوال الوقت لأن احتمال التعرض لحادث أمر محتمل، الا انني ابقي على حماستي ايضا". ويضيف فيما يتفقد امتعته داخل احدى العربات "ادعو الله كي لا يصيبنا أي مكروه، رغم انني مستعد لمواجهة أمر مماثل ان حدث. من المثير التفكير في ان هذه آخر مهمة لنا".
من جهته يعبر الرقيب ستيفن بوير عن "شعور جيد، الا انني كنت اتمنى لو أن رحلة الانسحاب حدث في وقت سابق لأن خسائرنا البشرية كانت ستكون أقل".
وكان الموكب المؤلف من 21 آلية قد انطلق من قاعدة كالسو قرب الاسكندرية حيث سار لمدة ثماني ساعات قبل ان يبلغ معسكرا على بعد حوالى 273 كلم جنوبا. وبعيد منتصف الليل بقليل، توقف الموكب من جديد قرب معسكر آدر لمدة ساعتين بهدف اصلاح عجلة احدى الآليات. وعند بلوغ قاعدة الامام علي في الناصرية 305 كلم جنوب بغداد، استراح الجنود لمدة ست ساعات قبل ان يكملوا طريقهم نحو الكويت.
وعند بلوغهم الكويت، يتحمس الجنود الامريكيون. ويقول الجندي دان ماتا الذي شارك في ثلاث مهمات في العراق منذ عام 2003 "لقد انتهينا الآن من العراق، إنه أمر رائع".
مليون جندي أمريكي
هكذا بعد زهاء تسع سنوات من الحرب بما مجموعه أكثر من مليون جندي أمريكي وإنفاق ما يزيد على 2900 مليار دولار امريكي بناء على تقدير مصادر مستقلة، وحوالي 1200 مليار دولار حسب مصادر البيت الأبيض الرسمية لم تستطع واشنطن تأمين إنسحاب سلس لقواتها.
يوم السبت 17 ديسمبر 2011 جاء في قصاصة لوكالة أسوشيدت برس: "دون لغط تمت يوم الخميس 15 ديسمبر وبأحد أطراف مطار بغداد القريب من الطريق الرئيسية المؤدية إلى وسط المدينة، والتي شهدت أولى معارك الجيش الأمريكي وهو يشق طريقه إلى العاصمة العراقية قبل ثماني سنوات، المراسيم الرسمية للإنسحاب وفي ذلك الاحتفال البسيط ألقيت خطب تكرم الجنود الذين سقطوا وأطلقت وعود بالالتزام الأمريكي تجاه العراق وعدم تخليها عنه، فضلا عن تصريحات فضفاضة وغامضة حول النجاح المتحقق في العراق مع تحذيرات بالتحديات المستمرة. وفيما كانت الموسيقى العسكرية تصدح في المكان، أُنزل العلم الأمريكي من مقر البعثة الأمريكية، ثم كان ذلك كل شيء، لم نشهد تصريحات رنانة عن النصر المؤزر، ولا مظاهر احتفالية صاخبة وابتهاج بالنهاية، بل فقط شعور عميق بأن الحرب الحقيقة ما زالت لم تنته حتى والدور الأمريكي فيها لم يصل إلى منتهاه.
بهذه المراسيم ذكر أن الجيش الأمريكي انسحب من ما مجموعه 505 قاعدة عسكرية بالعراق.
وألمح الجنرال ليود أوستين، القائد السادس للقوات الأمريكية في العراق والجنرال الأخير الذي يتولى هذه المهمة، إلى الشكوك المستمرة حول المستقبل عندما تحدث عما سماه الفرص التي فتحتها القوات الأمريكية أمام العراقيين، دون أن يبدو هو نفسه مقتنعا تماما بهذا الكلام، ليتابع تحذيره من الجماعات المسلحة التي قد تقوض المكاسب التي حققتها القوات العراقية في السنوات الأخيرة. وقال الجنرال "أوستن" أمام مجموعة صغيرة من القوات الأمريكية والأعيان داخل المعسكر: "لا شك أننا أمام تحديات كبيرة بالنسبة للعراق وجيرانه، لكن العراق لديه القدرة على الزعامة إذا انتهج الطريق الصحيح".
في شوارع العراق قال معظم العراقيين إنهم فرحون لجلاء القوات الأمريكية من بلادهم، وفي مدينة الفلوجة التي شهدت معارك ضارية بين الثوار العراقيبن وقوات المشاة البحرية الأمريكية في عام 2004 ثم سنة 2006، سادت مشاعر الفرح العارم، وأحرق السكان الاعلام الأمريكية كما طالبوا برحيل الساسة الذين أتو على دبابات الغزو.
رغم الضجة التي أثارها البيت الأبيض ودفع من أجلها المال الكثير لتعمم على وسائل الإعلام الدولية حول نهاية التدخل العسكري الأمريكي في بلاد الرافدين، قال وزير الدفاع الأمريكي، ليون بانيتا، وهو المسؤول الأمريكي الأبرز الذي حضر مسرحية ما سمي فعاليات الانسحاب، إن الدور الأمريكي في العراق لم ينته، حيث سيتم إنشاء مكتب للتعاون الأمني في العراق برعاية السفارة الأمريكية في بغداد ويضم 157 عسكريا لمواصلة دعم وتدريب القوات العراقية، كما ستعمل وزارة الخارجية الأمريكية على توظيف آلاف المتعاقدين الأمنيين لتولي العديد من المهام التي كان يتولاها الجيش الأمريكي ولا يمكن الاستغناء عنها بالنظر للوضع الخطير في العراق.
وأضاف ليون بانيتا "ستظل التحديات قائمة لكن الولايات المتحدة ستكون حاضرة للوقوف الى جانب الشعب العراقي".
ما لم يتم التطرق إليه على نطاق واسع في وسائل الاعلام هو أن الإدارة الأمريكية وظفت وتوظف في العراق عشرات الآلاف من متعاقدي شركات الأمن الخاصة أو ما يعرف بشركات المرتزقة. بعض التقارير الأوروبية المصدر أشارت أنه في نهاية سنة 2010 كان في العراق أكثر من 124 ألف من قوات الأمن الخاصة التي تم التعاقد معها أما عبر وزارة الخارجية الأمريكية أو السلطات في بغداد أو شركات النفط الدولية وغيرها التي تعمل في بلاد الرافدين. ويضاف إلى هؤلاء وحدات عسكرية كاملة من إيران تضم كتائب ما يسمى حرس الثورة، الذين رغم ما يدور من تنازع على النفوذ وتقاسم الغنائم بين طهران وواشنطن، فإنهم عملوا منذ بداية الغزو سنة 2003 على التعاون مع الجيش الأمريكي في مواجهة المقاومة العراقية.
عاصمة الكذب
يوم السبت 17 أورد الصحفي والكاتب في مجلة "فورين بوليسي" ديفيد روثكوبف في مقال نشرته المجلة ما يصفه بأنه "أكبر 14 كذبة" لشخصيات سياسية بارزة خلال العام 2011 بمناسبة قرب إنتهاء العام، وهي كذبات تتعلق بقضايا تمتد من العراق إلى إسرائيل وشؤون أخرى غيرهما. ويمهد روثكوبف لهذه الكذبات بهذه المقدمة: "أعيش في واشنطن حيث الكذب شكل من أشكال الفن. وإذا كان هذا يوحي بنية فنان، فإن الكذب هنا في العاصمة أكثر تلقائية، كالتنفس أو أخذ أموال نقدية من قطط سمينة. ولكن عندما تعيش في مكان كهذا، إذا أمكنك أن تسميه عيشاً، حيث دربنا الفئران الخلوقة على أن تنتج روث ثيران، فانك تكتسب مهارة تقدير كذبة جيدة. بعض الأكاذيب يبرز بفضل حبكته الحاذقة وتكاد تبدو كأنها حقيقة.
الرئيس أوباما يريد اخراج المصالح الخاصة من الحياة السياسية الأمريكية. وبعضها يستحق الذكر لما تتسم به من جرأة وقحة نيوت غينغريتش اطاح بالشيوعية. وبعضها يستحوذ على اهتمامنا بسبب قدرة مؤلفيها على القائها بجدية مِت رومني يقول ان لديه قناعات سياسية يتمسك بها يمسكاً عميقا.
ولكن في كل سنة توجد كذبات مختارة تقدم هنا وعلى المسرح العالمي وتبدو مميزة. أنها الكذبات الكبيرة التي ميزت زماننا.
واسمحوا لي أن أعطي بضعة أمثلة فقط من مجال السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وبعدئذ، اذا كان عندكم المزيد من الاقتراحات، فارجو ان ترسلوها إليَ. في يوم ما قريب نعتزم بناء متحف كذب في وسط المدينة ليكون هناك نصب يجسد جوهر هذا المستنقع الآسن.
1- هذه القمة المقبلة للقادة الأوروبيين ستكون حاسمة..لقد سمعنا هذه مرة كل بضعة اسابيع منذ اشهر الآن. وفي كل مرة تنخدع بها اسواقنا المالية التي يفترض انها متقدمة مرة اخرى. انها كمسألة لوسي وكرة قدم تشارلي براون. متى سنتعلم؟
2- الحرب في العراق انتهت بعد 9 سنوات". كثير من الاحتفال اليوم بسبب هذه "الحقيقة". تبدو مسألة واضحة. ولكن، طبعاً، نحن بقينا منخرطين عسكرياً بطريقة او اخرى مع العراق منذ اوائل تسعينات القرن الماضي. هذه مجرد نهاية واحدة من سلسلة حروب في المنطقة. واراهن على انها لن تكون الاخيرة.
3- مهمة امريكا في العراق كانت ناجحة". انظر الى الكذبة السابقة. المكان مقسم، غير ديموقراطي، متأثر بقوة بالنفوذ الايراني، فاسد، وغزونا كلفنا تريليون دولار، وآلاف الارواح الامريكية، ومئات آلاف الارواح العراقية، وسمعتنا القومية. انظر في القاموس الى معنى كلمة "فياسكو" "فشل ذريع". هناك صورة متأنق يرتدي سترة طيران واقفا على سطح حاملة طائرات امام لافتة تقول المهمة انجزت.
4- نحن نحقق الفوز في افغانستان". جاءت احدث نسخة لهذا الصياح من وزير الدفاع بانيتا خلال زيارته قبل ايام الى افغانستان.
يصدقون أكاذيبهم
تفيد مصادر رصد عديدة شرقية وغربية أن سيل الأكاذيب الذي روجت له أساسا واشنطن خلط الأمور حتى بالنسبة لهؤلاء الذين إنتظروا طويلا ليحصدوا ثمار حرب الغزو لأرض أحد أقدم حضارات الإنسانية.
وهكذا أفادت صحيفة "فايننشال تايمز" خلال شهر ديسمبر 2011 أن الحكومتين البريطانية والأمريكية على حد سواء كثفتا جهود تشجيع الاستثمار في العراق من خلال إرسال وفود تجارية رفيعة المستوى إلى بغداد، وعقد مؤتمرات تجارية.وأضافت إن الولايات المتحدة تنسحب من العراق بعد نحو تسع سنوات، أنفقت خلالها تريليون دولار، وفقدت 4487 جنديا، إلى جانب 179جنديا بريطانيا، تاركة الغنائم الاقتصادية الواسعة للبلاد لدول لم تؤيد ولم تشارك في الغزو، الذي قادته عام 2003، لإطاحة نظام الرئيس صدام حسين.
وأضافت الصحيفة إن إيران وتركيا والصين وكوريا الشمالية والدول العربية تستثمر الآن مليارات الدولارات في العراق، وتجاوزت بكثير استثمارات الولايات المتحدة وبريطانيا في كل قطاع من القطاعات غير النفطية، من وسائل النقل والاتصالات إلى السكن والبناء.
وأشارت إلى أن الشركات الأمريكية والبريطانية كانت قد فازت بعقود مربحة في وقت مبكر في قطاعي النفط والغاز، لكن استثمارات البلدين كانت متواضعة خارج نطاق قطاع الطاقة.
في التوقيت نفسه نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقالا للكاتب "ريدر فيزر" المتخصص فى شؤون العراق والباحث في المعهد النرويجي للشؤون الدولية قال فيه "إن الأمريكيين يتركون العراق وهو غير مستقر سياسيا ويتصاعد فيه العنف بشكل مستمر. ورأى فيزر أن الأمريكيين أخطأوا، مشيرا إلى تورطهم فى إقامة نظام حكم يستند إلى الحصص الطائفية بدلا من إرساء دعائم حكم وطنى وإسلامى معتدل.
وأشار إلى أن النظام في بغداد صار رهينةً لنوازع الاسلاميين الموالين لايران بينما همش معظم السنة والعلمانيين في الحكومة. فحكومة بغداد الحالية اكبر حجما من اللازم وضعيفة لدرجة لا تستطيع معها تطوير اي سياسات مترابطة او صد النفوذ الايراني.
واستمر الكاتب في توجيه اللوم للسياسة الأمريكية في العراق قائلا: "إن تلك السياسة القائمة على الطائفية المعيبة كان لها الثقل الأكبر في تكوين العراق الحالي، وتلك السياسة هي المسؤولة عن ترك الولايات المتحدة اليوم للعراق وهو يعاني عدم الاستقرار".
وسرد فى مقاله "التاريخ السياسى للعراق منذ الغزو الأمريكى عام 2003"، تبني الأمريكيين لنظام الحصص الطائفية، الذى وسع من التصنيف الفئوي في الساحة السياسية للعراق، "فبعد أن كان الأمر يقتصر على عرب وأكراد، أضافوا إليه البعد المذهبي، الأمر الذي أدى بقسم من العراقيين المعتزين بعروبتهم لأن يشعروا بأنهم غرباء داخل وطنهم".
واتهم والباحث في المعهد النرويجي للشؤون الدولية واشنطن بالعمى السياسي.
وذكر فيزر أن إدارة الرئيس باراك أوباما استمرت برمي كامل ثقلها وراء القضايا التي تتعلق بالمثلث العراقي الذي أوجدوه، أي الشيعي السني الكردي، وبهذا صعدت من التوتر الطائفي بدلا من أن تساعد في تخفيفه.
غير أن ملاحظين يعقبون على كلامه ويقولون: هذا لم يكن عمى سياسيا بل مخطط مدروس منذ مدة طويلة، ويقضي بتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات تتحكم في مصيرها وثرواتها واشنطن بعد أن توكل مهمة السيطرة الأمنية عليها وفي نطاق المشاركة في تقاسم الغنائم إلى كل من طهران وأنقرة.
قلعة صليبية
قبل أشهر من إنطلاق مسرحية ما سمي بالانسحاب الكامل لقوات الغزو الأمريكي من العراق، كشفت إدارة واشنطن أن سفارتها في بغداد ستضم 16 ألف شخص بين دبلوماسي وعامل. وإدعى المتحدث باسم السفارة ديفيد رانز، إن مهمة السفارة ستكون تقليدية ولكن دون أن يفسر سبب وجود هذا العدد الضخم من الأمريكيين ودون أن يبين كم من الجنود الأمريكيين سيكونون مكلفين بحمايتهم، مع العلم أنه مع إقتراب سنة 2011 من نهايتها تكثف قصف المقاومة العراقية بالصواريخ لمقر السفارة وهي الأكبر على الصعيد العالمي.
ويذكر أن جين لوفلر الخبيرة في هندسة السفارات، قالت في وقت سابق أن السفارة تشبه قلعة من قلاع الصليبيين "التي انتشرت في الزمن الغابر في منطقة الشرق الأوسط"، وقال عنها من رآها إنها "قلعة داخل قلعة"، فهي أضخم سفارة في العالم، وتقع في "المنطقة الخضراء" المحصنة، مساحتها 104 هكتارات وتعد أكبر بستة إضعاف من مجمع الأمم المتحدة في نيويورك، وبعشرة أضعاف من السفارة الأمريكية الجديدة التي يجري بناؤها في بكين على مساحة 10 هكتارات.
وفيها 20 مبنى، منها ستة مجمعات سكنية تضم 619 شقة، ومبنيان للإدارة يتسعان لحوالي 1000 موظف، ومساكن خاصة متميزة للدبلوماسيين رفيعي المستوى، ويتوافر في مجمع السفارة كل ما يحتاج إليه أفرادها فلن يجدوا الحاجة لمغادرتها، إذ هناك سوق للتبضع، وصالة للسينما، وصالون للتجميل، وملعب رياضي، ومسبح، وساحات للعب التنس، ومدرسة، وناد خاص للمناسبات الاجتماعية.
وقد وجه محللون سياسيون الكثير من الانتقادات للسفارة، التي اعتبروها رمزاً للعزلة الأمريكية، وإشارة إلى الثقة الأمريكية الضعيفة بمستقبل العراق كما حلمت به إدارة بوش يوم قررت احتلال بلاد الرافدين، والواقع أنه يمكن أن نختصر كل تلك الانتقادات في تعليق واحد جاء بقلم المهندسة جين لوفلر تقول فيه "إذا كان للعمارة أن تعكس المجتمع الذي أنجبها، فإن السفارة الأمريكية الجديدة في بغداد تقدم تعبيراً بشعا عن نظرة أمريكا إلى العالم، فعلى الرغم من تكرار الحكومة الأمريكية القول إنها تثق بمستقبل العراق، فإن تصميم سفارتها لا يوحي بذرة ثقة لها في العراقيين ولا بأي أمل لديها في مستقبلهم، فهي، بدلاً من ذلك، قد شيدت قلعة لضمان المحافظة على وجود كبير ودائم بوجه عنف متواصل".
واشنطن لا تريد سوى تنفيذ مخطط المحافظين الجدد لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الكبير أي تقسيم دوله إلى ما بين 54 و 56 دويلة على أسس طائفية وعرقية، والتحكم في أكبر مخزون نفط مؤكد في العالم أي أكثر من 540 مليار برميل من النفط. ويجدر التذكير أنه قبل سنة 2003 أفادت تقارير أمريكية رفعت إلى البيت الأبيض أن العراق يمتلك رصيدا من النفط يفوق ما لدى السعودية بأكثر من 220 في المائة وهي التي كانت حتى ذلك الحين الأولى في الترتيب العالمي.
ثلاثة أهداف
تقدر مصادر رصد غربية أن إدارة أوباما وهي تقوم بعملية الانسحاب التي لا يمكن نعتها إلا بالجزئية من العراق أرادت الوصول إلى ثلاثة أهداف:
1 - تقديم إثبات للرأي العام والأمريكي خاصة مع بدء الحملة الانتخابية الرئاسية أن الرئيس الأمريكي وفى بوعوده بالانسحاب.
2 - تم تأمين السيطرة على أهم منابع الطاقة في العالم وبالتالي ضمان قدرة الاقتصاد الأمريكي على الصمود في وجه الأزمات والمنافسة الصينية الروسية الشرسة.
3 - تحييد أحد أخطر التهديدات لإسرائيل الموقع المتقدم للتحالف الصهيوأمريكي في المنطقة العربية، مع مواصلة تفتيت المنطقة الممتدة من الخليج العربي حتى المحيط الأطلسي عبر ما يسمى بالدبلوماسية الناعمة والحروب بالوساطة والفوضى الخلاقة.
يوم الأربعاء 14 ديسمبر 2011 وفي قاعدة فورت براغ بولاية نورث كارولينا رحب الرئيس باراك اوباما ببعض القوات الامريكية العائدة من العراق في اعلان رمزي عن نهاية الحرب التي استمرت نحو تسع سنوات واستنزفت القوات المسلحة الامريكية والحقت اضرارا بوضع الولايات المتحدة في العالم.
ولم يصل اوباما في خطاب القاه امام الجنود في القاعدة الى حد اعلان الانتصار في العراق لكنه وصف الانسحاب بأنه "انجاز غير عادي". وأضاف امام نحو ثلاثة الاف من الجنود الذين تجمعوا في حظيرة للطائرات "انهاء حرب أصعب من بدئها".
وقال اوباما انه على الرغم من التساؤلات الكثيرة بشأن ما اذا كان من الصواب ان تغزو الولايات المتحدة العراق فإن آخر الجنود الامريكيين "سيعبرون الحدود خارجين من العراق مرفوعي الرأس". "نحن ننهي الحرب لا بمعركة نهائية وإنما بمسيرة نهائية نحو ديارنا".
وألقت ميشيل اوباما التي تحدثت قبل زوجها مباشرة بتلميح ينتمي لخطاب الدعاية الانتخابية عندما اشادت بدور الرئيس في انهاء الحرب. وقالت امام الجنود في فورت براج "لقد أوفى بوعده باعادة القوات بشكل مسؤول من العراق".
لكن ميت رومني المنافس الجمهوري الرئيسي في السباق الرئاسي لعام 2012 قال في رسالة مفتوحة الى اوباما ان "كلمات الترحيب بجنودنا العائدين ليست كافية" وان من "المخزي ان العائدين من الحرب في العراق يواجهون بطالة تزيد على 11 في المئة وهو معدل اكبر بعدة نقاط عن النسبة الوطنية".
فيما قال منتقدون آخرون أن أوباما يقامر وأن كل ما أنجزته الولايات المتحدة قد يتبخر بين ليلة وضحاها خاصة إذا نجح أنصار الفكر القومي سواء من حزب البعث أو غيره في السيطرة على مقاليد السلطة في بغداد. ويضيف هؤلاء أن كل محاولات القوى الأجنبية منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب التي بذلت منذ نهاية العالمية الأولى سنة 1918 للتحكم في مسار العراق السياسي فشلت بشكل جلي وإن كان احيانا بعد فترات قصيرة من تصور القوى الإستعمارية أنها نجحت في تحقيق أهدافها، وطغى الفكر القومي وحكم أنصار الوحدة، وليس هناك أي مؤشر على أن الأمر سيتبدل اليوم أو في غد قريب إلا إذا تم استبدال غالبية سكان ما بين النهرين.
تركة الولايات المتحدة
يوم السبت 10 ديسمبر 2011 نشرت صحيفة "ذي تايمز" البريطانية تحقيقاً عن تركة الغزو الامريكي للعراق كتبه جيمس هايدر تحت عنوان "تركة الولايات المتحدة: فساد، وخوف من الاختطاف وخردة". "بدأ الغزو بالصدمة والرهبة. والآن، بعد تسع سنوات تقريباً، ينتهي غزو الولايات المتحدة للعراق بعملية بيع في ساحة للسيارات المستعملة.
وبينما ينسحب الجنود الامريكيين، يقومون بإغلاق قواعدهم ويبيعون اساطيل من سيارات الشحن الصغيرة وعربات مصفحة ثمن الواحدة منها أصلاً 100 الف دولار، ومنازل مقطورة وجميع المعدات الاخرى التي جعلت قواعدهم ذات مرة مدنا أمريكية صغيرة وسط شرق أوسط عربي مسلم.
وينقب العراقيون، واقفين في ساحة غبراء في التاجي الى الشمال من بغداد، في حطام حربٍ كلفتهم مئات آلاف الارواح، وتركت بلادهم مدمرة. ويشغل بعض الاطفال عربة غولف كانت تنقل الجنود في وقت من الاوقات في معسكر "فيكتوري" النصر الرئيسي في مطار بغداد، والذي اختفى الآن بعد ان كان ذات يوم مركز العملية العسكرية الامريكية في العراق.
هناك حافلات مدارس امريكية، ومكائن غسيل ملابس، وثلاجات، وسنانير لصيد الاسماك، ودراجات هوائية، ومعدات للتمارين الرياضية ومعدات لقطع العشب ابقت "المنطقة الخضراء" خضراء.
اشترى البعض كل المواد بنسبة ضئيلة من قيمتها الاصلية عندما باع الأمريكيون كل ما وجدوا أن نقله إلى الكويت مكلف أكثر من اللازم.
والموقع الموجود في التاجي وهو منطقة كانت تسيطر عليها "المقاومة العراقية" التي حولت واشنطن تسميتها إلى القاعدة، في 2006 الى درجة ان الجنود الامريكيين كانوا يرفضون قيادة سيارات شحن الامدادات الى قاعدة هناك، يذكر بمشاهد خلال الغزو الامريكي في 2003 عندما كان العراقيون يتوجهون الى باحات الخردة ليفككوا قطع مركبات ودبابات دمرت في الحرب.
وعندما خلع الجيش الامريكي باب حزب البعث الذي اضعفه حصار 12 سنة، انهارت، برمتها، البنية التحتية للنظام البلغ من العمر 30 عاما. ثم عمت الفوضى وتفاقمت عندما حل المحتلون المؤسسة الوحيدة التي بقيت، أي الجيش العراقي.
ولكن اللعنة التي رافقت كل من تعدى على أرض حضارات عمرها 6000 سنة جددت حضورها.
"الأن وقد عاد مارد الجيش الامريكي منكمشا في زجاجته بدأت الاذاعات يوميا عملية العد التنازلي للقوات من 8000 إلى 7500 ثم بعد 24 ساعة، وهو شكل من اشكال العرض العكسي الذي يظهر إلى أي مدى كره العراقيبن للغزاة الذين قدموا تحت غطاء أكاذيب كثيرة ليدمروا بلدا كاد يفرض نفسه على ساحة الصراع الدولي بصفته قوة إقليمية تسير على درب بناء قوة عظمى. وفي هذه المرة، استبدل النهب بالفساد الذي يمارس معظمه موظفون حكوميون.
ويقول نشطاء حقوق الانسان ان حكومة بغداد استخدمت أساليب القمع ضد نشطاء حقوق الانسان الذين حاولوا بدء مسيرة "ربيع عربي" خاص بهم في اوائل عام 2011. وقد احتجز الكثيرون من دون توجيه اي تهمة لهم وتعرضوا للتعذيب في السجن.
ويقول تاجر خردة يجمع بقايا الجيش الأمريكي أو مخلفات امبراطورية تنهار كما جرى من قبل للعديد من مثيلاتها وفي مقدمتها الإمبراطورية الرومانية، أنه يشعر بالغضب نتيجة قيام الامريكيين بترك العراق تحت حكم قادة فاسدين انانيين من دون جيش قوي أو سلاح جوي للدفاع عن نفسه في وقت تبدو فيه إيران، عدوة العراق التقليدية، في حالة عداء على وجه الخصوص تجاه أي تحول في بغداد يعاكس النظام الذي وضعه بريمر ومن تبعه ممن تحكموا في عراق ما بعد الاحتلال. ويذكر مرددا مشاعر الناس الذين يجهلون تعقيدات الصفقات على الساحة الدولية في شوارع بغداد أن "الأمريكيين سلموا العراق من دون مقابل إلى إيران. لا يوجد جيش ولا سلاح جوي ولا اي شيء آخر. والناس لا حول لهم ولا قوة. وهو ما تسعى إليه إيران. واذا ذهب الأمريكيون فإن الايرانيين سيأتون الينا".
ما نساه المحللون في هذا التقرير أن هناك تقاسما للأدوار بين طهران وواشنطن وإن كانت هناك أحيانا خلافات حول تقاسم الكعكة.
حكم التاريخ
صيف سنة 2009 كتب الصحفي والمحلل العراقي علي الصراف، "العراق صانع فرديات شموخة ومتغطرسة ومتمردة الى ما لا نهاية. ولهذا السبب لا تجدر الثقة بعملائه. إذ ما من عميل إلا ويجد نفسه، في لحظة من اللحظات، وطنيا.
وتقول "لعنة أكد" منذ نحو 4100 عام: "يا من تعديت على حرمة هذه الأرض وهدمت بيوتها والمعابد، ستطمَر بساتينك وتموت مواشيك، ولا يجد النائم في أرضك دثارا ولا الهارب من لهيب الشمس ظلا. ستتبدل أحجار بيتك لعنات عليك، فتذبح الأم في شعبك أبناءها والزوجة زوجها والوالد ذريته. عشر بقرات يرضعن طفلك الناجي من جرم أبيه ولا يشبع، وأنهار تسقي زرعك فلا يرتوي، وتصبح معابدك مأوى للثعالب، ويغطي القصب والأحراش مجاري ملاحتك، وتعج مراسيك بالأفاعي والديدان وعقارب الجبال، فمن نجا من هذا العذاب يهيم على وجهه كالبهائم".
وها هم اليوم، كالبهائم يهيمون. يطبعون دولارات مزيفة لتمويل العجز. فيزيد. ينقذون بنوكا، فتشهر شركات عقارات وتأمين وربما سيارات أيضا إفلاسها. يسدون فتحة، وفتقا يجدون.
والأم تقتل ابنها، والزوجة زوجها، والرضيع لا يشبع.
كانوا يعيشون على الثقة، على مزاعم القوة الخارقة.
عمر نجيب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.