شهد الوسط الفني في مصر هجرة جماعية للفنانين لأسباب عديدة، تتلخص في الخوف من المستقبل المجهول على حد زعم من أخذوا هذا القرار.. سواء المخرجة إيناس الدغيدي التي قالت أن الثوار هددوها لموقفها المعارض للثورة وكذلك تهديد جماعة الإخوان لها بالقتل لجرأتها الجنسية الشديدة في أفلامها، ولهذا قررت أن تكون هي أول المغادرين لمصر وتعيش حاليا بين لندنودبيوبيروت. كذلك الممثلة علا غانم التي قامت بتهجير بناتها الثلاث إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية لتعرضهن لتهديدات بالقتل، وتنوي هي الأخرى الهجرة خوفا من سيطرة الإسلاميين على الساحة السياسية والفنية في الفترة المقبلة حتى أنها قالت بالحرف الواحد: "الإخوان لو حكموا البلد همشي وأسيبها ليهم" هذا من ناحية الفن وخوفها على مستقبل الفن الفترة المقبلة، لأنها تعتقد في حالة وصول الإسلاميين في مصر فلن يوجد في مصر شيء إسمه فن، وبالمثل انتقل المطرب عمرو دياب للإقامة في "دبي" بصفة شبه دائمة، حتى أنه يأتي لمصر لإحياء الحفلات ثم يعود في اليوم التالي! وبالمثل قررت المطربة شيرين عبد الوهاب العيش والإقامة بشكل شبه دائم في لبنان، حتى أنها أقدمت على شراء منزل في منطقة "أدما" شرق مدينة بيروت، وستقوم شيرين بإلحاق إبنتها مريم بمدرسة "الشويفات" الدولية هناك لتكون بالقرب من منزلها، والواضح أن الحالة الأمنية هي التي دفعت شيرين إلى الإقامة في بيروت خاصة أنها ليست لها أي مشاكل مع أحد في مصر. وتركت مصر أيضاً الممثلة المصرية سماح أنور مع إبنها واتجهت إلى الكويت بعد هجوم تعرضت له بعدما أشيع عن لسانها عن أنها طالبت بحرق الموجودين في ميدان التحرير وذلك بعد أيام على بدء ثورة "25 يناير". وقالت سماح: "قررت ترك مصر والذهاب إلى الكويت ومغادرة مصر بعد تعرضي إلى هجوم لفظي وبدني خلال الفترة الماضية". وأكدت سماح أنها تعرضت أكثر من مرة مع إبنها للإعتداء بالضرب والسباب والشتائم. وأوضحت: "عشت وإبني حالة من الرعب، وكنا نخاف الخروج إلى الشوارع وتعرضت للضرب مرة وأنا أتنزه وتدخل رجال الأمن لإنقاذنا ومن يومها لم نذهب إلى النادي خوفا من تكرار الأمر". ونفت الممثلة سماح أنور أن تكون قد طالبت بحرق المتظاهرين وأكدت هناك من يصر على نسب هذا القول لها. وكانت أنور أعربت عن ضيقها من تفسيرات كلامها بخصوص المتظاهرين في ميدان التحرير على المحمل السيئ، وفسرت ذلك بأن المقصودين من كلمتها "أحرقوهم" كان المخربون، وذلك بسبب التضليل الإعلامي الذي تعرضت له من التليفزيون المصري، خلال الأحداث. وهناك العديد من الفنانين الذين ينتظرون ما ستسفر عنه الأيام المقبلة ويفكرون هذه الأيام في الهجرة إلى الخارج، وبناءً على هذه الظاهرة وقع الاتصال بكبار الفنانين وكتاب الدراما والإخراج لنعرف آراءهم. البداية كانت مع الفنان عزت العلايلي الذي أشار في مسلسل "الجماعة" إلى أن هناك أيادي تتحكم في فهمنا للدين الإسلامي المعتدل قادمة من الإخوان المسلمين والوهابية السعودية، وعن فكرة الهجرة من مصر بعد وصول هؤلاء للحكم قال: مصر ليست في حاجة لهؤلاء المهاجرين الجبناء، و"اللي عايز يمشي يتفضل الباب يفوت جمل، وده لعب عيال"، لأنه ليس من المعقول أن يصل الإسلاميون للحكم إلا عن طريق صناديق الإنتخاب، ولو اختارهم الشعب فالشعب مسئول عن اختياره وقادر على تحديد مصيره. أما المخرج داود عبد السيد فأكد أنه يؤيد الهجرة المؤقتة إذا كانت بناءً على تقديم فن أفضل في الخارج، لأنها ستكون ظاهرة إيجابية جدا حيث سيرفع هؤلاء الفنانين إسم مصر وقتها، أما إذا كانت هذه الهجرة بناءً على خوف فهي ظاهرة سلبية ودليل على أنهم خائفون على حياتهم العصرية المرفهة التي كانوا يعيشونها في وطنهم الأم، وتابع داود: لكن رغم ذلك فهؤلاء المهاجرون مجرد قلة من أبناء الوطن الحقيقيين، ولا يعبرون عن الوسط الفني بأكمله، وعن نفسي أنا وغيري سنبقى في مصر و ان وصل الإسلاميين للحكم فلن تكون هناك سياحة أو فن، ولن نشبه وقتها السينما المصرية بالسينما الإيرانية لأننا لن نتمكن من تسويق هذا المحتوى الفني الدخيل سواء للجمهور المصري أو دول الخليج التي تشتري أعمالنا الفنية. ومن جانبه أكد المؤلف محمد صفاء عامر أن ما يحدث من هجرة حاليا مجرد ظاهرة فردية لا يمكن الجزم بها، وقال: الطبيعي في الإسلام أن جميعنا سلف وإخوان، ومفهوم الأخوية بيننا غير مقصور على جماعة "الإخوان المسلمين" التي تظهر عكس ما تبطن، وليست الجماعة السلفية هي الوحيدة التي تسير على نهج السلف الصالح، لأنهم لا يفقهون شيئا لا في الحياة ولا في الدين، فإذا كانت هجرة هؤلاء خوفاً من وصول المنهج الإسلامي للحكم في المطلق فهي قرارات خاطئة وليست في محلها، أما إذا كانت خوفا من بطش الإسلاميين المتطرفين الذين يتخذون الدين ستاراً لأطماعهم الشخصية فهي قرارات في محلها، وأنا عن نفسي سأكون أول المهاجرين إذا وصل المتطرفون للحكم، لأنهم لا يعرفون قيمة الفن، وسيعودون بنا إلى القرون الوسطى، ولن نصل حتى إلى مستوى السينما الإيرانية التي أصبحت الآن سينما راقية وتحظى باحترام وتقدير العالم أجمع، وتحصد الجوائز العالمية في المهرجانات.