سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مخاوف من زحف الشيخوخة على الهرم السكاني و مايستتبعه من تداعيات اقتصادية و اجتماعية المغرب ينجح في تحدي التحكم في النمو الديمغرافي وتحسين المؤشرات الصحية
كشفت نتائج بحث وطني حول التطور الديمغرافي للساكنة بالمغرب أنجزته المندوبية السامية للتخطيط و أعلنت عنه بمناسبة اليوم العالمي للسكان الذي يصادف 11 يوليوز من كل سنة أن وتيرة النمو الديمغرافي في المملكة سجلت خلال السنوات العشر ما بين 1998 و2008، تراجعا كبيرا حيث انخفض معدل النمو الديموغرافي السنوي في المتوسط من 1,62 % ما بين 1982 و2010 إلى 1,05 % سنة 2010. و عزا بلاغ للمندوبية يعكس نتائج البحث هذا الانخفاض غير المسبوق إلى تراجع الخصوبة والوفيات، حيث انخفض معدل الخصوبة من 5,2 أطفال لكل امرأة سنة 1982 إلى 2,19 سنة 2010، أي ب 3 أطفال أقل مقابل طفلين فقط ما بين 1962 و1982. ويرجع الانخفاض في الخصوبة أساسا إلى ارتفاع السن عند الزواج الأول «17,5 سنة لدى النساء في 1960 مقابل 26,6 سنة في 2010» وإلى التعميم التدريجي لاستعمال وسائل منع الحمل (8 % لدى النساء في 1962 مقابل 63 % في 2003). ومن جهة أخرى سجلت نتائج البحث التحسن المتواصل لأمل الحياة عند الولادة الذي بلغ 74,8 سنة في 2010 ,إذ يأمل كل مغربي مزداد سنة 2010 أن يعيش 14,8 سنة إضافية مقارنة بالذي ازداد سنة 1982 و27,8 سنة إضافية مقارنة بمن ازداد سنة 1962. ويدل انخفاض كل من معدلات الوفيات والخصوبة وتراجع السن المتوسط للزواج الأول، سواء لدى الرجال أو النساء، على التحولات العميقة التي تعرفها منظومة القيم والسلوكيات الاجتماعية، وذلك في سياق يتسم بتمازج قوي للساكنة بفعل الهجرة. وتعكس هذه المؤشرات التحسن الملحوظ في سياسة النمو السكاني بالمغرب، وتجاوبه مع توصيات عدد من المؤسسات الانمائية والاقتصادية الدولية ، بهدف السيطرة على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وخصوصا الهجرة والبطالة وتفشي مظاهر الإقصاء الاجتماعي. على أن خبراء بالمندوبية السامية للتخطيط يطرحون في المقابل تداعيات الانتقال الديمغرافي بالمغرب و يعتقدون بأن معطياتها ستقود حتما إلى شيخوخة الهرم السكاني. الأمر الذي يؤكده كذلك عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد الاجتماعي، موضحا أن الأمر له بعد اجتماعي آخر مرتبط بالضمان الاجتماعي . فبالقدر الذي يعتبر فيه التحكم في الخصوبة مؤشرا لتحول البنية الديمغرافية بالمغرب و يعبر عن اختيارات الفرد أو الأزواج التي يبدو أنها تؤسس لقطيعة مع القيم السائدة في المجتمعات التقليدية وتشكل مؤشرا لبروز النزعة الفردية في المجتمع مع ما تحمله من انعكاسات اقتصادية ومجتمعية، بل وحتى سياسية فإن هامش التخوف يزداد من إحتمال مواجهة المغرب بعد سنوات أو عقود من الآن خللا في عملية التعويض الطبيعية للقوة العاملة و النشيطة و هو ما سينعكس سلبا على الاقتصاد المغربي.