150 ألف مغربية عازبة في 2010 وأمد حياة المغاربة يصل إلى 74.8 عاما بعدما لم يكن يتجاوز 47 سنة في 1962 خلص البحث الوطني الديمغرافي الميداني الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط، إلى أن المغرب دخل مرحلة الانتقال الديمغرافي بسبب تراجع معدل النمو في الوسطين الحضري والقروي. وذكر المندوب السامي للتخطيط، أحمد لحليمي، الذي كان يعرض نتائج هذا البحث في ندوة صحفية أول أمس بالرباط، أن ظواهر الإنجاب والخصوبة تخضع للعديد من العوامل السوسيو اقتصادية والثقافية والدينية، مشيرا إلى أن نتائج البحث أظهرت أن مغربية واحدة كانت تنجب في بداية الستينات 7.2 من الأطفال في حياتها، أما اليوم فإن هذا العدد لا يزيد عن 2.19 من الولادات الحية أي 5 أطفال أقل عما كان عليه الحال منذ خمسين سنة أي ما نسبته أقل من % 70، وأضاف لحليمي أن الخصوبة الحضرية تعرف منعطفا غير مسبوق لكونها استقرت دون عتبة تجديد الأجيال أي 1,84 طفل لكل امرأة. وقال لحليمي إنه إذا ما تبين بأن هذا الانخفاض متواصل، فإن المغرب سيعرف في غضون السنوات المقبلة تباطئا متزايدا للتكاثر الديمغرافي للسكان الحضريين الذين لن يغذيهم آنئذ سوى الهجرة القروية. في مقابل ذلك، يرى المتحدث ذاته، أنه على الرغم من أن الخصوبة القروية (2،70 طفل لكل امرأة) لم تبلغ بعد عتبة التعويض، فان وتيرة انخفاضها مع مرور السنين يؤشر على تطور شبيه بما حصل في المدن، على اعتبار أن الفارق في الخصوبة مابين القروي والحضري انتقل من 3.2 طفلا سنة 1986 إلى 0.9 طفلا سنة 2009، وهذا الالتقاء، يضيف المندوب السامي، يدفع إلى الاعتقاد بأن الخصوبة القروية على غرار الوسط الحضري، ستنخفض ولاشك، إلى ما دون عتبة تجديد الأجيال. وأفاد المندوب السامي للتخطيط، أن هذا البحث الذي تم إنجازه في ثلاث زيارات لدى 105 ألف أسرة كعينة تمثيلية لمجموع سكان المغرب، مكن من إعداد حصيلة السكان وخصائصهم الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية، ومكن من تسجيل وتتبع مفصل للأحداث الديموغرافية الخاصة بهذه الأسر والمتعلقة بالولادة والوفاة والحمل والإجهاض، بالإضافة إلى الهجرة سواء داخل البلاد أو خارجها، مشيرا إلى أن توفر هذه المؤشرات الديموغرافية المنبثقة من هذا البحث الوطني، أمر أساسي للقيام بأي تخطيط شمولي أو قطاعي مبني على أسس متينة سواء كان ذلك على الصعيد الوطني والمحلي أو على مستوى المقاولات والأسر، مضيفا أن هذه المؤشرات من الناحية التاريخية والمستقبلية، تعكس بشكل كبير، مدى تطور عقليات وسلوكيات السكان وتمكن من استشراف آفاق التحولات المستقبلية للمنظومة الاقتصادية والمجتمعية بمختلف انعكاساتها الاجتماعية والسياسية. وبخصوص المعطيات الرقمية التي خلص إليها البحث، أوضح أحمد لحليمي أن أمد الحياة في المغرب عرف تزايدا مضطردا بإضافة 28 سنة منذ الستينات، حيث إن أمد الحياة خلال سنة 1962 لم يكن يتجاوز 47 سنة، واليوم وبعد مرور نصف قرن، انتقل أمد الحياة عند المغاربة إلى 74،8 سنة مما يعني، حسب المصدر ذاته، أن الربح بلغ 28 سنة في أمد الحياة، مشيرا إلى أن هذا المؤشر يعتبر من بين المؤشرات الأكثر إفادة بخصوص قدرة كل مجتمع على أن يضمن لأفراده الحياة الأطول والأكثر سلامة، معتبرا أن وتيرة هذا التطور ترتبط بشكل كبير بتحسن الظروف الصحية ومستوى العيش. وبخصوص مستوى وفيات الأطفال والأمهات، ذكر لحليمي أن المؤشرات تفيد بأن هذا المستوى بدأ يعرف توجها نحو انخفاض قوي، حيث انتقل معدل وفيات الأطفال من 149 في الألف سنة 1962 إلى 30 في الألف سنة 2010، وأن معدل وفيات الأطفال الأقل من خمس سنوات انتقل من 213 في الألف إلى 36 في الألف في 2010، وهو ما يؤكد حسب المندوب السامي، أن معدل وفيات هذه الشريحة من الأطفال عرف انخفاضا ملحوظا، ما يضع المغرب على سكة إنجاز أهداف الألفية للتنمية في هذا المجال، لكن رغم ذلك يقول لحليمي «يجب أن تظل هذه المؤشرات انشغالا رئيسيا للسياسات العمومية وعلى الخصوص في مجال الصحة وتحسين ظروف عيش السكان، خاصة وأن مستوى وفيات الأمهات يبقى بدوره رهينا بهذه السياسات». ونفس المنحى التنازلي يعرفه مؤشر وفيات الأمهات، حيث انتقلت هذه النسبة، حسب لحليمي، من 227 وفاة لكل مائة ألف إلى 112 وفاة سنة 2010، وربط هذا الانخفاض بانخفاض معدل الخصوبة، وتنامي الاستشارات الطبية قبل الولادة والمساعدة على الولادة، من لدن موظفين أكفاء. من جانب آخر، أفاد المندوب السامي للتخطيط أن التحولات التي تعرفها الحياة الإنجابية تفرض في المقابل، حصول تحولات قبلية في الزواج، مبرزا أنه في غضون 50 سنة تراجع سن الزواج الأول بشكل كبير، حيث أن النساء خلال سنة 2010 تزوجن في متوسط عمر يصل إلى 26،6 سنة والرجال في سن 31.4 أي متأخرين ب 9.3 سنوات و7.5 سنوات على التوالي مقارنة بسنة 1960، مما يؤشر على أن الفارق الذي يفصل سن الزواج ما بين الجنسين انحصر من 6,6 إلى 4,8 سنوات. وتوجد اليوم حسب هذا البحث الوطني، ضمن النساء اللواتي يتراوح عمرهن مابين 15 و 19 سنة، من 9 إلى 10 عازبات أي أن واحدة فقط هي المتزوجة بالنسبة لهذه الفئة العمرية وهو ما يعني أن 150 ألف مغربية عازية في 2010 بينها 120 ألف يتراوح سنها ما بين 18 و 19 سنة، مع العلم أن 30 ألف امرأة على الأقل تزوجن وهن دون السن القانوني. وخلص لحليمي من خلال مختلف مؤشرات هذا البحث، إلى أن المغرب الذي دخل متأخرا نسبيا مرحلة الانتقال الديمغرافي، يعرف تسارعا لهذا الانتقال بوتيرة تجعله في طريق الالتحاق بدول سبقته في هذا المسار، حيث إن معدل النمو الطبيعي الذي كان يبلغ %2.7 في سنوات الستينات، عرف انخفاضا كبيرا إذا أصبح لا يزيد عن % 1،32 سنة 2010 بفعل الانخفاض الذي تعرفه الولادات. كما أن الانخفاض الشديد للوفيات وخاصة لدى الأطفال والفتيان والأمهات مصحوبا بالتراجع الشديد للخصوبة في تفاعلهما مع تراجع سن الزواج سواء لدى الرجال أو النساء على حد سواء، ينمان عن التحولات العميقة التي تعرفها منظومة القيم والسلوكات المجتمعية.