اعتبرت صحيفة تايمز البريطانية في افتتاحيتها أن سقوط مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان، إثر اعتقاله على خلفية فضيحة جنسية، تمثل هزة للنظام المالي العالمي ولمسار السياسات في فرنسا. وقالت إن الخطوة المقبلة هي الظلام، مشيرة إلى أن دومينيك -قبل اعتقاله- كان الرجل الذكي الذي يحظى بالسلطة والمعرفة المالية والتوجه العالمي، والمرشح الأكثر حظا لخلافة الرئيس نيكولا ساركوزي في انتخابات العام المقبل. وذكرت الصحيفة أن مدير الصندوق كان في طريقه إلى برلين للاجتماع بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وحضور اجتماع وزراء المالية الأوروبيين ليوضح بأن صبر صندوق النقد قد نفد، ولا بد من مساعدة اليونان في ديونها بالسرعة القصوى. غير أن دومينيك يبدو مختلفا اليوم بعد اعتقاله بتهمة التحرش بخادمة في فندق بنيويورك، ولا سيما أن ذلك لن يضفي اضطرابا على الصندوق، أو الخلافة السياسية في فرنسا، أو النجاة المالية لليونان وحسب، بل على مصير العديد من الدول في أوروبا وغيرها في مختلف أرجاء العالم حيث يتعلق مصير الأعمال والوظائف والمعيشة بما يقدمه الصندوق من إعانات. وتتابع الصحيفة أن هذه الفضيحة ستجعل أهم أداة رقابية مالية تفقد جزءا من نفوذها في وقت يحوم العالم في دوامة من الديون السيادية. وختمت بأن الحملة الانتخابية الفرنسية التي «عادة ما تبدو قذرة» لن تبقى كذلك وحسب، بل ستخرج عن مسارها، وتتحول الشخصية التي رحب بها كافة الفرنسيين كمنقذ سياسي إلى رجل محطم. وكان دومينيك ستراوس كان ،الذي تولى رئاسة صندوق النقد الدولي عام 2007، أصبح مثار جدل على خلفية اتهامات بالاعتداء الجنسي في مدينة نيويورك الأميركية أدت إلى اعتقاله. وتأتي الاتهامات متزامنة مع استطلاعِ رأي أظهره كأفضل منافس للرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي في انتخابات الرئاسة المقبلة عام 2012، كمرشح باسم الحزب الاشتراكي. وكان يتوقع أن يعود ستراوس كان إلى فرنسا في يوليو المقبل حين تنتهي فترته رئيسا للصندوق، لكن الاتهام بدا أنه أضر بفرصه السياسية المستقبلية. ولد ستراوس كان يوم 25 أبريل 1949 لأسرة يهودية في ضاحية نويي سور سين بالعاصمة الفرنسية باريس، وقضى جزءا من فترة صباه بالمغرب. وفي إطار دراسته في فرنسا، حصل على درجات علمية في القانون والاقتصاد من جامعة باريس العاشرة. وكان ستراوس كان في البداية قد درس العلوم الاقتصادية في عدة جامعات، بينها المدرسة الوطنية للإدارة (إينا) التي يدرس فيها النخبة، والتي تخرج غالبية القادة السياسيين والاقتصاديين في فرنسا. وعام 1986 بدأ عمله السياسي عندما انتخب للمرة الأولى لعضوية البرلمان باعتباره نائبا اشتراكيا، وسرعان ما أظهر براعته في القضايا الاقتصادية والمالية. وعام 1991، عينه الرئيس الفرنسي حينذاك فرانسوا ميتران وزيرا منتدبا للصناعة والتجارة الخارجية. وبعد مرور ستة أعوام في أعقاب الفوز الساحق الذي حققه الحزب الاشتراكي في الانتخابات المبكرة التي دعا إليها رئيس الجمهورية آنذاك جاك شيراك، عين ستراوس كان وزيرا للمالية بحكومة رئيس الوزراء حينها ليونيل جوسبان. وفي هذا المنصب، تمكن ستراوس كان من تقليص معدل العجز في نفقات الحكومة إلى أقل من حد 3% من الناتج المحلي الإجمالي، مما أهل البلاد إلى الانضمام لمنطقة اليورو. قدم استقالته من منصبه وزيرا للمالية عام 1999 بعد تورطه في فضيحة تتعلق برسوم قانونية مختلقة ووثائق مزورة للاحتيال. ورغم ذلك برأته إحدى المحاكم من التهم المنسوبة إليه في نوفمبر 2001 ، وأعيد انتخابه لعضوية البرلمان بعد عدة أشهر. وفي عام 2006، مني ستراوس كان بالهزيمة في الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب الاشتراكي في انتخابات الرئاسة أمام منافسته سيغولين رويال التي خسرت أمام نيكولا ساركوزي في الانتخابات الرئاسية. وعقب هزيمة رويال وما أعقبها من خسارة الاشتراكيين في الانتخابات البرلمانية، حول ستروس كان أنظاره إلى قيادة الحزب، مع عزمه على خوض انتخابات الرئاسة مجددا عام 2012. تزوج ستراوس كان من الصحفية آن سينكلير، ولديه أربعة أطفال من زيجات سابقة.