سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأثمنة المطبقة في المغرب تمثل أضعاف تلك المطبقة في أوروبا و تزيد ب60 في المائة عن تلك الموجودة في تونس الحاجة ماسة إلى تدابير وإجراءات ملموسة لتطوير قطاع الاتصالات وتشجيع الاستثمار فيه
أكد هشام المنزهي الكاتب العام للمكتب النقابي بالوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات أن الحاجة ماسة إلى اتخاذ العديد من التدابير والإجراءات الملموسة لتطور قطاع الاتصالات وتشجيع الاستثمار فيه، وضمان مساهمته الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا. وأبرز المنزهي ضرورة تصحيح و معالجة الأوضاع المتوترة داخل الوكالة ، والإسراع بتحسين الأوضاع المادية والمهنية للأطر والمستخدمين. ويعتبر هشام المنزهي من الجيل الجديد الذي يزاوج بين الكفاءة التقنية والنضال النقابي ، وهو خريج المعهد العالي للتجارة و تدبير المقاولات (السلك العالي للتجارة الدولية سنة 2004، السلك العالي للتدبير سنة 2002 و دكتوراه السلك الثالث في الفيزياء سنة 1997. ويحتل موقع خارج إطار تقني في الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات ، ويتوفر على 23 سنة كتجربة في قطاع الاتصالات. وهو عضو مجلس الخبراء بالاتحاد العام للشغالين بالمغرب. في ما يلي نص الحوار : س : خلال الأسبوع الماضي خضتم وقفة احتجاجية دامت ثلاثة أيام داخل الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات ، في البداية نسزلكم عن طبيعة مهام واختصاصات هذه المؤسسة؟ ج : لقدأحدثت الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بمقتضى القانون 9624 و ذلك لتتبع تحرير قطاع الاتصالات الذي كان محتكرا من طرف الدولة. ومن ضمن مهام الموكولة لهذه المؤسسة يمكن الإشارة إلى ما يلي : إعداد الدراسات و الإجراءات التنظيمية المتعلقة بقطاع الاتصالات. مراقبة تطبيق النصوص التنظيمية و السهر على التقيد بالشروط العامة للاستغلال المتعلق بالبريد و المواصلات. إعداد الاقتراحات الرامية إلى تنظيم الإطار القانوني و الاقتصادي و الأمني الذي تمارس فيه أنشطة المواصلات. إعداد و تحيين نصوص دفاتر التحملات التي تحدد حقوق و واجبات متعهدي الشبكات العامة. دراسة طلبات التراخيص. إعداد و متابعة إجراءات منح التراخيص بواسطة الإعلانات عن المنافسة. تحديد المواصفات التقنية و الإدارية للموافقة على المعدات و التجهيزات الراديو كهربائية. تحديد الضوابط التقنية أو المنهجية المطبقة على الشبكات كيفما كانت طبيعتها الممكن ربطها بالشبكات العامة للمواصلات و بكل شبكة للمواصلات مفتوحة للعموم. س : في ضوء ما أشرتم إليه، كيف تقيمون حصيلة الوكالة منذ إحداثها حتى الآن ؟ ج : من خلال تقييم موضوعي لما قامت به الوكالة خلال هذه الحقبة من الزمن، و في إطار المهام التي سبقت الإشارة إليها، يستطيع المتتبع أن يقف عند مجموعة من المعطيات، يمكن تلخيصها في كون أداء هذه المؤسسة تميز بما يلي : أولا : على مستوى المهام : عدم الحياد إزاء المتعهدين و نهج سياسة المحاباة معهم. تراجع مصداقية و صورة الوكالة داخل قطاع الاتصالات. غياب سياسة واضحة في مجال التقنين. ثانيا : على مستوى النتائج: عدم توفير شبكة قوية بإمكانها تغطية كافة التراب الوطني. الفائض المالي للقطاع لا يعود بفائدة على المستخدمين عن طريق استثمار ذكي في مجالات التكوين و البحث و الرفع من قيمة الرأسمال البشري داخل القطاع. تسعيرة المكالمات من أغلى التسعيرات في العالم. ثالثا على مستوى الأوضاع المادية والمهنية للأطروالمستخدمين: بعد 13 سنة من بداية عمل الوكالة تتسم الأوضاع الحالية بما يلي : عدم احترام الحريات النقابية من طرف إدارة الوكالة. نهج سياسة المواجهة ضد الكفاءات التي تجرأ على الإفصاح عن الاختلالات و إجبارها على الرحيل. نظام الأجور و المنح يعرف اختلالات كبيرة. نهج سياسة إفراغ القطاع من كفاءاته و بالتالي من محتواه. التحرش المعنوي الدائم و الممنهج الذي يمارس ضد الكفاءات. تهميش بعض الكفاءات التي لا تتوفر على مظلة أو مساندة داخل القطاع أو خارجه. نسبة رحيل الكفاءات عن القطاع بلغ مستوى مخيف. الاستفزاز المدسوس من أجل اتخاذ إجراءات تأديبية هدفها التخلي عن موارد بشرية لها قيمتها داخل القطاع. غياب نظام تقييم الكفاءات. غياب مقصود لمعايير الولوج لتقلد مهام المسؤولية. الضبابية التي تتسم بها صيرورة الحياة الإدارية للمستخدمين. غياب سياسة التكوين المستمر. النظام الحالي لتدبير الموارد البشرية أصبح متجاوزا لكونه ينبني على السلطوية المبالغ فيها ، وهو نظام لا يأخذ بالاعتبار- ضمن إستراتيجية عمله ، إذا كانت هناك فعلا استراتيجية- ضرورة إسهام أو حتى استشارة النقابة في اتخاذ القرارات التي تهم الأوضاع المادية والمهنية للمستخدمين . تجميد أنشطة جمعية الأعمال الاجتماعية للوكالة و محاولة الانقلاب على مكتبها المنتخب بكيفية شرعية و المعترف به من طرف الجهات المعنية. وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أن الإدارة حاولت عقد اجتماع لتشكيل مكتب جديد يطاوعها في توجهاتها المناهضة للعمل الاجتماعي وللممارسة النقابية ، في خرق سافر للمقتضيات القانونية المعمول بها في هذا المجال . ولا يسعنا إلا أن نعبر عن اعتزازنا بالعمل الجبار الذي قام به المستخدمون من أجل التصدي لمثل هذه الخروقات و إحباط كافة المناورات التي تسهر عليها وترعاها الإدارة. س: طيب نعود إلى موضوع الوقفة الاحتجاجية التي قام بها المستخدمون أخيرا، ماهي دواعي وأسباب هذه الوقفة، وماهي طبيع ملفكم المطلبي ؟للإتحاد بالوكالة ؟ ج :إن ملفنا المطلبي في إطار الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والذي توصلت به إدارة الوكالة يتمحور حول النقط التالية : ضمان حرية العمل النقابي داخل القطاع وفقا للقوانين الجاري بها العمل. الحث على نهج سياسة الحوار بدل المواجهة التي أكل عليها الدهر و شرب. توفير مقر للمكتب النقابي. اعتماد القانون الأساسي. تحسين ظروف العمل. اعتماد برنامج واضح ومضبوط في التكوين والتكوين المستمر. الكف عن مضايقة المكتب المسير لجمعية الأعمال الاجتماعية ، و توفير الدعم المادي اللازم للنهوض بهذا الجانب داخل القطاع . س :أشار تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى مجموعة من الاختلالات التي تتخبط فيها الوكالة ، كيف تنظرون إلى المعطيات التي تضمنها هذا التقرير؟ ج : بصفة عامة، يمكن القول إن تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009 كرس بشكل واضح ما كنا دائما نحاربه دون أن نجد من يتجاوب مع مسعانا الإصلاحي ، فالمعطيات التي تضمنها التقرير سبق أن تحدثنا عنها مرارا ، ولا شك أن ذلك يعطي المزيد من المصداقية لمواقف ومطالب مكتبنا النقابي، ويساهم في رد الاعتبار لنا كهيئة استطعنا نكشف بكل موضوعية وتجرد عن الأوضاع المتوترة داخل الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات. قد أظهر هذا ا لتقرير عن وجود فساد مالي و فساد إداري بالوكالة و سلط الضوء على اختلالات خطيرة بدأت في عهد المدير العام السابق و استمرت في عهد المدير العام الحالي. بالإضافة إلى ما أشار إليه التقرير، هناك عمليات أخرى لا تقل أهمية و خطورة لم يتم التعرض إليها أو حتى الإشارة إليها و هذا يجعلنا نتساءل كمواطنين عن الأسباب الموضوعية لهذا الإغفال. و سيتابع المكتب النقابي هذا الموضوع انطلاقا من اهتماماته بالقطاع و من المهام المنوطة به. ولكن مع ذلك لابد من التأكيد على أمر مهم ، وهو أن التقرير المذكور وقف عند اختلالات عميقة تعرفها الوكالة . س : ماهي طبيعة هذه الاختلالات ؟ وهل من تفاصيل وتدقيقات بهذا الخصوص؟ ج : يشير تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى عدد من الجوانب السلبية في حصيلة الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، منها تلك المتعلقة بمنح الرخص ، حيث لوحظ طول الفترة الزمنية الفاصلة بين تاريخ طلب العروض وتاريخ نشر مرسوم منح الرخصة موضوع طلب المنافسة ، كما سجل نقص فيما يخص متابعة هذه الرخص من قبل مقنن القطاع، وعلى سبيل المثال لم تقدم الوكالة ، في يناير 2009 إلا رقم معاملات لأربعة متدخلين من أصل أحد عشر متدخل برسم سنة 2008، وتمركز تسويق المنتجات الخاصة بثلاث رخص بين أيدي ثلاثة متعهدين كبار فقط ، ولم تقم الوكالة بإدخال أنواع أخرى من الرخص التي من شأنها أن تضمن قيمة مضافة للسوق الوطنية ، بتنويع العروض وملاءمة الخدمات وخلق قيمة مضافة مرتفعة ، وعدم احترام الوكالة لمقتضيات الفصل 20 من المرسوم رقم 2-97-1025 المتعلق بربط شبكات الاتصالات والفصل 6 من القرار رقم 03.03 المتعلق بطريقة احتساب نسبة فائدة الرأسمال. وأكد التقرير المعطيات التي كنا تحدثنا عنها في السابق والمتعلقة بارتفاع أسعار الخدمات في بلادنا ، حيث يفيد التقرير أن الوكالة لم تتمكن من تقديم بيان توزيع سوق الربط بين مختلف متعهدي الشبكات العامة للاتصالات برسم كل سنة ، وكذلك بيان توزيع مداخيل الربط البيني لكل متعهد، على مختلف أنواع الربط البيني ، ولوحظ أن الأثمنة المطبقة في المغرب تمثل أضعاف تلك المطبقة في أوروبا ، وبالمقارنة مع تونس ، فإن هذه الأثمنة تزيد ب60 في المائة بالنسبة للعبور العادي وب19 في المائة بالنسبة للعبور المزدوج ،ولا يهم الارتفاع في الأسعار المكالمات وحدها وإنما يمس أيضا جميع مكونات خدمة الربط البيني. ويشير التقرير بخصوص الهاتف المحمول إلى أن الأداء المسبق يمثل 96 في المائة من سوق الهاتف المحمول ، مقابل 4 في المائة فقط للانخراطات والحصص الجزافية ، بالرغم من غلاء سعر المكالمة ذات الأداء المسبق الذي قد يصل إلى أربع مرات سعر المكالمة ذات الأداء اللاحق ، وفي هذا الإطار يلاحظ عدم قيام الوكالة بتحليل الاختلال الذي يؤدي إلى ارتفاع معدل ثمن الدقيقة من المكالمة الوطنية عبر الهاتف المحمول . وأظهر تقرير افتحاص أنظمة الفوترة للمتعهدين (الدقيقة الأولى بدون تجزيءثم بعتبة 20 ثانية بعد الدقيقة ) أن معدل المدة المؤدى عنها وغير المستهلكة قد يصل إلى 30 في المائة، إلا أن الوكالة لم تتخذ أي تدابير من أجل خفض هذا المعدل ، وذلك عن طريق مراجعة عتبات الفوترة المعتمدة من قبل المتعهدين وتقليصها ، وإدخال نظام الفوترة بالثانية كما هو الحال في العديد من الدول. س:من خلال خبرتكم وتجربتكم التي راكمتموها طيلة السنوات الماضية ، كيف تتوقعون مساهمة قطاع الاتصالات في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية ؟ ج :تجدر الإشارة إلى أنه توجد بعض مشاريع النصوص في طور الدراسة و التصديق من طرف الجهات الحكومية المعنية، تهدف حسب المعلومات المتوفرة ، إلى إعادة النظر في الإطار القانوني المنظم للوكالة، والتفكير في توسيع مهامها وصلاحياتها، و هنا يجب التساؤل حول طبيعة هذه النصوص و مضمونها و طريقة تحضيرها . إننا لا يمكن أن نكون ضد هذا التوجه إذا كان الهدف منه تجاوز النقائص والأخطاء التي ارتكبت في الماضي، وتحقيق إقلاع قوي ومستدام للقطاع ، وتوفير ضمانات حقيقية لحماية المستهلك والاستجابة لطموحاته وانتظاراته. س : طيب ، كيف تتصورون موضوع إصلاح قطاع الاتصالات ؟ ج :أعتقد جازما أننا في حاجة ماسة إلى العديد من التدابير والإجراءات الملموسة لتطور القطاع وتشجيع الاستثمار فيه، وضمان مساهمته الفاعلة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا، ومن أهم هذه التدابير يمكن الإشارة إلى ما يلي : وضع ميثاق أخلاقي للقطاع. وضع أسس الحكامة الجيدة في ميدان تدبير الموارد البشرية. التسريع في تعميم تغطية شبكة الاتصالات لتعم كافة التراب الوطني لامتصاص الخصاص الفادح في التغطية. إجداث مصلحة خاصة بالمستهلك، وجعل ذلك ضمن الأولويات الأساسية للوكالة، و من البديهي أن تسهر هذه المصلحة على توفيرأحسن جودة بأقل كلفة. مسايرة تنظيم و هيكلة الوكالة مع المهام الحالية و المستقبلية لهذا القطاع ، و ذلك ضمن إستراتيجية متجددة. الحرص على احترام شروط المنافسة الشريفة من طرف كل متعهدي الاتصالات. خلق جهاز لاستقبال و تتبع شكايات المستهلكين. س : كلمة أخيرة ؟ ج إن الوضع الحالي للقطاع يشكل عائقا أمام تدفق استثمارات جديدة ببلادنا ، و ذلك بسبب عدم مواكبة القطاع للتحولات العميقة التي يعرفها المجتمع على مختلف الأصعدة ، وعدم قدرتها على شروط التنافسية، كما هو عليه الأمر في دول من نفس المستوى، وخصوصا في ما يتعلق بطبيعة البنية التحتية و جودة الخدمات و ضمان المساواة بين كافة المتدخلين في القطاع على أسس و قواعد لعبة واضحة و شفافة.