تعيش الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات حالة احتقان خطيرة بسبب تعنث المسؤولين، وإمعانهم في محاربة العمل النقابي، وعدم استجابتهم للمطالب المشروعة للمستخدمين، الذين يواصلون وقفاتهم الاحتجاجية ضد مايعتبرونه الحرب التي يشنها المدير العام للوكالة على حرية العمل النقابي، وتضييقه على النقابيين وإغلاقه لباب الحوار، وعدم تسويته للملفات المتعلقة بتحسين الأوضاع المادية والمهنية للمستخدمين. والأدهى من ذلك أن هذه المؤسسة التي كان من المفروض أن تلعب دورا حاسما في تحسين الخدمات المقدمة للزبناء من قبل الفاعلين في مجال الاتصالات، ظلت عاجزة تماما عن القيام بهذه المهمة، ويتجلى ذلك في ارتفاع أسعار المكالمات وضعف الخدمات وغياب المنافسة الحقيقية بالرغم من تعدد المتعهدين ، وهي معطيات أكدها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات الذي يشير الى أن أسعار المكالمات في المغرب تفوق تلك المطبقة في تونس بحوالي 60%. كما أن الدراسات المنجزة في هذا المجال تؤكد أنّ هذه الأسعار تفوق بحوالي أربع مرات تلك المطبقة في الدول الأوروبية، دون إغفال عدم قدرة الفاعلين على توفير شبكة قوية بإمكانها تغطية كافة التراب الوطني، وهو ما يكرس مقولة المغرب النافع والمغرب غير النافع. ويشير تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى أنه منذ تأسيس الوكالة وإلى حدود سنة 2003 لم تخفض التعريفات المطبقة في مجال الاتصالات إلا بحوالي 20% في حين أن الشركات تجني أرباحا طائلة. وقد حاولت العلم الاتصال بمسؤولي الوكالة من أجل معرفة وجه نظرهم بهذا الخصوص، إلا أنها لم تفلح في ذلك، لأن هؤلاء المسؤولين يتهربون من الخوض في هذا الموضوع . وأكد هشام المنزهي الكاتب العام للمكتب المحلي للوكالة الوطنية لتقنيي الاتصالات التابع للاتحاد العام للشغالين بالمغرب أن ما يتحدث عنه التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات سبق أن تحدث عنه أطر الوكالة ونَبَّهُوا إلى خطورته وأضراره، إلا أنه لم تكن هناك أدان صاغية. وأبرز المنزهي في تصريح للعلم أن الوكالة تعيش اختلالات عميقة في مختلف المجالات، وأن الضرورة تقتضي الإسراع بالتدخل من أجل معالجة المشاكل المطروحة، وإيجاد الحلول المناسبة، قبل فوات الآوان، موضحا أن أطر الوكالة ضاقوا ذرعاً بسياسة الإهمال واللامبالاة التي يمارسها المسؤولون في حقهم. وقال المنزهي إن أطر الوكالة سيواصلون احتجاجهم ضد توجهات الإدارة إلى حين الاستجابة لمطالبهم المشروعة، وفي مقدمتها تسوية الملفات العالقة، والرفع من الأجور وضمان حرية العمل النقابي، واحترام الادارة للقانون والكف عن التدخل في شؤون جمعية الأعمال الاجتماعية كمؤسسة منتجة، تخضع للقانون المنظم للجمعيات، وليس لمزاج المدير العام للوكالة الذي حاول القيام بعمليات انقلابية ضد المكتب المنتخب. وأوضح محمد داحا نائب الكاتب العام للمكتب النقابي أن حالة التوتر داخل الوكالة خلفها المدير السابق وكرسها المدير الحالي ضد مصالح الأغلبية الساحقة من الأطر والمستخدمين، حيث إنّ هناك اختلالا كبيرا على مستوى تدبير الموارد البشرية، ووجود فوارق كبيرة على مستوى الأجور والمنح، إذ تفيد المعطيات المتوفرة أن حوالي 50% من الأطر يستفيدون من 80% من الموارد المالية للوكالة، و 50% المتبقية لا تستفيد سوى من 20%. وبشكل عام ظل المستخدمون في الوكالة يعانون من أوضاع مادية متدهورة مقارنة مع زملائهم في مؤسسات أخرى، بسبب تجميد الأجور وارتفاع معدل الاقتراض من الأبناك والشركات المالية، ذلك أنه بعد إصلاح القطاع وتقسيمه إلى ثلاث مؤسسات: (اتصالات المغرب وبريد المغرب والوكالة)، استفاد المستخدمون في المؤسستين الأوليتين من ثلاث زيادات في الأجور في حين أن مستخدمي الوكالة لم يستفيدوا من أية زيادة تذكر.