شرع يوم الجمعة فاتح أبريل وفد من الشرفاء العلميين من شمال المغرب في زيارة للأقاليم الجنوبية تأكيدا على الاختيارات الاستراتيجية للمغرب، وعلى رأسها الجهوية المتقدمة. وفي هذا الإطار انطلقت هذه الزيارة الروحانية بعقد ندوة بقاعة الندوات بمقر الولاية بمدينة العيون حضرها ممثلو القبائل الصحراوية وأولياء وشيوخ المنطقة وعدد من الأساتذة والمهتمين وجمهور عريض. وقد أخذ الكلمة في مفتتح هذه الندوة، التي أدارها الأستاذ عبد اللطيف شهبون، نقيب الشرفاء العلميين، السيد عبد الهادي بركة، الذي ذكر بأنّ هذه الزيارة هي الثانية من نوعها لوفد من أقاليم الشمال باعتبارها تعطي دفعة قويّة للمشيشيّين، وذلك لأنها هي الرابطة الحقيقية بين الشمال والجنوب. كما أبرز أنّ وفد الشرفاء العلميين يؤكد على «الاختيارات الاستراتيجية للمغرب، وعلى رأسها الجهوية المتقدمة التي تعتبر ردا على الأطروحة الانفصالية التي يروّج لها النظام الجزائري والدائرون في فلكه. كما تهدف هذه الزيارة إلى التأكيد على وحدة الروابط والتشبث بقيم المواطنة لأبناء المغرب في شموليته وتنوعه وتعدد هويته من شماله إلى جنوبه، والحفاظ على روابط الدم بين الشرفاء العلميين وأبناء عمومتهم من سكان الصحراء المغربية. واعتبر أن هذه الزيارة بمثابة رسالة نبيلة متجددة إلى المواطنين المغاربة المحتجزين بمخيمات تندوف للعودة إلى وطنهم والمساهمة في مسيرة التقدم والحداثة والديموقراطية تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس. ومن جهته، أبرز السيّد لارباس الشيخ ماء العينين رئيس المجلس العلمي لمدينة العيون مختلف الروابط الروحية والتاريخية والوطنية التي تصل الشمال بالجنوب قائلا :»نحن مدينون للشرفاء العلميين» في إشارة إلى الدور الوحدوي الكبير الذي يلعبه أحفاد القطب الرّباني مولاي عبد السلام بن مشيش. بعد هاتيْن الكلمتيْن الترحيبيتيْن انطلقا أعمال الندوة العلمية بمداخلة للأستاذ الدكتور عبد السلام شقّور في موضوع «قيم المواطنة ودورها في تحقيق الوحدة الوطنية والترابية». ومن ثمّن فقد ركّز تالمحاضر على منظومة القيم الروحية في تراث المدرسة الشاذلية، باعتبار هذه القيم هي الضوابط التي تضبط سلوك الفرد والجماعة في صيانة الهوية وضمان الوحدتين المجتمعية والترابية. ودعا إلى ترسيخ هذه القيم داخل المجتمع وتربية الأجيال القادمة عليها، باعتبارها الضامن لهوية المغرب ولخصوصيته والعنصر الموحد للأمة المغربية داخل مكوّن ثقافي هامّ ومتنوع. كما أشار إلى أن هذه القيم التي تلاتبط بسلوك المواطن تتمثَل بالخصوص في قيم المحبَة والإحسان والتكافل والمواطنة والوطنية. وبالرغم من كونها مطلقة ومشتركة بين جميع الأمم، فإن تنزيلها على أرض الواقع يرتبط بالمرجعية التي تنتمي إليها. أمّا المداخلة الثانية للدكتور عبد الله المرابط الترغي فقد تمحورتْ حول مقوّمات المدرسة المشيشية الشاذلية وأبعادها المعرفية والروحية والتربوية، مؤكدا على الجانب الروحي بصورة أكثر في تحقيق التواصل والمحبة الدائمة. كما وقف عند الدور الذي يضطلع به شيوخ المدرسة المشيشية الشاذلية في ترسيخ القيم الروحية ذات المنطلق الإسلامي، بالنظر إلى أهميتها في ضمان الوحدة وصيانتها. وختم المحاضر بالإشارة إلى أهمية البعد الروحي والتربوي باعبارها يلعب دورا حقيقيا في التواصل بين المغاربة في جنوب المغرب وشماله، شرقه وغربه، وذلك من منطلق أنّ الخصوصية الغنية التي تميّز المغرب تتجلّى أساس في تنوعه وغناه الثقافي والروحي الذي يلحم ويجمع كل مكوّناته ومناطقه. وبعد النقاش الذي أعقب هذه الندوة الهامة، قُرئت جهرا الصلاة المشيشية، ورُفعت إلى جلالة الملك برقية ولاء وإخلاص من نقيب الشرفاء العلميين بمناسبة هذه الزيارة المباركة الميمونة.