منتصف الثمانينيات، هي الفترة التاريخية التي ستعرف فيها المجموعات الغنائية في سوس خروجا ملحوظا عن هيمنة شروط الالتزام الفني الذي ميز نمط « تزنزارت» و» ارشاش» الموسوم بشعرية جديدة، تمتزج فيها نوعية المقامات المعزوفة، مع نصوص شعرية خالفت في ملامحها البلاغية واللغوية منجز فن الروايس. ذلك الخروج عن النمط، دشنته مجموعات جديدة، أعادت الارتباط بين أغنية الروايس واللبوس الفني الحديث، المتمثل في نظام « المجموعات « ، فكان أن استقبل المتلقي تجارب ك» أودادن»، « لارياش»، « انرزاف»، « ايت العاتي» وغيرها كثير، بنوع من الإقبال المكثف، الذي يعتبر ظهور مجموعات جديدة بشكل مستمر، اكبر دليل على تناميه واستمراره. كون بلدة « بنسركاو» المهد الرئيسي لتجربة أودادن الشهيرة، وكان فتيان البلدة وشبابها من المتأثرين بذلك النسق ، لذلك ظهرت تجارب أخرى كثيرة، منها ما اكتفى بتنشيط المناسبات العائلية أو المشاركة في سهرات عمومية ، ومنها ما أنتج أعمالا فنية، كمجموعة « ايقبيلن « التي أبدعت عملين فنيين، ساهم فيهما فنان دون الثامنة عشرة من عمره، وبعزف جميل على آلة « البانجو « مع الأداء ، ولم يكن الفتى سوى حميد بايح، الذي سينتقل إلى مجموعة « إنرزاف» رفقة لحسن بيزنكاض . كانت مجموعة « انرزاف» في بلدة الدشيرة كل من لحسن بيزنكاض ولحسن أسافي، ومن التجارب التي حظيت منذ تأسيسها باهتمام وتتبع لا بأس بهما من قبل الجمهور، خاصة وأن لحسن بيزنكاض « رايس» ضمن المجموعات، من خلال تأمل تأثره بالمجال البدوي لقريته في حاحا ، سواء على مستوى النص الإبداعي وكلمات الأغاني، أو على مستوى الإيقاع واللحن . في لحظة اختلاف بين مؤسسي « انرزاف» ، ستفرض القطيعة والانقسام على المجموعة، فكان الأمر نوعا ما أخف بالنسبة للأسافي، الذي يعتبر عازفا جيدا، وصوتا يطرب، عكس بيزنكاض الذي سيحتاج إلى عازف ماهر على آلة « البانجو» ، حتى إذا ما أتيحت له فرصة معاينة أداء « ايقبيلن» في إحدى المناسبات، أبهره حميد بشكل جعله يقترح عليه الانضمام إلى المجموعة التي سيواصل بها المشوار ، بعد انقطاع حبل الود بينه وبين لحسن أسافي ، وهكذا تحقق الأمر . مرت تجربة حميد رفقة مجموعته الجديدة بفترات جذابة، وتمكنت المجموعة من انتاج ألبومات سرعان ما حققت لها شهرة في جل أرجاء سوس والحوز، ومن الغرابة أنها ستعرف فيما بعد ظاهرة ربما فريدة في ريبرتوار اغاني المجموعات، حيث أن أربعة من أفرادها سيتمكنون من إنتاج مستقل عن المجموعة ، فبالإضافة إلى بيزنكاض وحميد، لاننس تجربة كل من « بوبكر أوشتاين» و» حسن باطش» . وباستقلال حميد عن المجموعة، سيلتحق به كل من « حسن باطش» و» بوبكر أوشتاين»، مفاجئا الجمهور خلال بدايات التسعينيات بأسلوب جديد في الأداء، ونبر صوتي جديد مخالف للسائد، وكان ألبومه « أحبيب ءيمودا ءيفتا» من الأعمال الموفقة حتى على مستوى المبيعات، مما ضمن لمجموعة « حميد انرزاف « جمهورا عريضا ، خصوصا وأن نسقها وأداءها مختلف تماما عن المجموعة الأصلية برئاسة بيزنكاض . وإذا ما ألقينا نظرة حول الأغاني التي أنتجتها مجموعة « حميد انرزاف» ، سنلاحظ على مستوى الألحان ميزة تعدد ، إذ للمجموعة أغان على إيقاع « تزنزارت» رغم محدوديتها كما عانقت إيقاع الروايس ، منفتحة على الأغنية الشعبية الناطقة بالدارجة العربية ، كما هو الشأن في بعض الأغاني التي احتفظت باللحن الأصلي ، وطبعا تتحقق فيها كمجموعة نوعية مميزات المجموعات أثناء الإنتاج ، من تضمين للإيقاع الكناوي ، وإيقاعات شعبية محلية ، وفي هذا الصدد نشير إلى كون هذا الاهتمام الكبير للفنان حميد انرزاف بجل مكونات الفن الشعبي المغربي، افرز انتشاره التدريجي بين أوساط غير ناطقة بأمازيغية سوس ، وكان في ذلك لأغنية « أمداكل ءينو» دور لايتجاهل . وآخر أعمال الفنان حميد إنرزاف ، أغنية « أغريب « ، التي تناولت كلماتها في التزام شعري ينهج شعرية الوضوح ، معاناة المهاجر المغربي في الديار الأوروبية ،مطلعها : ءاياغريب ءيدان مسكين ءورتا دورين ءيلا غ تمارا دلغيار ءورتا هنان مقار نيت ءيزوك ءاكاس ءورتن داوان ملا ءوفان لخاطر نس ءوراك راد ءالان