تقف اليوم العاصمة الروحية للمملكة المغربية وسكانها الأوفياء بكل إباء وإكبار لإحياء الذكرى 67 لأحداث فاس الدامية والتي تصادف هذه السنة نفس اليوم (الإثنين 31 يناير 1944 ) . فقد قدمت فاس حوالي 1000 ضحية متمثلة في : 29 شهيدا و230 مصاب بجروح خطيرة و 330 سقطوا بجروح متفاوتة ومن بينهم معطوبون و400 معتقل سيقوا من مسجد الرصيف على إثر الأحداث، بالإضافة إلى محاصرة فاس وحرمانها من الماء والكهرباء والمؤونة لمدة تزيد عن نصف شهر ثم استباحة المدينة في وجه المستعمرين وجيوشهم وأذنابهم ناهيك عن اقتحام ونهب المتاجر ومستودعات السلع .. إنها صورة مختصرة عما عانته فاس وسكانها كنموذج لنضالات وكفاح الشعب المغربي على امتداد خريطة الوطن . تنظيم حزبي دقيق يقوم على السرية والإستباقية ويحكي الأخ سيدي امحمد العراقي أن من أسرار نجاح الحركة الوطنية هو التنظيم المحكم والدقيق المشفوع بالسرية التامة وكذا الاستباقية في اتخاذ الإجراءات لمواجهة الأسوء لما ينتظر .. وفي هذا الصدد يؤكد أن التنظيمات الحزبية ظلت تقوم بواجبها المطلوب منذ الثلاثينات على مستوى الخلايا المهنية والسكنية، إلى أن قررت القيادة الحزبية بمدينة فاس المكونة من : الحاج أحمد مكوار ، الهاشمي الفيلالي وعبد العزيز بن ادريس عقد اجتماع عاجل لمسيري الحزب بفاس يوم 6 يناير 1944 بمدرسة النجاح ( التي كان يديرها المجاهد الهاشمي الفيلالي ) وتكلف بهذه المأمورية الحاسمة كالعادة سيدي امحمد العراقي رفقة المرحوم الحاج محمد بالحبيب ، وعلى وجه السرعة كان الإجتماع جاهزا حضره بصفة حصرية الإخوة : امحمد العراقي ، محمد بالحبيب ، محمد ززاح ، ادريس السلاوي» القاضي» الطيب السبتي و العربي بن جلون .حيث أخبروا أن الحركة الوطنية قادمة على نقلة نوعية هامة في تاريخها النضالي وعليه في حالة اعتقال القيادة المحلية فإن أمر تدبير شؤون الحزب بفاس سيؤول إلى الأخوين : عبد الكبير الفاسي وحسن بنشقرون . انفض الإجتماع بدون أي استفهام أو تعليق ليقوم كل واحد بعد ذلك بدوره بدون أي إثارة أو إشارة ، وفعلا توضح ماكان عالقا بالأذهان حين تم الإعلان عن تقديم عريضة المطالبة بالإستقلال يوم 11 يناير1944 . نار تحت رماد (من 11 يناير إلى 29 منه) واصلت خلايا الحزب نشاطها المعتاد أضيف إليه عرائض دعم الوثيقة من مختلف شرائح وحرفيي ومهنيي مدينة فاس ، إلا أن الساكنة يقول الأخ العراقي توجد في حالة انتظار وقلق وكأن لسان حالها جميعا يقول: وماذا بعد تقديم العريضة ؟ ولعل الحكمة الوازنة للقيادة الحزبية كانت تتوخى المزيد من التعبئة والمزيد من الحماس الشعبي والفورة الجماهيرية حتى إذا ما هيئت الفرصة المناسبة اندلعت الثورة المطلوبة وكذلك سارت الأمور. من تشييع جنازة إلى انطلاق الشرارة الجمعة 28 يناير 1944 وفي ظل هذه الأجواء المشحونة ينتقل إلى عفو الله الشقيق الأصغر للمجاهد سيدي عبد العزيز بن ادريس فحجت إلى دار الجنازة بمنزل هذا الأخير بواد الحريقي بمنطقة العدوة ، جماهير غفيرة ، نعم هناك جنازة مرتبطة بزعيم كبير ولكن هناك شيء آخر يختمر في نفوس السكان دي علاقة بقضيته الوطنية فامتزجت الإبتهالات الجنائزية بالشعارات الوطنية وتفرق المشيعون وفي نفوسهم شيء من «إن» . وفي يوم الغد السبت 29 يناير 1944 حل عدد كبير من السكان إلى مقبرة «لكبب» سيرا على التقليد المعروف ب (صباح القبور) تغيب عنه عبد العزيز بن ادريس وماهي إلا لحظة وجيزة حتى أخبر والد هذا الأخير المرحوم سيدي عبد الرحمان بن ادريس( مؤقت جامع الأندلس )المجاهد الحاج أحمد مكوار لما تعرض له إبنه من اعتقال في منتصف الليل ، ونفس الشيء طال المجاهد سيدي الهاشمي الفيلالي لتمتد الأيادي الآتمة إلى ثالث الثلاثة الحاج أحمد مكوار بمجرد وصوله إلى بيته بساحة بطحاء الإستقلال (التي حررت بداخلها عريضة المطالبة بالإستقلال). وبذلك تحقق ما استبقت إليه القيادة الحزبية وإثر ذلك يقول الأخ العراقي تقرر عقد اجتماع مستعجل بدار المرحوم محمد ززاح بزنقة لعلوج بالصفاح بمنطقة العدوة حيث قررت القيادة المحلية الجديدة جعل يوم الغد يوم إضراب عام . الأحد 30 يناير 1944 : إضراب عام واحتجاج صارخ كل شيء تم كما رتب له يقول الأخ سيدي امحمد العراقي ، مدينة فاس «ساروت واحد» بمعنى أن جميع الأسواق والمرافق مقفلة ، تجمع حاشد بجامع القرويين تناوب على تأطيره كما قررت القيادة المحلية المؤقتة الجديدة كل من محمد السعداني ، عبد الوهاب القباج وعبد الوهاب الفاسي (محرر وثيقة المطالبة بالإستقلال ) وقد هاج حماس الجماهير الفاسية لتنتقل المظاهرات إلى الأحياء المجاورة لجامع القرويين دون أن يقع أي اصطدام أو مواجهة . وفي الاجتماع الليلي لمسؤولي الحزب والذي اعتاد احتضانه في هذه الأيام بيت المرحوم العربي الورياكلي بكزام برقوقة .وصل الأخ امحمد العراقي ليخبر الحاضرين بالقرار الذي أودعه إياه سيدي الكبير الفاسي بضرورة تصعيد وثيرة المظاهرات ولو أدت إلى المواجهة والمصادمة «حتى يسيل الدم» ، وقد تلقف المناضلون الوطنيون هذا الخبر بحماس واندفاع كبير ومن بين المسؤولين الذين حضروا هذا الإجتماع الإخوة : المجاهد سيدي العربي الإدريسي والشهيد حسن العلوي والمرحوم الكغاط ، كما تقرر تعيين خطباء جدد هم :العلامة المرحوم عبد الحمان اربيحة بمعية الأخوين : عبد القادر زمامة والحسن بناني مع ضرورة تسليم الخطباء السابقين أنفسهم للإدارة الإستعمارية . الإثنين 31 يناير 1944 أو اليوم المشهود في تاريخ فاس كل شيء كما تم ترتيبه يقول الأخ المجاهد سيدي امحمد العراقي ، خرجت الجماهير الشعبية الإستقلالية عن بكرة أبيها وفي مقدمتهم الحرفيون «الدباغة والخرازة» من دار الدبغ كرنيز وشوارة وكذا من مختلف أحياء وأزقة المدينة العتيقة رافعين شعارات وطنية حماسية ضد الإستعمار وسياسته ، متحملين كل أنواع الضرب والتعذيب والذي تحول إلى إطلاق الرصاص في وجه المتظاهرين هؤلاء الذين لم يبالوا بكل هذه المظاهر المسلحة مقتحمين المواجهة بالوسائل التي يتوفرون عليها وقودهم وسلاحهم الأساسي إيمانهم بعدالة قضيتهم الوطنية . أمام هذه المعركة غير المتكافئة يسقط أول شهيد في صفوف الوطنيين وهو البطل مولاي الحسن العلوي بساحة السبطريين وهو أحد أفراد خلية حرفة الخرازة بفاس ،( كما كان رحمه الله أحد الموردين الأوفياء للمجاهد سيدي عبد العزيز بن ادريس) ، وقد تمكن الوطنيون في هذه الأثناء من كشف أحد المخبرين الفرنسيين الآتي من الرباط والمسمى إسماعيل حيث تمكنوا من إسقاطه قتيلا بداخل جامع القرويين ، بعد هذين الحدثين ارتفعت وثيرة المواجهة والإصطدامات لتعم مختلف أحياء وأزقة مدينة فاس وتخلف جملة من الضحايا مابين شهداء وجرحى ومعطوبين ومعتقلين ومنفيين مما سبق الإشارة إلى بعض إحصائياتها سالفا . أمام هذا المشهد المروع أخذت اللجن المعدة سلفا ومن بينها لجنة الإسعاف المكونة من الإخوة : أحمد بن سليمان، العربي بنيحيى ، عبد العزيز السراج ، حسن علوش (مسعف تقليدي ) تقوم بواجبها بمعية عدد من المناضلين بحمل الجرحى والمعطوبين إلى مراكز المعالجة ، كعيادة الدكتور محمد بن ادريس بنيحيى بباب الخوخة أو إلى مستشفى كوكار (ابن الخطيب حاليا ) أو إلى ضريح سيدي أحمد التيجاني ، حيث كانت تقدم الإسعافات الأولية .كما تجند تجار المدينة لدعم لجنة الإسعاف ومدها بكل المتطلبات الضرورية كأثواب تضميد الجراح التي كان يقدمها المرحوم احميدو بناني (شقيق الوطني بناني المعروف بالزعيم) . وكالعادة اجتمع مسيرو الحزب الذين بقوا على قيد الحياة أو لم يصابوا بأحداث بمنزل المرحوم العربي الورياكلي حيث أخبرهم سيدي امحمد العراقي بالقرارات الموالية ومن بينها جعل الغد يوم الشهيد . الثلاثاء فاتح فبراير 1944 : يوم الشهيد واصلت فاس معركتها النضالية الوطنية بالإضراب العام وجعل يوم فاتح فبراير 1944 يوم الشهيد ، كما تقرر اختيار خطباء جدد لتأبين شهداء فاس ويتعلق الأمر بالعلماء السادة : الحاج أحمد بنشقرون ، محمد بنشقرون السطاتي (مدير المركز العام للحزب سابقا) و بن عثمان الشامي ، فكان يوما مؤثرا وأليما يقول الأخ امحمد العراقي ، حيث تجندت اللجن المختصة لنقل ودفن الشهداء برئاسة المرحوم محمد ززاح كما وضعت عائلة بن حدو (المعروفة بوطنية جميع أفرادها ) روضة بباب الحمراء قرب ضريح سيدي اعلي بوغالب لدفن الشهداء البالغ عددهم 29 شهيدا والذين نقلوا على الألواح الخشبية و أبواب الدكاكين المعروفة ب»الغلاقات» ، وأثناء عملية الدفن فوجئ الجميع بوقوف كتيبة عسكرية يقودها الجنيرال سوفران حاكم ناحية فاس والكوماندار سلالي رئيس الإستعلامات الإستعمارية ، وأمروا الوطنيين بضرورة توزيع دفن جثث الشهداء عبر مختلف مقابر فاس وناحيتها . فماكان من اللجنة المكلفة إلا أن حملت جثث الشهداء إلى جامع «الجنائز» بمسجد الأندلس على أساس أن تتم عملية الدفن في يوم الغد بالشكل الذي «أمرت» به الإدارة الإستعمارية مما جعل هذه الأخيرة تطمئن على حسن تنفيذ قراراتها . حزب الإستقلال بفاس يتحدى القرارات الإستعمارية ويقوم في سرية تامة بدفن شهدائه جميعهم في جنح الظلام وفي مكان واحد صفعة قوية وجهها حزب الإستقلال للإدارة الإستعمارية بفاس يحكي الأخ امحمد العراقي، حين قرر مناضلوه الأفداد بقيادة المجاهد سيدي العربي الإدريسي وإخوانه الحرفيون وخاصة منهم الدباغة ، في جنح الليل ، نقل جثث شهدائهم ودفنهم جماعة في مكان واحد ، حيث تم اختيار الفضاء المجاور لفران ساحة كرواوة بسيدي بوجيدة والذي كان مخصصا لوضع حطب واعواد الفرن ، والذي وضعته بكل اريحية عائلة العراقي رهن اشارة الحزب ، كما قام الوطني الغيور الحاج محمد الخميري رحمه الله بجعل مصنعه الخشبي بحي واندو تحت تصرف الوطنيين لأخد ما يلزم من الواح خشبية وادوات الدفن . ولم يحل فجر اليوم الموالي ( الأربعاء 2 فبراير 1944 ) حتى تم دفن الشهداء واعيد مكان المقبرة الى وضعه السابق وكأن شيئا لم يكن . مما فاجأ القوات العسكرية الإستعمارية وهددت مؤذن جامع الأندلس إن لم يخبرهم بمصير الجثث ؟ إلا أن جوابه كان بإستمرار لعل «ملائكة الرحمن أخذتهم ليلا « لينكشف فيما بعد للرأي العام أن مكان الدفن هو المعروف حاليا بمقبرة الشهداء . - حصار شامل و مواصلة الإضراب العام بفاس : من 2 فبراير إلى 16 منه 1944 لم يكف القوات الإستعمارية ما قامت به من قتل و تشريد وتجويع ضد سكان فاس بل تجاوزت كل الحدود وأخذت تداهم وتكسر أبواب المتاجر ودور السلع انتقاما من التضامن الذي أبان عنه تجار وصناع المدينة مع الحركة الوطنية الإستقلالية بل استباحوا المدينة وحرضوا على الفتك بأهلها وظلت مقاومة الوطنيين متواصلة بكل الوسائل بما فيها مواصلة الإضراب العام ، والذي حاولت القوات الإستعمارية فكه بكل الطرق الممكنة الترهيبية والترغيبية ، وفي هذا الصدد يقول الأخ المجاهد سيدي امحمد العراقي ، التجأت الإدارة الإستعمارية إلى دعوة عدد من علماء القرويين وأعيان المدينة لحل الإضراب العام ، وقد تولى بعض الحاضرين مواجهة هذا الأسلوب كما هو الشأن بالنسبة للعالم المرحوم سيدي العربي الحريشي (والد أخينا المجاهد سيدي عبد الرحمان الحريشي مدير مؤسسة علال الفاسي سابقا) الذي طلب من المستعمر إطلاق سراح زعماء ومناضلي حزب الإستقلال لحل الإضراب فما كان من المقيم العام «بيو» إلا أن هدده مستعملا أبشع عبارات التنكيل ضده ، وبعد أن استعصى الأمر كونت الإدارة الإستعمارية مجموعة من أذنابها ومن بينهم : الفقيه بنسعيد للنزول إلى أسواق المدينة لتنفيذ مخططها ، غير أن ماتعرضت له هذه اللجنة من إهانة وإدانة إلى درجة «البسق» في وجوهها اضطرتها إلى العودة خائبة. 16فبراير يوم «النفير» العام كان لاجتماع يوم 15 فبراير 1944 المعتاد تنظيمه كل ليلة مع مسؤولي الحزب ، صبغة متميزة فقد ترأسه السيد حسن بنشقرون والذي كان مرفوقا بكل من الأخوين : امحمد العراقي ومحمد بالحبيب حيث اخبر الجميع بأن يوم الغد( 16فبراير 1944) سيكون حاسما أطلق عليه يوم «النفير» العام وعلى إثره سيتم توقيف الإضراب لتواصل مدينة فاس نضالها المعتاد ، كما تقرر أن يؤطر هذا اليوم الذي سيكون مركز تجمعه مسجد الرصيف كل من الأخوين : الطاهر غلاب والمرحوم عبد السلام بن عبد الجليل (مدير المركز العام للحزب سابقا ) . وفعلا يقول الأخ العراقي حجت جماهير غفيرة ضاقت بها رحاب مسجد الرصيف وألقيت خطب حماسية موضحة مايستقبل من النضال إلا أن الجميع فوجئ بتطويق المسجد والأحياء المجاورة له بقوات عسكرية استعمارية حاشدة مدعمة بكل أنواع الأسلحة واضعة معظم الحاضرين في شكل طابور مقتادين تحت سلطة البنادق والتهديد في اتجاه باب الساكمة ، حيث أقيمت لهم محاكمات صورية وأصدرت في حقهم أحكام سجنية متفاوتة حيث نقلوا بواسطة شاحنات إلى وجهة غير معلومة ، وقد استطاعت قيادة الحزب بفاس بواسطة وسائلها الخاصة على يد أحد الوطنيين السيد التازي صاحب شركة نقل أن تتأكد من تواجدهم بمدينة ميسور ، كما اختارت قيادة الحزب على يد الأخ العراقي المناضل السيد أحمد العلمي دبيزة وهو من خلية الخرازة بفاس وأحد الوطنيين المخلصين ليتولى مهنة مساعد السائق ليتمكن من نقل المؤونة والألبسة الضرورية للإخوان المعتقلين بمدينة ميسورعلى يد الأخ الطاهر غلاب . وخلال طيلة هذه الأيام الحالكة بمدينة فاس كثيرا ماكان يطلب من الأخ امحمد العراقي نقل رسائل شفوية إلى القيادة الحزبية الوطنية وخاصة للإخوة : الفقيه الغازي ، الحاج عمر بن عبد الجليل ومحمد اليزيدي ، كما كان هؤلاء يحملون الأخ العراقي قرارات حاسمة وتوجيهات مضبوطة لينقلها إلى القيادة المحلية بفاس ، ومن بين ماقاله المرحوم اليزيدي للأخ العراقي حول مايجري في مدينة فاس : «إن مدينة فاس قامت بما تقوم به العواصم الكبرى في أوروبا ضد النازية والآن خليو الما منين يدوز».وهي الإشارة التي التقطتها قيادة الحزب بفاس للإعلان عن يوم «النفير» . وظلت مدينة فاس يقول الأخ العراقي على سكة النضال تستعد لكل المواجهات القادمة ومن بينها محطة ثورة الملك والشعب والتي تعتبر سجلا نضاليا جديدا في تاريخ هذه المدينة أدت إلى اعتقال ونفي العدد الكبير من مناضليها ومن بينهم متحدثنا الأخ سيدي امحمد العراقي الذي تعرض لأبشع أنواع النفي والتعذيب . تحقيق حلم الوطنيين المجاهدين: من المقبرة السرية إلى مركب الشهداء الشامخ ظلت رغبة الوطنيين المجاهدين ببناء مركب بجوار مقبرة الشهداء مطلبا ملحا وحاضرا باستمرار .وقد بذلت مساعي حميدة ومتعددة من طرف بعض المجالس البلدية المتعاقبة على مدينة فاس ، إلا أن هذا المطلب الوطني والتاريخي والثقافي الكبير لم يكتب له النجاح إلا في المدة الأخيرة ، حيث قام مسؤولو حزب الإستقلال بمدينة فاس بقيادة الأخ حميد شباط عضو اللجنة التنفيذية للحزب بتسوية كل الأمور المرتبطة بالفضاء المجاور لمقبرة الشهداء وشيدت بها معلمة كبرى عبارة عن مركب شامخ يضم عدة أجنحة وطوابق وقاعات متعددة الإختصاصات وخزانات ترتبط في مجملها بحياة هؤلاء الشهداء ومعارك فاس النضالية خصوصا والحركة الوطنية عموما في أبعادها التاريخية والثقافية والفكرية ..