أعلن الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، أن الحكومة، التي يترأسها سعد الحريري، حكومة مستقيلة، وطلب منها الاستمرار بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وذكر بيان صادر عن مكتب الرئاسة، أن هذا القرار اتخذ بعد أن فقدت الحكومة أكثر من ثلث أعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها. ويأتي قرار الرئيس اللبناني بعد استقالة 11 وزيرا، بينهم عشرة من فريق المعارضة، من الحكومة، مما يعني أنها أصبحت في حكم المستقيلة بعد استقالة الثلث زائدا واحدا من وزرائها. وكانت المعارضة أمهلت الحريري كي يعلن عقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء بشأن المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال والده رفيق الحريري رغم أن رئيس الوزراء كان خارج البلاد. وجاءت هذه التطورات بعد إعلان سياسيين لبنانيين عن فشل المبادرة السورية السعودية في التوصل إلى اتفاق للحد من التوتر بشأن المحكمة التي يتوقع أن توجه الاتهام إلى أعضاء ب«حزب الله» في مقتل رفيق الحريري عام 2005. وفاقم التوتر بشأن المحكمة -التي يتوقع أن تصدر مسودة قرار الاتهام هذا الشهر- من الخلافات القائمة بين الحريري و«حزب الله». ونفى «حزب الله »مرارا أي دور له في اغتيال الحريري، وندد بالمحكمة ، التي وصفها بأنها «مشروع إسرائيلي»، وحث رئيس الوزراء على رفض نتائجها. ورفض الحريري وقف التعاون مع المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرا لها. وتسببت الخلافات في شل عمل حكومة الوحدة التي تشكلت قبل 14 شهرا، واجتمع مجلس الوزراء مرة واحدة فقط خلال الشهرين الماضيين. ويرى محللون إن الاستقالات قد تمهد الطريق لاضطرابات سياسية طويلة الأمد في لبنان الذي عانى من أزمات متلاحقة منذ اغتيال الحريري ، بما في ذلك سلسلة تفجيرات واقتتال طائفي في شوارع بيروت عام 2008. و قد أجرى الحريري محادثات في باريس بشأن أزمة الحكومة مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل أن يعود لبلاده. وقبل التوجه إلى باريس، دعا الحريري من واشنطن، فرنسا وقطر ودولا أخرى إلى بحث أزمة بلاده، في حين قال البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي باراك أوباما أعرب عن تأييده للحريري وللمحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال والده. وفي هذا الصدد قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إنه لن يكون هناك وقف فوري للمساعدات الأميركية للجيش اللبناني بعد سقوط الحكومة، وإن واشنطن تريد أن تتشكل الحكومة اللبنانية الجديدة في أجواء سلمية. وتعليقا على انهيار الحكومة ، قال البيت الأبيض إن انسحاب «حزب الله» من حكومة الوحدة الوطنية يظهر «خوفه الخاص وتصميمه على تقويض قدرة الحكومة على العمل». وقد عبرت فرنسا وبريطانيا والأمين العام للأمم المتحدة ، بان كي مون، عن دعمهم غير المشروط للمحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال الحريري. كما دعت السعودية «حزب الله» إلى الانضمام مرة أخرى إلى حكومة الحريري، وحذرت على لسان وزير خارجيتها ، سعود الفيصل، من أن البلاد يمكن أن تنزلق مرة أخرى إلى العنف. كما أعرب الأمين العام للجامعة العربية ، عمرو موسى، عن أسفه لانهيار الحكومة اللبنانية، وحذر من خطر تدهور الأزمة السياسية في لبنان أكثر. وأعربت تركيا عن أملها في أن يعيد «حزب الله» التفكير في الاستقالات، وعبرت من خلال وزير خارجيتها أحمد داود أوغلو، عن تأييدها لجهود الوساطة السورية السعودية.