تباينت ردود الفعل الدولية بعد نشر موقع ويكيلكس وثائق سرية أميركية، ففي الوقت الذي دعا الرئيس الفنزويلي ، هوغو شافيز، وزيرة الخارجية الأميركية ، هيلاري كلينتون، للاستقالة، سخر رئيس الوزراء الإيطالي، سلفيو برلسكوني، من الوثائق المنشورة، في حين أكد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، ضرورة محاكمة المسؤولين عن الموقع المذكور. فقد دعا شافيز كلينتون إلى الاستقالة بعد نشر ويكيليكس 251 ألف وثيقة تضم مراسلات بين السفارات الأميركية بالعالم ووزارة الخارجية. وقال في خطاب بثته محطة التلفزيون (في تي في) «الإمبراطورية (الأميركية) تمت تعريتها وعلى كلينتون أن تستقيل». وأضاف شافيز، الذي أشاد ب «شجاعة» ويكيليكس والعاملين فيه «الاستقالة ، هي أقل شيء يمكنها أن تفعله، وكذلك الأمر بالنسبة للمنحرفين الآخرين في الخارجية الأميركية «. وأردف قائلا «أعتقد أن أحدا ما يجب أن يستقيل، لا أقول أن هذا الشخص هو الرئيس (باراك) أوباما». وسخر الزعيم المناهض للإمبريالية من رئيسة الدبلوماسية الأميركية، وقال «يجب أن يدقق في التوازن العقلي لكلينتون» مشيرا بذلك إلى برقية للدبلوماسية الأميركية متعلقة بالصحة العقلية للرئيسة الأرجنتينية كريستينا كيرشنر. وانتقد شافيز الإدارة الأميركية، وقال إنها «تهاجم الحكومات ولا تحترمها بما في ذلك حكومات حلفائها». أما في إيطاليا، فقد أفادت مصادر إعلامية أن رئيس الوزراء أصيب بنوبة ضحك عندما علم بما سربه موقع ويكيليكس الذي تحدث عن «احتفالات صاخبة لبرلسكوني». وقالت وكالة الأنباء الإيطالية، نقلا عن مصادر مطلعة، أن برلسكوني «ضحك كثيرا» عندما تم إبلاغه بالتسريبات التي تصفه خصوصا بأنه «منهك» بسبب «جنوحه إلى الحفلات» وأنه «لاحول له ولا قوة». وفي تعليقه على الموضوع، قال برلسكوني، الذي شارك حاليا بالقمة الأفريقية الأوروبية المنعقدة بطرابلس الليبية، في تعليقات مازحة بثتها محطة سكاي تي جي 24 التلفزيونية «للأسف لم يسبق لي في حياتي أن شاركت في أي حفل جامح قد يكون مثيرا للاهتمام». وأضاف «أقيم مرة واحدة في الشهر حفلات عشاء في منازلي لأن هناك الكثير من الأشخاص الذين يريدون مقابلتي». ورغم سخرية برلسكوني، فإن تسريبات ويكيليكس شكلت فرصة لأحزاب اليسار التي وجهت انتقادات لرئيس الوزراء متهمة إياه بضرب مصداقية البلاد. فقد قال الحزب الديمقراطي -وهو أبرز القوى اليسارية- «الوثائق التي تم نشرها تؤكد مدى ضرب المصداقية الذي تسبب به برلسكوني لصورة إيطاليا بالعالم «. وبالاستناد لتسريبات نقلتها بعض وسائل الإعلام، فقد أظهرت واشنطن قلقا إزاء «العلاقات المفرطة في الودية» بين رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين وبرلسكوني، والاتفاق بين المجموعة الإيطالية إيني والروسية غازبروم بشأن الخط العملاق لأنابيب الغاز المفترض أن يصل روسيا بأوروبا. ورغم غيابه عن الساحة السياسية، اعتبر الرئيس الأميركي السابق جورج بوش أنه ينبغي «ملاحقة» المسؤولين عن تسريب وثائق موقع ويكيليكس. واعتبر بوش أن «عملية التسريب تتسبب بأضرار كثيرة، وينبغي ملاحقة من يقفون وراءها «. وعن شعوره بعد نشر الوثائق السرية، قال بوش «أصبت بخيبة أمل حين علمت أن بعض الأشخاص لا يحترمون الاتفاق الذي وقعوه مع الحكومة بعدم كشف بعض الأسرار». وقال أيضا «حين يتم نشر أحاديث مع قادة أجانب في الصحف، فهذا أمر غير مستحب، بالنسبة إلي، إنني لا أحبذ ذلك». يُذكر أن البيت الأبيض وصف مسؤولي ويكيليكس بأنهم «مجرمون» بعدما بدأ الموقع الأحد الماضي نشر وثائق سرية للدبلوماسية الأميركية عبر صحف عدة. وتوعد وزير العدل الأميركي إيريك هولدر بمحاكمة كل من يتبين أنه على علاقة بالتسريب، مشيرا إلى أن السلطات الأميركية تجري تحقيقا جنائيا مكثفا فيما يتعلق بكشف ويكيليكس آلاف الوثائق السرية. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، روبرت غيبس، «قد تكشف هذه البرقيات مناقشات خاصة مع حكومات أجنبية وزعماء معارضين وعندما يطبع محتوى المحادثات الخاصة على الصفحات الأولى للصحف حول العالم فإن ذلك قد لا يضر بدرجة كبيرة فقط بمصالح سياستنا الخارجية بل أيضا بمصالح حلفائنا وأصدقائنا حول العالم». وأضاف أنه «بحسب طبيعتها فإن البرقيات عادة ما تحتوي على معلومات غير مكتملة ولا تعبر عن السياسة». وتابع غيبس «مثل هذا الإفشاء يعرض للخطر دبلوماسيينا ومتخصصين في المخابرات وأشخاصا حول العالم يأتون للولايات المتحدة طلبا للمساعدة في الترويج للديمقراطية ولحكومات منفتحة». واستنكرت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) على الفور نشر ويكيليكس «المتهور»، وأشار المتحدث باسمها بريان وايتمان إلى أنها قامت بسلسلة من التصرفات للحيلولة دون وقوع مثل هذه الأحداث في المستقبل»، وعدم تحميل معلومات سرية على وسائط تخزين نقالة. من جانبه قال رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأميركية، الأدميرال مايك مولن، إن تصرفات ويكيليكس بالغة الخطورة, ومن شأنها الإضرار بالأمن القومي الأميركي وعلاقات الولاياتالمتحدة مع حلفائها. وكانت وزارة الخارجية الأميركية تواصلت مع حكومات حول العالم خلال الأيام السابقة لنشر تلك الوثائق معربة عن قلقها من أن تؤدي التقييمات السلبية الواردة في تلك الوثائق عن القادة إلى تقويض العلاقات. وقد رفضت الإدارة الأميركية التفاوض مع موقع ويكيليكس بشأن نشر الوثائق،، معتبرة أنه تم الحصول عليها بصورة غير قانونية وأن مجرد حيازتها انتهاك للقانون الأميركي لا يأخذ في الحسبان العواقب الخطيرة التي قد تترتب على ذلك. وفي خضم الضجة التي أحدثها الكشف عن بعض ما احتوته تلك الوثائق، بدأ ت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون جولة في آسيا الوسطى والشرق الأوسط كانت مقررة قبل الإعلان عن نشر الوثائق قد تتعرض خلالها للإحراج من حلفاء في المنطقة.