تقديم كتاب الصحراء المغربية أرض النور والمستقبل بدوسلدورف ألمانيا    من المسؤول عن تعطيل عملية تسليم الشقق للمنخرطين في مشروع القدس 1 المنتهية أشغاله بودادية النجاح للسكن بأكادير    المنتخب المغربي يصل إلى فرانسفيل    السياحة المستدامة والتحول الرقمي محور الدورة الثالثة لملتقى المقاولة بالحسيمة    "الفعل الاجتماعي" في المغرب .. مسؤولية الحكومة وانتظارات المواطن    المغرب والسعودية يتفقان على تسهيل عملية ترحيل المحكوم عليهم بين البلدين    مسؤول برئاسة النيابة العامة يوضح النطاق المحمي بمقتضى قانون الصحافة وموجبات تطبيق القانون الجنائي    الولايات المتحدة.. ترامب يعين ماركو روبيو في منصب وزير الخارجية    الناقد المغربي عبدالله الشيخ يفوز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي    جهة الداخلة تعزز الشراكة مع إسبانيا    هبات رياح قوية مع تطاير للغبار مرتقبة غدا الخميس بعدد من أقاليم المملكة    باليراريا" تنقل فرق مغربية ومعدات شفط المياه لدعم جهود الطوارئ في فالنسيا            رقم قياسي.. المغرب استقبل 14.6 مليون سائح حتى متم أكتوبر الماضي    أمن العيون يطيح بشبكة إجرامية تنشط في سرقة الأسلاك الكهربائية    تقرير: 16% فقط من المغاربة يعيشون حياة "مزدهرة" و69% يفكرون في تغيير وظائفهم    جمعية ثاويزا آيث شيشار تكتشف و ترصد دولمن مدفني بجماعة بني شيكر يعود لألاف السنين    لجنة المالية تصادق على مركزية الأجور والمناصب المالية وصفة موظف عمومي لمهنيي الصحة        المغرب يستقبل أكثر من 14 مليون سائح في 10 أشهر    في لقاء إعلامي قبل التوجه إلى الغابون : الركراكي يؤكد أن المنتخب الوطني يشهد تنافسية كبيرة وزياش يغيب بسبب ضعف الجاهزية    شاحنات مغربية تصل إلى إسبانيا للمساهمة في إزالة مخلفات "دانا" بفالنسيا    المغاربة يواصلون الاحتجاج ضد الإبادة في غزة ومطالب بتوضيح حكومي حول سفينة متجهة لإسرائيل    لأول مرة.. "حزب الله" يعلن استهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب    تقديم 21 شخصا أمام وكيل الملك بتارودانت على خلفية أحداث شغب مباراة هوارة وأمل تزنيت    المغرب يحتضن المرحلة الأولى من الدوري الإفريقي لكرة السلة    أخنوش يبرز تجربة المغرب في "كوب29"    فيضانات جديدة تجتاح جنوب وشرق إسبانيا    هذا ما قرره وكيل الملك بتارودانت في حق المتورطين في أحداث شغب ملعب هوارة    بعد قطع عملية الإعدام الأولى .. إعدام رجل شنقا "للمرة الثانية"    "ذي غارديان" تتوقف عن نشر محتوياتها على "اكس"    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (الجزء2 فيديو)    بمناسبة اليوم العالمي لداء السكري…كيف نقي أنفسنا من داء السكري؟ غزلان لحرش تجيب عبر "رسالة24"    الركراكي يستدعي رضا بلحيان لتعويض أمير ريشاردسون المُصاب        ملف الطالب بدر يعود للمحكمة وهذه تفاصيل أولى الجلسات    صندوق النقد الدولي يشيد ب"التقدم المطرد" الذي يحققه المغرب    الدوري السعودي يضم 7 لاعبين بين أعلى الأفارقة أجرا عالميا ب 2.9 مليون إسترليني أسبوعيا    وليد الركراكي: لن نبكي على أحد.. من يريد تمثيل المغرب عليه بالصبر    حميد زيان ينهي تصوير الشريط التلفزيوني "بنت العم"    فيلم "مورا يوشكاد".. يجوب قاعات السينما المغربية ويكشف مآساة الاستغلال القسري للعمال المغاربة بفرنسا    واقعة الصفعة تحيل الفنان عمرو دياب إلى محكمة الجنح    احتفاء بالمنتخب الوطني للملاكمة بعد احرازه بطولة إفريقيا بكنشاسا    فوز البريطانية سامانثا هارفي بجائزة بوكر الأدبية العريقة للعام 2024    اختبار أول شبكة اتصالات تجمع الذكاء الاصطناعي وتقنية الجيل الخامس    إفريقيا تعتمد اختبار "بي سي آر" مغربي الصنع للكشف عن جدري القردة    أسعار صرف العملات العالمية مقابل الدرهم .. التحليل الكامل    كابوس النظام الجزائري ماركو روبيو.. المرشح الأبرز لمنصب وزير للخارجية الأمريكية في إدارة ترامب    "أجيال" ينقل الجمهور إلى قطاع غزة    حملة توعية بضرورة الكشف المبكر عن سرطان الرئة    تقارير.. المغرب من أكبر مستوردي الأدوية الروسية في إفريقيا    دراسة: تناول الدهون الصحية يقلل من احتمالات الإصابة بالسرطان    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظواهر في مساجدنا مخالفة لمذهبنا
نشر في العلم يوم 19 - 11 - 2010

لقد أخذت بعض الظواهر تتفشى وتنتشر في مساجدنا بكثرة، حتى أخذت تلهي المصلين عن صلاتهم التي يجب أن يكونوا فيها خاشعين كما قال تعالى: »قد افلح المومنون الذين في صلاتهم خاشعون«
وسآتي على ذكر هذه المظاهر بالتفصيل. كما أن هناك ملاحظات على بعض خطباء الجمعة التي يخالفون بها المذهب المالكي. مع أنهم أولى الناس بتطبيق المذهب المالكي، والحرص على وحدة المصلين، حتى لايغرب هذا ويشرق هذا، وهذا ما نراه في مساجدنا مع الأسف في غياب عن قوله صلى الله عليه وسلم: »اقرأوا ما تيسر من القرآن وتفقهوا في الدين« وعن قوله صلى الله عليه وسلم: »هلك المتنطعون المتعمقون المشددون في غير موضع التشديد.
1 خطباء الجمعة
ولنبدأ بخطباء الجمعة حيث إن الكثير منهم لايسلمون على الناس عند خروجهم، مع أن السلام من سنن الخطبة عند الأئمة الأربعة: فالشافعية قالوا: أن يسلم الخطيب على من كان عند المنبر قبل الصّعود عليه إن خرج من الخلوة المعهودة كما عندنا في المغرب. وأن يشغل يسراه بسيف ولو من خشب أو عصا. أما الحنابلة: فقالوا: أن يسلم على المأمومين إذا خرج عليهم، وأن يسلم عليهم بعد أن يصعد المنبر وأن يعتمد على سيف أو قوس أو عصا. أما المالكية: فقالوا: أن يسلم على الناس حال خروجه للخطبة. وأصل البدء بالسلام سنة وكونه حال الخروج هو لمندوب وهنا أنبه خطباء الجمع إلى ما في مذهب الإمام مالك قالوا: ويكره أن يؤخر السلام إلى صعوده على المنبر، فلو فعل فلا يجب على سامعه الردّ عليه، وأن يعتمد حال الخطبتين على عصا ونحوها. أما الحنفية: فقد خالفوا المذاهب الثلاثة فقالوا: يكره له أن يسلم على القوم.
وبناءً على ما ذكر، فإن السلام سنة، لذا يجب أن يقتدى بما أتينا به عن المالكية إن كنا مالكيين حقا..؟
2- حديث الإنصات
أما ذكر حديث الإنصات يوم الجمعة الذي هو بدعة ولا يعمل به إلا في المغرب وحده، زد على هذا أن الحديث يزيد فيه المنصتون ما لم يرد فيه، فمنهم من يقول: عن أبي هريرة رضي الله أنه قال: قال مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إذا قلت لصاحبك..« إلخ، مع أن الحديث كما ورد في الموطأ للإمام مالك رحمه الله هو: حدثني يحيى عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قلت لصاحبك أنصت... إلخ. وكما نرى فليس فيه كلمة: أنه قال، ولا كلمة: مولانا - فلماذا نُقَوِّل أبا هريرة ما لم يقل...؟! لأن المقصود والمبتغى في هذا المقام إظهار الخضوع والخشوع لله عز وجل، فكل كلام سوى كلام الخطيب لغو. فالمالكية أوضحوا هذه القضية بقولهم: إن الكلام بعد خروج الإمام من خلوته إلى أن يفرغ من صلاته مكروه كراهة تحريم، سواء كان ذكرا أو صلاة على النبي = أو كلاما دنيويا، وهذا هو مذهب الإمام مالك رحمه الله، مع أن المصلين عندنا لا يتكلمون ولا يلغون يوم الجمعة في المساجد وقد تعودوا على الإنصات يوم الجمعة منذ دخولهم المسجد إلى أن تنتهي الصلاة وهذه ميزة حسنة يُحْمدون عليها.
3- توسيع الأقدام توسيعا فاحشا
ظاهرة أخرى يتضايق منها كثير من المصلين، وتلهيهم عن الخشوع في صلاتهم، وهذه الظاهرة انتشرت في المساجد انتشار النار في الهشيم، ألا وهي تفريج ما بين القدمين إلى درجة التفحش، وقد سألت الكثير ممن يفعل ذلك فأجابوني بمقولة »سد الفرج« وحتى بعض الأئمة سألتهم عن معنى سد الفرج؟ فقالوا لي: إلصاق الإقدام ببعضها البعض. وهذا مخالف لمذهب مالك رحمه الله ومخالف حتى للمذاهب الأخرى. فالأحاديث الواردة ليس فيها ذكر إلصاق القدم بقدم من بجانبك، ففي الفقه على المذاهب الأربعة: قال الحنفية: قدروا التفريج بينهما بأربع أصابع، فإن زاد أو نقص كره، والشافعية: قدروا التفريج بينهما بقدر شبر، فيكره أن يقرن بينهما أو يوسع أكثر من ذلك. أما المالكية فقالوا: تفريج القدمين مندوب لا سنّة، وقالوا: المندوب هو أن يكون بحالة متوسطة بحيث لا يضمهما ولا يوسعهما كثيرا حتى يتفاحش عرفا ووافقهم الخابلة على ذلك.
إذن فما يفعله الكثير من الناس اليوم في مساجدنا هو مخالف لهذه المذاهب كلها وتراهم يولون اهتمامهم لتوسيع أقدامهم بدلا من الاهتمام بالتراص، وحذوا المناكب.
وكما جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة: »ينبغي للقوم إذا قاموا إلى الصلاة أن يتراصوا، ويسدوا الفرج، ويسووا بين مناكبهم في الصفوف« أما فهم معنى سد الفرجة فهو فهم خاطئ عند العامة وحتى عند بعض الأئمة.
وفي الفقه المالكي: »من رأى فرجة وهو في صلاته أمامه، أو عن يمينه، أو شماله، فإنه يدب إليها بمقدار الصفين دون اعتبار الصف الذي فرج منه والذي دخل فيه ويدب لآخر فرجة إن تعددت«.
وفي الفقه على المذاهب الأربعة: »فإذا جاء أحد للصلاة فوجد الإمام راكعا أو وجد فرجة بعد أن كبر تكبيره الإحرام، فيندب له أن يمشي ولو كان راكعا لسد هذه الفرجة. إذن معناها أن تسد المكان الفارغ في الصف الذي أمامك، فإذا تعددت الفرج مشى للأول من جهة المحراب، وإذا مشى إلى الصف فإنه يمشي راكعا في الركعة الأولى، أو قائما في الركعة الثانية.
4- التبليغ والتسميع خلف الإمام
كما نرى في بعض الأماكن - وقد حضرتها وشاهدتها - من يقيم الصلاة ولا يسمع المصلين - ويضربها بسكتة - مع أن التسميع والتبليغ جار بهما العمل ببلادنا منذ قرون ومعهم الحق في ذلك. بناء على حديث رواه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: »صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر خلفه، فإذا كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر أبو بكر يسمعنا، وعليه يجوز اتخاذ مُسمّع يسمع الناس برفع صوته بالتكبير والتحميد والسلام فيقتدون به.
ويجوز الاقتداء بالإمام بسبب إسماع المسمّع. قال الإمام المازري »في الحديث المذكور حجة لقول من أجاز الصلاة بالتسميع، ولابد أن نشير إلى أن الشافعية قالوا: »تبطل صلاة المبلغ إذا قصد التبليغ فقط بتكبيرة الإحرام، وأما إذا قصد التبليغ مع الذكر فإن صلاته تصح. وقال الحنفية: »إذا قصد الإمام أو المبلغ الذي يصلي خلفه بتكبيرة الإحرام مجرد التبليغ خاليا عن قصد الإحرام للصلاة، فإن صلاته تبطل وإذا قصد التبليغ مع الإحرام فإنه لا يضر بل هو المطلوب«. فما لنا وهؤلاء المتنطعين المتعمقين المتشددين في غير موضع التشديد، كما روينا في الحديث الآنف الذكر. هذه العادة - أي عدم التبليغ خلف الإمام - غريبة ودخيلة على بلادنا، فاتقوا الله في وحدة مذهبنا أيها المتنطعون.
5- جلسة الاستراحة
وظاهرة أخرى يعمل بها البعض وهي ما يسمى ب»جلسة الاستراحة« حيث يجلس المصلي هنيهة في آخر الركعة الأولى عند القيام للركعة الثانية. وفي آخر الركعة الثالثة عند القيام إلى الرابعة. ويأتي بها وهو يصلي خلف إمام لا يفعلها ولا يفعلها باقي المصلين. فيريد من يفعل هذا أن يطبق على نفسه »خالف تعرف« ولهؤلاء نقول: إن اتباع الإمام واجب بناء على حديث رواه أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال »إنما جعل الإمام ليُؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد«.
وقد ورد حديثان مختلفان أحدهما حديث مالك بن الحويرث الثابت أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا« والحديث الثاني عن أبي حميد في صفه صلاته عليه الصلاة والسلام، أنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى قام ولم يتورك« فأخذ بالحديث الأول الشافعي وأخذ بالثاني مالك رحمه الله، وهو عدم الاستراحة كلية. وهذا وقد أجاب الأستاذ عبد الله المصلح في برنامج تلفزيوني في إحدى القنوات عن سؤال هاتفي بأن هذه الاستراحة سنة - وهي كذلك عند الشافعي، وأجاب السائل لكن يجب اتباع الإمام فما دام لم يفعلها فلا تخالف إمامك بفعلها، فإذا كنت تصلي وحدك فافعلها إن شئت.
التطويل في الصلاة والقراءة
بعض الأئمة هداهم الله لا يأبهون بمن خلفهم من المصلين حيث يطيلون في القراءة والركوع والسجود مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التطويل ففي حديثين وردا عنه (صلى الله عليه وسلم)، الأول: صلى معاذ بن جبل رضي الله عنه بأناس فأطال عليهم في الصلاة فشكاه أحد المصلين إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فدعا معاذ بن جبل وقال له: »أفتان أنت يا معاذ..؟ فإذا أم أحدكم بالناس فيلخفف فإن فيهم الضعيف والمريض وذا الحاجة. فإذا صلى وحده فليطول ما شاء. وحديث آخر عن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: »إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا، فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضبا في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ، فقال يا أيها الناس: إن منكم منقرين، فأيكم أم الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والصغير، وذا الحاجة« من عليه (متخف عليه) .وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: »لا تبغضوا الله إلى عباده، يطول أحدكم في صلاته حتى يشق على من خلفه، وحسنا فعل أئمة المسجدين الحرمين مكة والمدينة هذه السنة إذ لا يتعدون ثلاث دقائق في صلاة التراويح من الفاتحة إلى الركوع، فليخفف الأئمة على الناس وليكن لهم ما ذكرنا من أحاديث عبرة وأسوة حسنة. وفي عدد التسبيح في الركوع والسجود. ذهب الشافعي وأبو حنيفة وأحمد بن حنبل وجماعة غيرهم إلى أن المصلي يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا وفي السجود: سبحان ربي الأعلى ثلاثا، على ما جاء في حديث عقبة بن عامر، وقال الثوري: أحب إلي أن يقولها الإمام خمسا في صلاته حتى يدرك الذي خلفه ثلاث تسبيحات، وبالمناسبة فقد صليت خلف إمام صلاة المغرب ذات يوم وأنا في سفري إلى مراكش وأخذت أسبح خلفه في الركوع والسجود إلى أن وصلت إلى عشر تسبيحات. فنبهته إلى مبالغته في التطويل وأدليت له بحديث معاذ بن جبل، وهكذا في كثير من مساجدنا، فاتقوا الله أيها الأئمة. ولكم في الأحاديث المذكورة الإسوة الحسنة. فلا تشقوا على الناس، كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه آنفا.
وأريد أن أخص بالذكر ما يصِلني من تشكى كثيرا من المصلين من إمام مسجد يسمى ليراك بحي الوحدة من التطويل عليهم في القراءة وفي الركوع والسجود أكثر مما تتحمله أبدانهم.
أما ما يفعله المصلون عند قولهم »آمين« فإنهم يمدونها مداً متفاحشا: مثل مد الإمام و»لا الضالين« وأكثر، مع أن آمين هي بالمدمع التخفيف على المشهور، انظروا إلى أئمة الحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة. كيف يمدون آمين بالتخفيف دون المبالغة في مدها مثل ولا الضالين، وقال ابن العربي: وفتحت نون أمين لسكونها وسكون الياء قبلها، إذا فلا تحتاج إلى هذا المد المتفاحش.
كما أن بعض المصلين عندما يقرأ الإمام: »وانصرنا على القوم الكافرين« ويردون عليه بقولهم آمين) أو عندما يقرأ سورة التين، فإذا بلغ: »أليس الله بأحكم الحاكمين« يردون عليه كذلك بصوت عال بلى، وهذا غير جائز وبدعة سيئة لا تجوز لأن من يفعل ذلك لغو وزيادة في الصلاة.
7 - المؤذنون
للمؤذنين فضل كبير وأجر عظيم إذا أحسنوا الأذان بطرقه السليمة لا كما يفعله الكثير منهم حيث إنهم أميون يلحنون في الأذان ويسئون إليه. بل هناك من تشمئز من أذانهم، ولنتطرق لفضل الأذان أولا. فعن أبي أمامة الياهلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للمؤذن مد صوته، وله مثل أجر من صلى معه من غير أن ينقص من أجورهم شيء.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: »من أذن سبع سنين أعتقه الله من سبع دركات من النار« وأحاديث كثيرة.
لكن هناك الكثير منهم لا يحسن الأذان، ويلحن فيه ويسيء إليه، وقد سمعت عدة مؤذنين في المدن والقرى يرتكبون أخطاء كبيرة مثل قولهم: أشهد أن محامداً رسول الله - حي على الصًّله - حي على الفلح - وآخرون يقولون: الصلاة خير من من الناوم، ويمدون النون طول نفسه، وسمعت آخر يهلل قبل الأذان ويقول: اللهم صل على سيدنا محمد بفتح الدال، وقد ترك هؤلاء المؤذنون مستمرين على أخطائهم ولا من ينبههم، ويعلمهم طريقة الأذان خاصة أئمة المساجد الذين وجب عليهم أن يعلموا مؤذنيهم طريقة الأذان والكف عن تحريف الكلمات عن مواضعها إلى درجة الاشمئزاز كما ذكرنا أعلاه.
عن السترة
يكاد أحد المساجد بورزازات يمتلئ بلوحات خشبية يضعها المصلون أمامهم أثناء الصلاة، وحتى إمام هذا المسجد يضع لوحة أمامه في المحراب، كي لا يمر أحد أمامه - أنظروا إلى أين وصلت الأمور - فتبعه الناس في ذلك، وهل سيكون هناك من يمر أمام الإمام في محرابه؟؟
والسترة هي للإمام والمنفرد إذا خشيا مروراًَ بمحل سجودهما فقط، وليس للجماعة ودليل مشروعية الشرة، عن طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »إذا وضع أحدهم بين يديه مثل مؤخرة الرحل (الخشبة التي يستند إليها الراكب) فليصل ولا يبالي من مر وراء ذلك«، وفي حديث آخر عن أبي جهيم قال، رسول الله صلى الله عليه وسلم »لو يعلم المار بين يدي المصلي ما ذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه«. وهناك حديث الترخيص للمرور بين يدي المصلي وهو ما روي عن ابن عباس أنه قال: أقبلت راكبا على »أتانٍ - أنثى الحمار - وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي للناس بمنىً فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت فأرسلت الأتان ترتع ودخلت الصف فلم ينكر ذلك على أحد، وهناك أحاديث أخرى غير هذه.
وتكون السترة بشيء طاهر ثابت غير مشغل، وأقلها ما كان في غلظ الرمح وطول الذراع، فلا يستتر بنجس ويصح الاستتار بظهر الأدمي لا بوجهه، وهو مندوب عند المالكية. أي أقل من السنة، وكان يجب على هذا الإمام أو غيره أن يعظ الناس وينبههم إلى أن لا يمر أحد بين يدي المصلي، عوض أن يتكلف الناس وضع الألواح، أمام كل فرد مع أن الصلاة جماعة. بل إن الشافعية قالوا: لا يحرم المرور بين يدي المصلي، إلا إذا اتخذ سترة بشرائطها المتقدمة.
صدق الله العظيم
بعض القراء لا يقولون »صدق الله العظيم« عن قراءتهم القرآن، كما هو حال بعض - الطلبة - لا يقولونها في مناسبات الأعراس والمآثم مثلا - وعندما ناقشت بعضهم أراد أن يسكتني بحديث ابن مسعود الذي قال له النبي »اقرأ علي« فقلت يا رسول الله: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: نعم إني أحب أن اسمعه من غيري، فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية : »فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا« فقال: »حسبك الآن فإذا عيناه تذرفان«.
هذه هي حجة هؤلاء - وهي حجة داحضة، فالله تعالى يقول: »ومن أصدق من الله حديثا« ويقول: »ومن أصدق من الله قيلا« وقال: »ولما رأى المومنون الأحزاب قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله« فأجبته بأن قراء العالم من شرقه إلى غربه وعلى مختلف مذاهبهم يقولون: »صدق الله العظيم« عند الانتهاء من القراءة، عبر تلفزات وإذاعات العالم كله: لا أنتم، وقد بلغ ذلك إلى علم نظارة الشؤون الإسلامية فوضعت حدا لهذه الجماعة جزاها الله خيرا.
هذه أمور أشرت إليها بتفصيل وربما بتطويل، رصدتها وشاهدتها في مختلف المساجد بالمدن والقرى.
فعلى من تقع مسؤولية تفشي هذه الظواهر التي أدت إلى فتنة في بعض المساجد؟
فيما يخص وزارة الأوقاف فإننا نعلم أنها تبذل مجهودات جبارة لإعادة الأمور إلى نصابها وطبقا للمذهب المالكي، غير أن المسؤولية مشتركة ما بين الوزارة. والمجالس العلمية وأئمة المساجد. وحتى من رأى وسمع يجب أن يمتثل قول النبي (صلى عليه وسلم): »من رأى منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع قبقلبه، وذلك أضعف الإيمان« فنحن نستطيع أن نغير ما نرى بلساننا، وهذا ما نفعله بفضل الله - وبالموعظة الحسنة - حيث نعتبر هذا واجبا وحتى لا ينطبق علينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: »من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار« رواه أبو داوود والترمذي فليتحمل كل مسؤوليته لوضع حد لهذه الظواهر بمساجدنا من وزارة الأوقاف، والمجالس العلمية والوعاظ والمرشدين وأئمة المساجد والله يهدينا إلى الصراط المستقيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.