أدى أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس، صلاة الجمعة بمسجد الإمام مالك بمدينة الناظور.(ماب) وبين الخطيب في مستهل خطبة الجمعة أن للمؤمنين صفات يتميزون بها عن غيرهم، واستحقوا بها البشارة من ربهم، بالفلاح والنصر والسعادة والتوفيق والحياة الطيبة في الدنيا، والفوز بجنة الفردوس في الآخرة. وقال إن إعلان رب العالمين عن فلاح المؤمنين وارد في الآيات الكريمة: "قد أفلح المومنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون، والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم، فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون، والذين هم على صلواتهم يحافظون، أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون". وأوضح الخطيب أن أول صفة استهل بها الله سبحانه وتعالى صفات عباده هي قوله،"الذين هم في صلاتهم خاشعون"، وختمها بقوله "والذين هم على صلواتهم يحافظون"، للدلالة على عظم مكانة الصلاة وسمو منزلتها، وعلى أن الخشوع فيها هو روحها ومقصدها الأسمى وسبيل المحافظة عليها. أما الصفة الثانية للمؤمنين، يضيف الخطيب، فهي إعراضهم عن اللغو "والذين هم عن اللغو معرضون"، أي لغو الفعل ولغو الاهتمام والشعور، فقلب المؤمن منشغل بذكر الله، وتدبر آياته في الأنفاس والآفاق، وبالنظر في ملكوت السماوات والأرض، وبالحق المؤدي إلى الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة. وقال إن المؤمنين عندما أحسنوا في عبادة الخالق بالخشوع وانصرفوا عن اللغو في الحياة أحسنوا إلى خلقه بأداء الزكاة، وهذه هي صفتهم الثالثة، فهم يطهرون أموالهم بإخراج ما فيها من الحقوق والواجبات، انتصارا على وسوسة الشيطان بالفقر، وثقة بما عند الله من التواب والجزاء، وشعورا منهم بالواجب الاجتماعي، ومساهمة منهم في الرخاء والأمن الاقتصادي للمجتمع المدني. وأبرز الخطيب أن الصفة الرابعة للمؤمنين هي حفظ الفروج، وقاية للنفس والأسرة والمجتمع، من دنس المباشرة المحرمة، صونا للأعراض ومنعا لاختلاط الأنساب، مضيفا أن الصفة الخامسة هي حفظ الأمانات والعهود، أي أن المؤمنين مراعون لأماناتهم وعهودهم، ضابطون لها، حريصون على القيام بها وتنفيذها، فإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا عاهدوا وفوا ولم يغدروا . وأكد أن أعظم أمانة يجب المحافظة عليها هي الصلاة في وقتها، لأن المحافظة عليها منورة للقلب، ومبيضة للوجه، ومنشطة للجوارح، وجالبة للرزق، وقامعة للشهوات، وحافظة للنعم، ودافعة للنقم، ومنزلة للرحمة وكاشفة للغمة. وأشار الخطيب إلى أن الله سبحانه وتعالى، بعدما بين الصفات الكريمة، التي تحلى بها أولئك المؤمنون المفلحون، وهي صفات تمثل الكمال الإنساني في أبهى صوره، ذكر سبحانه بما أعد لهم من جزيل الثواب، فقال تعالى "أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون". وأكد الخطيب أن هذا هو الفوز العظيم والفلاح المبين، الذي أعده الله لعباده المومنين، الذين اتصفوا بتلك الصفات، وتخلقوا بأخلاق القرآن، بحيث عبر سبحانه وتعالى عن حلولهم في الجنة بقوله "يرثون" للإشعار بأن هذا النعيم الذي نزلوا به استحقوه بسبب أعمالهم الصالحة، كما يملك الوارث ما ورثه من غيره. وابتهل الخطيب، في الختام، إلى الله عز وجل بأن ينصر أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصرا يعز به الدين، ويجمع به كلمة المسلمين، وبأن يقر عينه بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مولاي الحسن، ويشد عضد جلالته بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، وسائر أفراد الأسرة الملكية الشريفة. كما تضرع إلى العلي القدير بأن يشمل بواسع عفوه، وجميل فضله، الملكين المجاهدين، جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني، ويكرم مثواهما ويسكنهما فسيح جناته.