كشف مسلح ينتمي لكتائب تنظيم القاعدة بمنطقة التماس بين بلدان الساحل الافريقي ( الجزائر/ النيجر/ تشاد و مالي ) اعتقل قبل أسابيع عن وجود أكثر من 180 أجنبي بالكتيبة التابعة لتنظيم القاعدة التي ينتمي اليها ،من بينهم عناصر من البوليساريو ، إضافة الى ملثمي الطوارق الذين يستوطنون المنطقة الصحراوية الفاصلة ما بين جبال الطاسيلي الجزائرية و شمال مالي و يخوضون منذ أزيد من عقد حروب عصابات لإنشاء وطن مستقل وهي القضية التي توظفها الديبلوماسية الجزائرية للضغط على حكومتي مالي و النيجر و ابتزازهما باستمرار . وتتقاطع شهادة المسلح الموقوف مع معلومات استخباراتية وتحاليل و خلاصات أوردتها العديد من المصادر و الأطراف والتي تتحدث عن تحول محسوس في مسار "جبهة البوليساريو في إتجاه التنسيق و العمل المشترك مع الجماعات المسلحة التابعة للقاعدة بمنطقة شمال إفريقيا وفي مقدمتها الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية التي أعلنت في وقت سابق عن ولائها المطلق لبن لادن و عن تحولها لفصيل خاضع لسلطته السياسية والعسكرية . وكان وزير العدل المغربي الأسبق المرحوم بوزوبع قد أكد في إستجواب صحفي نشر نهاية السنة الماضية "أن البوليزاريو والقاعدة قد دخلا الى مرحلة التنسيق بينهما" مزكيا ما خلصت اليه تقارير دولية من وجود أفق مشترك بين الارهاب والانفصال بمنطقة الساحل والصحراء الكبرى كما سبق لمسؤولين مغاربة أن ربطوا بين الدعم الذي يلقاه مشروع الحكم الذاتي وبين التقارب الملاحظ بين الجبهة والقاعدة، بعد أن أصبحت منطقة الساحل جنوب الصحراء مصدر خطر إرهابي. وبنفس الخلاصات سبق للباحث الفرنسي أيميريك شوبراك المختص في العلاقات الدولية و الجيوسياسية أن أفصح قبل سنة ونصف في محاضرة له بجنيف عن تخوفات و قلق يساور العديد من الأطراف الدولية المتتبعة لملف الارهاب من تحول تلقائي لجبهة البوليساريو نحو معانقة و تبني طروحات إسلامية متطرفة تبرر إنقيادها نحو عمليات مشتركة مع مكونات القاعدة الارهابية بالمنطقة . و تجد هذه الخلاصات مصداقياتها في تخلي العديد من ضباط الجبهة التدريجي عن شعاراتهم التحررية و تورطهم في عمليات مشبوهة نظير الاستيلاء على الاعانات الدولية و إعادة بيعها أو القيام بعمليات سطو على مخازن متفجرات لا تصلح للقضية التحررية الوهمية بالتراب الموريطاني لإعادة بيعها بالعملة الصعبة لعناصر القاعدة ، كما وقع بداية سنة 2004 حينما أوقف الأمن الموريطاني عضوا نشيطا بالجبهة متلبسا بسرقة مواد متفجرة تستخدم في العمليات الارهابية من مخزن في انتظار تسويقها للارهابيين ، و هو ما يؤكد معلومات عن "تكامل و تنسيق " يربط منذ سنوات قيادات الجبهة المزعومة و الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية المنحلة البالغ تعداد عناصرها زهاء ال 500 مقاتل في مواجهة المشروع الأمريكي بالمنطقة ،و المدعو بمخطط مبادرة الساحل والذي ترى فيه البوليساريو و منظمة القاعدة بالمغرب الاسلامي عملية موجهة لتفكيك معسكرات تدريب مسلحي القاعدة بالمنطقة . و بالعودة الى إعترافات المقاتل القاعدي الموقوف تبرز خطورة الوضع و تداعياته بالمنطقة المكهربة والمفتوحة على جميع الاحتمالات فمن جهة هناك المد الجديد للخطر الارهابي الأصولي المتربص ببلدان المنطقة و المتجلي في إنخراط مكونات إرهابية جديدة في سيرورته كالبوليساريو و ملثمي الطوارق والحال أن هذين التنظيمين تربطهما بالاستخبارات العسكرية الجزائرية علاقة وصاية وتنسيق مباشرة مما يعكس تخوفات دولية مشروعة حول إنقلاب محتمل ووارد لهذه الشبكات المسلحة التي خلقتها و رعتها مصالح جزائرية على مخططاتها الأصلية و تنصلها من ولائها التاريخي المعلن للنظام الجزائري نحو تنسيق مصلحي واستراتيجي مع كتائب القاعدة مما يكشف بالواضح والمرموز ورطة النظام الجزائري في مراقبة و تدجين صنائعه ، و الحال أن مئات المسلحين المتطرفين يظلون هائمين بأسلحتهم و مشاريعهم الدموية بمنطقة الصحراء الكبرى دون رقيب وهو ما يطرح إشكالا أمنيا عويصا سبق لجلالة الملك تنبأ به في خطاب حين أكد جلالته على أهمية المقترح المغربي في الحكم الذاتي كمخرج لأزمة الصحراء المصطنعة التي عمرت طويلا ، كما ركز على خطر قيام كيان وهمي في الجنوب ، خاصة وأن منطقة الساحل والصحراء الكبرى أصبحت ملاذا للإرهابيين وعصابات الترهيب بكل أنواعه.