كما هو معلوم تشكل منشأة «السقالة» بالمدينة القديمة بالدارالبيضاء والمطلة مباشرة على الميناء الترفيهي والمحيط الاطلسي منشأة تاريخية مغربية تختزل رمزية الدولة والسيادة المغربية في الدفاع عن حوزة البلاد والوطن في مواجهة عدوان وأطماع بعض الدول ذات النزوع الاستعماري. ففي موقع السقالة تعرضت الدارالبيضاء ما بين 1468 و 1470 لهجوم برتغالي كاسح وفعلوا بالسكان المسلمين مافعلوا في زمن ما يطلق عليه بالجهاد البحري، لكن الأمر لم يدم طويلا، ففي ما بين 1515 و 1516 تم طرد البرتغالين على يد المرينيين ومجاهدو القبائل القريبة؛ وتم بنفس الموقع المواجه للبحر بناء قلعة وحصون لمواجهة الاطماع الاستعمارية والتكالب على ثروات المغرب التي كانت تسيل لعاب الدول الاستعمارية والتي مالبثت أن بعثت بقناصلها إلى قرب الموقع الذي نتحدث عنه وتشهد أزقة المدينة القديمة على دور القناصل في مرحلة القرن 18. لكن وقبل ذلك، وبعد الزلزال الذي ضرب مدينة الدارالبيضاء حوالي سنة 1755 أمر سيدي محمد بن عبدالله بإعادة بناء العديد من المرافق العمومية منها قلعة «السقالة» مع قلعة للجنود للذوذ عن حوزة البلاد في حالة حدوث أي هجوم محتمل. وبعد الهجوم الفرنسي سنة 1907 على مدينة الدارالبيضاء والمعارك القتالية التي عرفتها المدينة القديمة بموقع السقالة نفسها التي احتمى بها المقاومون (دون استعمال المدافع الموجودة بها) أحكم الجيش الفرنسي سيطرته على مدينة الدارالبيضاء التي ظلت منطقة عمليات عسكري الى ما بعد توقيع عقد الحماية سنة 1912؛ ورغم الطبيعة العسكرية الظاهرة لحصن السقالة، لم يأمر الجنرال ليوطي بتدمير الموقع لسبب وحيد وهو أن حصن السقالة ملك للدولة المغربية المجسدة في المخزن الذي هو طرف في عقد الحماية. وقد ظهر ذلك أيضا في اعادة ترميم المدينة القديمة والسقالة وزيارة جلالة السلطان مولاي يوسف سنة 1913 الى المدينة القديمة بالدارالبيضاء للاطلاع على أحوال رعاياه وتفقد المنشآت التي تعتبر رمزا للدولة. كما أن مخطط وتصميم هنري بروست سنة 1917 لمدينة الدارالبيضاء بأحيائها (الاوروبي والإداري والمسلم...) حافظ على طبيعة منشأة «السقالة» كما هي وذلك للاعتبار السالف الذكر. إن سرد هذه المعطيات التاريخية هو بغرض الاستدلال على أن منشأة السقالة هي منشأة تاريخية عمومية تختزل رمزية الدولة والسيادة المغربية وكان على والي الدارالبيضاء السابق الذي فوت «السقالة» في ظروف مشبوهة أن يحترم على الأقل الملك الجماعي لمقاطعة سيدي بليوط، في الوقت الذي قام فيه الوالي السابق بحملة على استغلال الأرصفة «والمحافظة على الملك الجماعي» للتغطية على تفويته لبعض الخواص للتراث المعماري والتاريخي «السقالة». إن تفويت «السقالة» بقرار ولائي من والي الدارالبيضاء السابق لتصبح مقهى تجارية تدر الأموال الباهظة وتمنع على سكان المدينة القديمة وسكان الدارالبيضاء وزوارها ولوج «السقالة» والممر العمومي من المدينة القديمة إلى شارع الموحدين، فضلا عن الدوس على رمزيتها التاريخية وعدم احترام الطابع العمومي للمنشأة المعمارية المصنفة معمارا تاريخيا لدى اليونسكو، هو تفويت خاطئ وينبغي أن يتم التراجع عن هذا الخطأ الفظيع الذي يخلط عن جهل بين التجارة والمنشأة ذات الطابع التاريخي العمومي وملك الدولة. الذي تحول الى ملك جماعي لمدينة الدارالبيضاء ومن ثم الى مقاطعة سيدي بليوط، هذه المقاطعة التي ساهمت من خلال احدى المصالح التابعة لها سابقا وللاسف الشديد إلى جانب الوالي السابق في وقوع ما وقع، ولا علاقة للمجلس الحالي لمقاطعة سيدي بليوط بما وقع في السابق للسقالة. لكن السؤال الذي يطرح أيضا بهذا الخصوص هو ماهو سرسكوت مندوبية وزارة الثقافة عن هذا الخرق الجوهري بتفويت منشأة تاريخية عمومية إلى خواص واحداث ضرر كبير ليس فقط بالسكان وإنما بالمدينة وزوارها وعلى الدولة.