لقد أثار انتباهي ما قرأته في جريدة العلم الغراء من مقالات حول قضية السيد مصطفى سلمى، الذي تم اختطافه من قبل شرذمة العار والارتزاق «البول إيزاريو»، مع اعتذاري للقارىء الكريم. فالهيئات الإعلامية والمنظمات «الحقوقية» الإسبانية التي أصبحت ترعى وتدافع عن «البوليزاريو» الانفصالية، هي نفسها التي تدين منظمة «الإيطا» الانفصالية الإسبانية وتنعتها بالمنظمة الإرهابية، وهي كذلك، لأن دعاة الانفصال في الواقع لايمكن نعتهم إلا بالإرهاب «عند كل منصف» إلا أن الانفصال عليهم حرام وعلينا حلال في قاموسهم كما يبدو. وحتى إذا سلمنا جدلا أن الصحافة الاسبانية والمنظمات الحقوقية الاسبانية تتباكى على وضعية الشعب الصحراوي المحجوز في مخيمات تندوف رغم أنفه وبمباركة منهم، فأين كانت هذه الهيئات الإعلامية والحقوقية قبل تحرير الصحراء بواسطة المسيرة الحضراء. الم يكن الفقر والأمراض الفتاكة تحصد الشعب الصحراوي، ألم تكن خيرات البلاد تنهب من طرف الاستعمار الاسباني؟!!! كم عدد المستشفيات والمدارس التي كانت موجودة آنذاك في الصحراء؟ ألم يكن الشعب الصحراوي يقطع مئات الكيلومترات من أجل شربة ماء؟!!! هل المدن والقرى الصحراوية والمنشآت الاقتصادية في الصحراء كانت أفضل مما هي عليه الآن؟!!! إن هذه الهيئات معروفة عند كل من يتمتع بقدر يسير من قدرة التمييز، لأن مساعيها وأهدافها ظلت مكشوفة منذ أمد بعيد، لكونها لاتخدم مصالح الشعوب بقدر ما تتدخل في شؤونها الداخلية، لعرقلة مشوارها التنموي وإضعافها اقتصاديا حتى لاتكون نموذجاً يقتدى به في المنطقة باسم حقوق الإنسان والديمقراطية. وهنا أستشهد بالصورة الكاريكاتورية التي نشرت في العلم عدد 21779 بتاريخ 9-26-25 - 2010 والتي تعبر عن كيفية تعامل الصحافة الإسبانية مع قضية «أمينتو» وتعاملها مع قضية مصطفى ولد سلمى، ولا أعتقد أن صاحب الكاريكاتير السيد بوعلي يخامره شك في المواقف المتحيزة لبعض المنظمات الاسبانية وكذا الصحافة الاسبانية تجاه «البول إيزاريو». وإنما أراد أن يدلي بالحجة التي لاتقبل الجدل. وكم أتألم حينما أرى موقف الحكومة الجزائرية الذي لا يخدم مصلحة الشعبين في شيء، بل على العكس من ذلك يجر المنطقة إلى الدمار، وهذا على عكس ما يطمح إليه الشعبان الجزائري والمغربي، اللذان التحما أيام الاستعمار من أجل تحرير الجزائر وبناء مغرب عربي ينعم بالازدهار والتقدم. إن الجفاء بين الإخوة لا يخدم إلا مصلحة الاستعمار. لقد مزقت السودان وأبيد العراق واشتعلت نار الفتنة في الأقطار العربية ولم يبق إلا هذا الركن من الوطن العربي، فهل تتغلب الحكمة على العاطفة من أجل الشعبين الشقيقين؟ لقد ارتوت أرض الجزائر بدماء مغربية من أجل طرد الاستعمار. فهل من المعقول أن ترتوي من أجل جلبه. إن التاريخ المكتوب بمداد الفخر لا يصنعه إلا الشجعان والحكماء، فهل أنتم كاتبوه؟ وأين يكمن العيب إذا المغرب استرجع أرضه من الاستعمار الاسباني؟ وأين يكمن الضرر الذي يمكن أن يحذق بالجزائر؟ إنني لا أرى مبررا لهذا الجفاء خصوصا إذا تضافرت الجهود وأصبح المغرب جزءا لا يتجزأ من الجزائر والجزائر جزءا لا يتجزأ من المغرب، وهذا لن يتأتى إلا إذا توفرت النوايا الحسنة وجندت لذلك نخبة من المخلصين ذوي النوايا الحسنة خدمة لصالح البلدين. ولقد أثلج صدري التصريح الذي أدلى به السيد علي بالحاج في الموضوع ونقلته العلم، تصريح إن دل على شيء فإنما يدل على أنه لا زال هناك من أبناء هذا الشعب الكبير من يطمح إلى تغليب الحكمة من أجل جمع شمل هذه الأمة.