وانفردت رحلة الفقيه السي بن علال بنقل هذه الصورة القاتمة لمجتمع الريف الغربي في نهاية القرن 19م، وما عاناه من ويلات وآهات وآفات كانت تحصد في صمت الأطفال والصبيان، وتقطع أوصال الأسر والعائلات، وتفت في عضد سائر الناس، فكانت المجاعة أشد هذه الويلات، اضطرت معها القبائل إلى أكل الأعشاب البرية والحشائش مثلها مثل البهائم والأنعام أو أكثر، يقول السي بن علال: هذا المشهور وَالزُّمِّيتْ غَ دْلْفَايْتُورْ وْحَبْذْرُو يَا غَفُورْ بَاقِي بْلُورَاقْ يُتْلالاَ عْيِيتْ مَا نَمْشِي وْنَصْبَرْ والعام ما حَبْ يْقَصَّرْ غَ فْ بْنَادَمْ كَيَزْفَرْ بِالْقْصَصْ يا عاقلا تربى الجوع فْ كَرْشِي وَبْقِيتْ نَفْهَمْ مَا نْعِشِّي حتى في الصيف ما نشبعشي ودْخل عْلِينا الْهَيْمَرْ تَالاَ كما يعتبر هذا النص الرحلي فريدا من نوعه من حيث نقله للمعاناة التي كان يكابدها طالب العلم، سواء على مستوى إيجاد الفقهاء وأهل المعرفة الذين يمكن التتلمذ على أيديهم، أو من حيث التكفل بالطلبة والتلاميذ وباقي الأشياخ وأهل الذكر؛ إذ لم يكن في مستطاع الدواوير والمداشر وسائر القبائل تحمل أعباء هذه الفئة، فقلت «الرتبة»، وصارت «التخنيشة» نوعا من المغامرة، ولونا من ألوان العذاب، يقول صاحب هذه الرحلة: قلنا شهريرة دْحُدْنا سَعَّ الفهم ما خَرَّجْنا بالجوع رَاهُمْ بِيْتُونا مَا عَشَّوْنَاشِي وَالاَ ثم زِدْنَا نْكْثَامَة صِبْنَاهم ناس خدَّامَة الطُّلْبَة دْيَالْهُم غَ يْتَامَى في الجْوَامَعْ مُذَلِّلاَ ثم زدنا نِغْمَارَة قلنا الله يَنْعَلْهَا حَارَة وبني خالد بِالتْمَارَة غَ القبيلة دْلْكَُوَّالَة ثم صْبَرْنَا وَگلَسْنا في العيد الصغير بَكَّرْنَا نَبْنِي وَزْرَة خَنَّشْنَا وَنْطَلْبُوا الرُّتْبَة تَلاَ قَالُونَّا مَا كَايِنْشِي والجوع مَا حَيِّدْشِي واليوم مَا دَتَّاوَاوْشِي حَتَّى فْ جَامَعْ يا سائلاَ وعموما فهذا النص الرحلي للفقيه السي بن علال يعتبر صورة حية لما آل إليه الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعلمي بمنطقة الريف في نهاية القرن 19 وبداية القرن 20، وهو ما يجعل منه منجما ثمينا لكل من يريد النبش فيه من أدباء ومؤرخين وسوسيولوجيين وأنثربولوجيين وجغرافيين وغيرهم، كما يظهر ذلك من خلال النص الكامل لهذه الرحلة الهامة الذي جاء فيه: أيا سائلا عن القبائل جملة فعددهم يَزٍّ فيربي سهلا الأول بني مزكَلدة وبني وراكَل نبدا فوتنا زغيلة بعدا وزرناها يا عاقلا عدنا نِبْنِي زَرْوَالْ تَمَّ مَا بْقَانّا حتى عْقَلْ وَتْفَكَْمْنَا ياعُقَّالْ وحتَّى خَفْنَا بُوقْبَالاَ قلنا شهريرة دْحُدْنا سَعَّ الفهم ما خَرَّجْنا بالجوع رَاهُمْ بِيْتُونا مَا عَشَّوْنَاشِي وَالاَ