اعتبر الرئيس الأمريكي باراك اوباما في مقابلة نشرت يوم الثلاثاء 28 سبتمبر 2010 أن الحرب في أفغانستان «أكثر قسوة من الحرب في العراق»، لكنه أكد أن إستراتيجيته لجهة تعزيز القوات على الأرض لم «تخفق حتى الان». وأضاف أوباما في مقابلة مع مجلة «رولينغ ستونز» أن جهوده لتحسين الوضع في أفغانستان تؤتي ثمارها ببطء. وكانت المجلة نفسها قد نشرت في يونيو 2010 تصريحات للجنرال ستانلي ماكريستال انتقد فيها أوباما وشخصيات في ادارته وهو ما كلفه خسارة منصبه كقائد لقوات التحالف المنتشرة في افغانستان. وذكر اوباما «أنها قضية بالغة الصعوبة، كنت أعلم قبل عام أن الأمر سيكون قاسيا واعتقد انه بعد عام ساظل اكتشف أن الأمر قاس والوضع فوضى». وتابع اوباما «احرزنا تقدما عبر اقامة منطقة 'آمنة حول قندهار، ولكن لا شك أن قندهار ليست حتى الان مكانا آمنا كما لم تكن الموصل والفلوجة مدينتين آمنتين في أوقات معينة من الحرب في العراق». وعلى الرغم من أوباما أقر ب»تكلفة كبيرة» للحرب في أفغانستان، فإنه شدد على أن «علينا أن نتابع هذه العملية، فبداية يوليو 2011، سنبدأ عملية انتقالية، وإذا لم تفلح الإستراتيجية التي نتبعها، فسنواصل إعادة تقييمها حتى نتأكد من أن لدينا إستراتيجية تفلح». محللون قدروا أن تصريحات الرئيس الأمريكي تعكس حالة من الإضطراب والصدمة بالنسبة لمسار الحرب، خاصة وأنها لوت أو بالأصح نسفت الحقائق. فالحرب الأمريكية في أفغانستان وبعد تسع سنوات من غزو هذا البلد كلفت التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة وحسب الإحصائيات الرسمية ما مجموعه 2109 جنديا قتلوا في حين كانت الحصيلة أكثر من 5000 قتيل أمريكي في العراق وذلك خلال سبع سنوات، وعلى الصعيد المادي وحتى بداية سنة 2010 وصلت تكلفة الحرب في أفغانستان 337 مليار دولار في حين فاقت في العراق 3500 مليار دولار. وفقط في شهر مايو 2010 أفادت أرقام طرحتها وزارة الدفاع الأمريكية ان الموازنة المخصصة للحرب في أفغانستان، ستتخطى للمرة الأولى في 2010 تكلفة الحرب في العراق. وأوضح مدير الموارد في رئاسة الأركان الأمريكية الأميرال ستيف ستانلي ان البيت الابيض طلب للعام 2010 ميزانية بقيمة 130 مليار دولار اضافية لتمويل الحربين في العراق وافغانستان، منها 56 مليارا للعمليات في افغانستان و61 مليارا للعمليات في العراق، وذلك بالاضافة الى موازنة الدفاع الاساسية البالغة 533.7 مليار دولار. ويذكر أنه في شهر يناير 2007 نشرت الدكتورة ليندا بيلمز الباحثة الأمريكية ورقة عمل تحت عنوان (الجنود العائدون من العراق وأفغانستان: الاكلاف طويلة الأمد)، وأوردت ضمن التقرير لغاية سبتمبر 2006 عدد الإصابات غير القاتلة بأكثر من خمسين ألف جريح أمريكي في العراق. تخبط استراتيجية واشنطن حديث الرئيس الأمريكي جاء في وقت تتخبط فيه استراتيجية واشنطن في كل من العراق وأفغانستان، فوعود أوباما الانتخابية بإنهاء الحرب في العراق نسيت وترجمت بإستبدال التسميات، فبدل الاحتلال جاء الانتداب وزاد عدد المرتزقة لتعويض مشاة البحرية واحتفظت واشنطن بأكثر من 50 ألف جندي في بلاد الرافدين، ثم تم استبدال كذبة «تحرير العراق» التي وضعها الرئيس بوش ب «الفجر الجديد» إمضاء أوباما. أوباما تعهد خلال حملته الانتخابية الرئاسية بالتركيز على حرب أفغانستان لكسبها، ولكن قناعاته تذبذبت بعد توليه السلطة بعام وصار هناك حديث على مستوى العموم لإظهار التمسك بتنفيذ الوعود بينما كان هناك حديث آخر خلف الكواليس. في الربع الأخير من سنة 2010 تم فضح جزء من الصراع الدائر داخل مراكز القرار في البيت الأبيض حول السياسة التي يجب اتباعها في أفغانستان، وذلك بسبب تقدير البعض أنه لا يمكن ربح هذه الحرب في حين يرى آخرون أنه يمكن بل يجب كسبها وإلا آل مصير الولاياتالمتحدة إلى ما حل ببريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية. افاد الصحافي الشهير بوب وودورد في كتاب صدر له يوم الاثنين 27 سبتمبر بعنوان «حروب اوباما»، ان ادارة الرئيس الامريكي شهدت صراعات داخلية خلال عملية تحديد الاستراتيجية الجديدة في افغانستان سنة 2009. ووصف المؤلف الخلافات التي طغت داخل الفريق المكلف بمسائل الأمن القومي في البيت الابيض عندما كان باراك اوباما يبحث عن حل للنزاع الافغاني، مؤكدا ان تلك الخلافات ما زالت متواصلة. وتحدث الكتاب عن شجارات وشتائم في اجواء صاخبة سادت لقاءات أكبر مسؤولي الادارة. حتى أنه يبدو ان نائب الرئيس جو بايدن، المؤيد لتخفيف الانتشار في افغانستان، تلفظ ببعض العبارات غير اللائقة في اتجاه الموفد الخاص للولايات المتحدة في ذلك البلد ريتشارد هولبروك وقال أنه «أكبر أحمق متكبر أعرفه». في عطلة نهاية الأسبوع الذي شهد عيد الشكر عام 2009، وبينما عكف الرئيس أوباما على وضع اللمسات النهائية على استراتيجيته تجاه حرب أفغانستان، بعث نائبه بايدن ب6 مذكرات مكتوبة بخط اليد عبر جهاز فاكس آمن من نانتكيت آيلاند في ماساتشوستس، حيث اعتادت أسرة بايدن التجمع للاحتفال بعيد الشكر في نوفمبر. ومثلما فعل بايدن لشهور، فإنه عمد إلى الإبقاء على ضغوطه على أوباما حيث كان يحثه على تجنب تصعيد دراماتيكي في الحرب. وخلال محادثة هاتفية عبر هاتف آمن، أخبر الرئيس، الذي كان لا يزال يشارك في مناقشات مكثفة داخل البيت الأبيض حول الأمر، بايدن، بأنه «ليس هناك خيار جيد». وأجاب بايدن بأن الأمر لن يكون بالغ السوء إذا ما سقطت حكومة حميد كرزاي في أفغانستان. ورد أوباما بالنفي، مؤكد أن عواقب ذلك ستكون وخيمة. وأضاف أنه سيرسل 30 ألف جندي إضافي، في إطار تصعيد كبير، لكن ستبقى الزيادة في أعداد الجنود أقل من ال40 ألفا التي ظلت تطالب بها المؤسسة العسكرية لفترة طويلة. وعليه، أرسل بايدن عبر الفاكس مذكرة أخرى للرئيس، ذكر فيها أن «الأمر لا يتعلق بالعدد، وإنما بالاستراتيجية». كانت تلك اللحظة حاسمة أمام أوباما في عامه الأول في الرئاسة وكان يتعين عليه اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، في الوقت الذي كان بايدن في منزل مؤجر في نانتكيت، بعيدا عن المناقشات الدائرة في واشنطن. خطة للانسحاب وافاد بوب وودورد الذي كان على اتصال مباشر مع الرئيس ومسؤولي ادارته ان اوباما الذي كان يعتبر أنه لا يحظى بدعم الراي العام الا «لمدة سنتين» حول القضية الافغانية، عارض أي التزام «طويل الأمد» يهدف إلى اقامة نظام «ديمقراطي» حديث في ذلك البلد. واوضح الرئيس في احد مقاطع الكتاب كما نشرته صحيفة واشنطن بوست التي عمل فيها وودورد طويلا، ان «كل ما نفعله يجب ان يركز على قضية معرفة كيف سنتوصل الى تقليص انتشارنا». واضاف الرئيس «لا بد من خطة تحدد كيف سننسحب من افغانستان». ونقل الكتاب عن اوباما قوله «يجب أن يتركز كل العمل الذي نقوم به على معرفة كيف سنتمكن من خفض وجودنا» في أفغانستان، و»يجب أن تكون هناك خطة تحدد كيفية مغادرة أفغانستان»، متجنبا الحديث عن «النصر». وروى وودورد كيف «ضاق اوباما ذرعا» بقادته العسكريين الذين اقتصرت اقتراحاتهم على إرسال 40 ألف جندي إضافي، قائلا، بحزم، لوزير الدفاع روبرت غيتس ووزيرة الخارجية هيلاري كلينتون «لن أبقى 10 سنوات ولن أبني وطنا على المدى الطويل (في أفغانستان) ولن أنفق تريليون دولار». وكشف باراك اوباما في ديسمبر 2009 استراتيجيته الجديدة معلنا زيادة في عديد القوات الامريكية بثلاثين الف رجل بهدف الانتصار على حركة طالبان قبل بداية الانسحاب في صيف 2011. من جانبها افادت صحيفة نيويورك تايمز انه تم تحديد موعد يوليو 2011 بناء على اعتبارات مرتبطة بالسياسة الداخلية. ونقلت الصحيفة عن اوباما قوله للسناتور الجمهوري ليندساي غراهام كما ورد في مقطع من الكتاب «لا يمكنني ان اترك هذه الحرب تتواصل الى ما لا نهاية، ولا يمكنني ان اخسر دعم كل الحزب الديمقراطي». وردا على سؤال حول الكتاب، في الطائرة التي اقلت اوباما يوم الاربعاء 29 سبتمبر الى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للامم المتحدة، لم ينف الناطق بإسمه روبرت غيبس شيئا معتبرا ان الكتاب «يصف عملية سياسية رزينة وقوية بشان الاستراتيجية» الافغانية مؤكدا أن النقاشات الداخلية التي وصفها «كانت معروفة من الجميع». وبشأن الجوهر قال المتحدث أن «الرئيس مقتنع بأن وضع استراتيجية خروج من افغانستان اذا كانت لنا استراتيجية دخول من مصلحتنا الوطنية». وقد اشتهر بوب وودورد (67 سنة) بكشفه في العام 1972 فضيحة ووترغيت التي أدت إلى استقالة الرئيس ريتشارد نيكسون. نوع من القتال تمكث فيه لبقية حياتك الأمر اللافت في كتاب بوب وودورد كلام قائد قوات الاحتلال في أفغانستان ديفيد بتراوس حين قال لوودورد «عليك أن تدرك بأنني لا أظن أننا نربح هذه الحرب، هي أشبه بالعراق. نعم أحرزنا تقدما هائلا في العراق. ولكن لا تزال هناك هجمات مروعة في العراق، وعليك أن تبقى يقظا. هو نوع من القتال الذي تمكث فيه لبقية حياتك، وربما حياة أولادك». ونقل وودورد عن اوباما قوله إن «الناس لا بد أن يدركوا بأن السرطان موجود في باكستان»، وخلق أفغانستان أكثر أمنا هو أمر مهم كي «لا يتفشى السرطان». كما يؤكد كتاب «حروب أوباما» ما سرى حول تحويل الإدارة الأمريكية نشاط «سي.أي.آيه» في الخارج إلى منظمة شبه عسكرية تخوض حروبا سرية ضد ما تصفه واشنطن ب»الإرهاب» في آسيا وأفريقيا. ويروي وودورد كيف أخذ التوتر في أوساط الإدارة طابعا شخصيا، حيث وصف مستشار الأمن القومي جيمس جونز معاوني أوباما بأنهم «بق مائي» و»مافيا»، فيما وصف بتراوس المستشار ديفيد اكسيلرود بأنه «مفبرِك كبير». ويكشف الكتاب أيضا أن الشكوك بدأت في ظل الحملة الرئاسية في 2008، حين بدأ أوباما يلمح إلى احتمال تعيين كلينتون في منصب رفيع المستوى، حيث سأله اكسيلرود «كيف يمكنك الوثوق بهيلاري؟». ويكشف كتاب بوب وودورد أن أحد الكولونيلات في المؤسسة العسكرية الأمريكية وهو جون تين خاطب أوباما مباشرة: «سيدي الرئيس، لا أفهم كيف تخالف رأي سلسلة القيادة العسكرية التابعة لك هنا ؟. إننا نرغب في تفهم حقيقة وضعنا». كان كولونيل جون تين، الذي شارك في حرب العراق، والذي سبق له العمل في مجلس الأمن القومي، في رتبة عسكرية أدنى، لذا كان أول المتحدثين. يذكر أن المؤسسة العسكرية الأمريكية تضم الآلاف برتبة كولونيل، ويعد من غير المعتاد أن يتمكن أي منهم من تقديم النصح إلى القائد الأعلى مباشرة، خصوصا قبيل اتخاذه قرارا حاسما. إطاحة فريدة من نوعها لم يتعين على الكولونيل توضيح أفكاره بدقة أكبر، فقد كانت فكرته الرئيسية واضحة، وهي أنه ربما تظهر الحاجة لموجة إطاحة فريدة من نوعها بقيادات المؤسسة العسكرية لا تقتصر على ماكريستال فحسب، وإنما تمتد إلى غيتس وأدميرال مايك مولن، رئيس هيئة الأركان المشتركة، وجنرال ديفيد إتش. بترايوس، رئيس القيادة المركزية الأمريكية. وربما ليس هناك رئيس بمقدوره تحمل عواقب هذا الأمر، خصوصا رئيس في ال48 من عمره لم يقض سوى 4 سنوات داخل مجلس الشيوخ و10 شهور كقائد أعلى للقوات المسلحة. أما جون تين، فبدا أنه كان قادرا على رؤية أن أوباما وصل لمفترق طرق وأنه يفكر مليا في الأمر. في محاولة لتخفيف وقع الخلافات داخل البيت الأبيض وتأثيرها على الرأي العام خاصة في الولاياتالمتحدة قبل انتخابات نوفمبر التشريعية، قلل وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس من اهمية المعلومات حول الخلاف وقال ان المسؤولين اجروا نقاشا مستفيضا قبل ان يصادقوا على سياسة الرئيس باراك اوباما. وأضاف غيتس للصحافيين ان «العلاقة بين المسؤولين الكبار في هذه الادارة يسودها الانسجام مثلها مثل اي علاقات اخرى عرفتها بين المسؤولين اثناء خدمتي في الحكومة». هذه الزوابع حول سياسة البيت الأبيض في أفغانستان لم تخدم لا أوباما ولا حزبه الديمقراطي الذي يتطلع للحفاظ على أغلبيته في نوفمبر 2010 وتحسين فرص أوباما للفوز بفترة رئاسية ثانية. ورغم اقرار اوباما مؤخرا ب»مطالبة بعض الامريكيين بالاجابة على اسئلة صعبة حول مهمتنا في افغانستان» ليؤكد انه على الرغم من تمييز الادارة الامريكية بين «حرب غبية» في العراق و»حرب اذكى» في افغانستان، يعتقد الامريكيون ان التورط في الاخيرة هو ايضا خطأ. ويؤكد الناشط الامريكي اليساري المسؤول عن موقع الكتروني معارض، جوستين روفن ان التشكيك بجدوى الغرق في «المستنقع الافغاني» يتزايد يوما بعد يوم. كذلك ورغم تكرار اوباما في أحاديثه من حين لآخر الوعد ببدء تخفيض عدد الجنود في أفغانستان بحلول يوليو2011 ، والانسحاب من العراق، إلا أن ثقة الأمريكيين بالرئيس وزملائه الديموقراطيين في ما يتعلق بالملف العراقي أصبحت أقل من تلك التي يبادل فيها الرأي العام الامريكي الجمهوريين، وفقا لمركز «تقارير راسموسن»، في ما يشكل انعطافة مهمة في وجهة نظر الامريكيين خلال العامين الماضيين. ويرى مدير المركز، سكوت راسموسن، في ذلك ميلا باتجاه الحزب الجمهوري، أكثر مما هو تحول في النظر للوضع العراقي. البنتاغون يحرق الكتب كتاب حروب أوباما قد لا يكون أكثر من قطرة في نهر، فيوم 25 سبتمبر 2010 وحسب شبكة «سي ان ان» الأمريكية الإخبارية قامت وزارة الدفاع الأمريكية، بشراء وتدمير آلاف النسخ من مذكرات ضابط احتياط الجيش، عمل بأفغانستان، بعنوان «عملية القلب المظلم»، بدعوى احتواء الكتاب على معلومات قد تضر بأمن الولاياتالمتحدةالأمريكية. وبرر البنتاغون، وعلى لسان المتحدثة بإسمه، العميد إبريل كانينام، الخطوة قائلا: «قررت وزارة الدفاع شراء الطبعة الأولى من الكتاب لاحتوائه معلومات قد تضر بالأمن القومي». وأوضحت كانينام أن مسؤولين من البنتاغون أشرفوا على عملية تدمير قرابة 9500 نسخة من كتاب العقيد أنطوني شافر. ومن جانبه وصف شافر، وفي حديث للشبكة، إجراء البنتاغون بأنه «انتقام» مضيفا: «لشخص أن يشتري نحو 10 ألف كتاب لقمع قصة في هذا العصر الرقمي أمر مثير للسخرية». وقالت دار النشر، سانت مارتن بريس، إن طبعة ثانية منقحة من الكتاب قد صدرت عقب إدخال بعض التغيرات التي اقترحتها الحكومة لمعلومات صنفت على أنها سرية. وتقول «وكالة الاستخبارات الدفاعية» إن الكتاب يحوي معلومات سرية مهمة يتوقع أن تؤدي، حال الكشف عنها، لأضرار خطيرة على الأمن القومي للولايات المتحدة. وقال العميد رونالد بيرغس من «وكالة الاستخبارات الدفاعية»، إن الوكالة فشلت، ولقرابة شهرين، في الحصول على مسودة الكتاب، الذي قال إنه تضمن معلومات عن أنشطة سرية لقيادة العمليات الخاصة الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي أيه) وجهاز الأمن القومي، وفق مذكرة داخلية تحصلت عليها الشبكة بتاريخ 6 أغسطس. وفي المقابل، قال مارك زيد، محامي شافر، إن رؤوساء موكله راجعوا الكتاب قبيل طبعه في مطلع هذا الشهر، منوها: «تلقينا ضوء أخضر من قيادة احتياط الجيش». وأوضح شافر أن البنتاغون أبلغ دور النشر بقلقه حيال المعلومات السرية الواردة في الكتاب بعد طباعة النسخة الأولى منه. ويتحدث شافر في «عملية القلب المظلم» عن مذكراته في أفغانستان حيث قاد فريق العمليات السوداء إبان عهد الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش. ولفت الضابط الحائز على الميدالية البرونزية خلال حديثه مع الشبكة، أن أكبر الأخطاء التي ارتكبها الرئيس السابق هو سوء فهم ثقافة المنطقة. ويأتي نشر الكتاب بعد أزمة أثارها نشر موقع «ويكي ليكس» الإلكتروني لآلاف الوثائق السرية عن الحرب الأمريكية في أفغانستان. ونشر الموقع نحو 76 ألف وثيقة تتعلق بحرب أفغانستان، ووعد بنشر 15 ألف وثيقة جديدة في وقت آخر، في خطوة حذر وزير الدفاع الأمريكي، روبرت غيتس، من عواقب نشرها الوخيمة. وندد كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين نشر الموقع الإلكتروني الذي سبق له كشف تفاصيل عمليات عسكرية في العراق، بإتاحة تلك الوثائق الحساسة. أحلام يقول محللون ألمان أنه رغم أن العدد الأكبر من الشخصيات المسؤولة عن صنع القرار في واشنطن مقتنعون بإستحالة احراز النصر في أفغانستان إلا أنهم يعاندون في الإعتراف وهم يتعلقون بأوهام عن حدوث تطورات مفاجئة لا دخل لهم بصنعها ولكن من شأنها تغيير مسار الحرب لصالح قوات التحالف الغربي في أفغانستان. يوم 15 سبتمبر أعلن الجنرال ديفيد بتراوس، أن التقدم الذي يتم إحرازه في هذا البلد بطيء جدا، وأضاف في مقابلة مع شبكة «ايه بي سي» الأمريكية، إنه بعد أن ذهب إلى أفغانستان وعاين الوضع على الأرض رأى ان القوات الأمريكية والدولية «تتقدم» على «المتمردين» ولكن بصعوبة. وأوضح ان المعارك «صعبة جدا واحيانا يبدو التقدم بطيئا الى حد يشبه مشاهدة العشب وهو ينمو او الطلاء وهو يجف. المحافظون الجدد الذين يتطلعون للعودة إالى البيت الأبيض شرعوا من الأن في طرح أفكار حول أفغانستان تستهدف تدمير البلاد بعد الفشل في ترويضها. وهكذا اقترح نائب مستشار الأمن القومي الامريكي في عهد جورج بوش، روبرت بلاكويل تقسيم أفغانستان عرقيا، في شكل تسيطر معه طالبان على مناطق البشتون التاريخية في الجنوب والشرق، فيما تبقي الولاياتالمتحدة 50 ألفا من جنودها في هذا البلد لأجل غير محدد، لحماية المناطق الشمالية والغربية التي يقطنها الطاجيك والأوزبك والهزارة (الشيعة)، من سيطرة الحركة. واعتبر السفير بلاكويل الذي برز دوره منسقا رئيسيا بين وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كوندوليزا رايس والحاكم السابق في العراق بول بريمر، ان من المهم جدا سحب قوات حلف شمال الاطلسي من مناطق البشتون، لأن خسارتها الحرب هناك شبه أكيدة، وأكد وجوب تغيير الرئيس أوباما استراتيجيته بالنسبة الى الحرب في أفغانستان. بلاكويل الديبلوماسي المتقاعد الذي يرأس كرسي هنري كيسنغر (وزير الخارجية الأميركي السابق) في مجلس العلاقات الخارجية وعمل سفيرا لبلاده في بلدان عدة آخرها الهند، قدم هذا الاقتراح في الثلث الأول من شهر سبتمبر أمام مجموعه من الأكاديميين والباحثين في المعهد الدولي للشؤون الاستراتيجية في لندن. وقال بلاكويل إن الأخطاء الاستراتيجية للسياسة الغربية تتراكم في أفغانستان منذ عقود، خصوصا الخطأ الفادح الذي ارتكبته الولاياتالمتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 حين تغيرت الاستراتيجية من طرد «القاعدة» وهزيمتها في افغانستان الى هزيمة «طالبان» وإقامة حكومة ديموقراطية في كابول، خصوصا أن تحقيق مثل هذا الهدف امر غير واقعي ومستحيل. وحاول بلاكويل نفي الإتهامات التي أكدت أن مشروعه لتقسيم أفغانستان هو جزء من مؤامرة أمريكية كبيرة لتقسيم العديد من الدول العربية والاسلامية في المنطقة الممتدة من حدود الصين حتى مشارف المحيط الأطلسي، تحت غطاء إدعاءات عن وجود مجموعات تصفها الإدارة الأمريكية بالإرهابية، وكذلك باللعب على أكاذيب عدم تمتع الأقليات العرقية والمذهبية في دول هذه المنطقة بحقوقها السياسية والإقتصادية. التقسيم بعد أيام من كلمته أمام المعهد الدولي للشؤون الاستراتيجية في لندن اجرت قناة «روسيا اليوم» مقابلة مع بلاكويل أقر فيها أن الهدف التالي بعد تقسيم أفغانستان هو باكستان. فردا على سؤال حول ما إذا من شأن التقسيم ان يترك طالبان تسيطرعلى منطقة مجاورة للحدود الباكستانية التي هي دولة نووية وهو ما سيؤثر على زعزعة الاستقرار العالمي بشكل اكبر، وقال اعتقد ان العالم سيتاثر ولكن من المؤكد ان هذا المفهوم يمكن ان يقود الى ظهور حركة بشتونية على كلا جانبي الحدود، وقد يعجل في اظهار رغبة البشتون لأن يكون لديهم بلدهم المستقل «بشتونستان». فكرة تمزيق أفغانستانوباكستان ليس حكرا على المحافظين الجدد بل هناك آخرون يقدمون أفكارا متشابهة. في الأسبوع الأول من سبتمبر، أصدرت مجموعة مكونة من 46 خبيرا من خبراء السياسة الخارجية تقريرا مشتركا في الولاياتالمتحدة ارتأوا فيه أن هدف بناء أفغانستان موحدة ومستقرة، يفوق قدرات الولاياتالمتحدة علاوة على أنه ليس ضروريا. وذكر المسؤولان السابقان وهما «ريتشارد هاس» رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، و»ليزلي غيلب» الذي كان قد تولى هذا المنصب قبله ثلاثة أسباب يقولون إنها تدفعهم للشعور بالتشاؤم بشأن إمكانية كسب الحرب في أفغانستان. السبب الأول: النكسات، ومن بينها، أن الهجوم الرئيسي على قندهار الذي كان يفترض أن يصبح في ذروته في الوقت الراهن قد بدأ بالكاد مؤخرا. السبب الثاني: فشل الرئيس الأفغاني في دعم الحملة لمحاربة الفساد. السبب الثالث التكلفة السنوية الباهظة لتلك الحرب والتي وصلت مؤخرا إلى 100 مليار دولار سنويا. يقترح التقرير بشكل عام إنهاء العمليات العسكرية في جنوبأفغانستان التي تتمتع فيها «طالبان»، بوضع قوي للغاية، والسعي إلى صيغة لتقاسم السلطة مع المقاتلين الإسلاميين. واقترح «هاس» التخلي عن سياسة المركزية في أفغانستان، تقوم بموجبه الولاياتالمتحدة بمنح المساعدة للقادة المحليين الذين يوافقون على محاربة «القاعدة» في نفس الوقت الذي تتخلى فيه عن المجهود الرامي لبناء حكومة مركزية. أما «جيلب»، فقدم اقتراحا بإجراء تخفيض لعدد القوات على مدى عامين من 100 ألف جندي حاليا إلى 15 ألفا فقط. حرب غير رسمية اذا كانت واشنطن الرسمية وحلف الناتو لا يتبنون علنيا فكرة تقسيم أفغانستانوباكستان كبديل يتصورونه ممكنا للهزيمة في بلاد جبال الهندوكوش، فإن كل تصرفاتهم تعكس تكريس عملهم على سياسة التمزيق. اوباما قال إن «الناس لا بد أن يدركوا بأن السرطان موجود في باكستان»، وذلك في نطاق اتهامات متكررة لباكستان بأنها تساند طالبان رغم كل مواقفها الرسمية النافية لذلك. القوات الأمريكية تخوض أكثر فأكثر حربا داخل أراضي باكستان بدعوى مطاردة عناصر طالبان والقاعدة، وقد تأزمت العلاقات بين واشنطن وإسلام آباد بسبب ذلك عدة مرات وفي كل مرة يتم الوصول إلى حل وسط يحول وترسخ القطيعة خاصة وأن باكستان لا تريد أن تجد نفسها بين نارين، نار العدو التقليدي الهند من الجنوب والشرق وأمريكا من الغرب والشمال عبر أراضي أفغانستان. يوم الخميس 30 سبتمبر 2010 وصلت المواجهات مرة أخرى إلى حافة المواجهة حيث اتهمت باكستان قوة الحلف الاطلسي بقتل اثنين من جنودها الخميس في غارة نفذتها مروحية اجتازت الحدود، في رابع حادث من نوعه في أقل من اسبوع، بينما أعلن التحالف انه فتح تحقيقا في الحادث. وعلى الفور علقت السلطات الباكستانية مرور قافلات امدادات حلف شمال الاطلسي بمضيق خيبر، أهم نقطة تزويد بري للقوات الدولية في افغانستان. وكانت باكستان قد احتجت بشدة الاثنين على «إنتهاكين» لمجالها الجوي اثر غارتين لقوات الأطلسي الجمعة والسبت انطلاقا من منطقة افغانية تحت مسؤولية جنود امريكيين تابعين لقوة الحلف الأطلسي. وأقرت قوة الأطلسي بالأمر وأكدت أنها قتلت أكثر من 30 مسلحا. وقال مسئول عسكري باكستاني كبير لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته «صباح الخميس، وفي هجوم غير مبرر، دخلت مروحيات لحلف شمال الأطلسي مجالنا الجوي واستهدفت مركزا عسكريا لحرس الحدود» في قرية منداتي كانداو في اقليم كورام القبلي المحاذي لولاية باكتيا الأفغانية. وقال المتحدث باسم البنتاغون «إننا نجري محادثات مع الحكومة الباكستانية ونأمل في التمكن من إيجاد حل للمشكلة عبر الحوار». واعتبر انه «من المبكر جدا» تقييم عواقب تعليق مرور القوافل البرية التي تسلك ابرز طريق إمدادات برية تربط بيشاور في باكستان بجلال اباد في أفغانستان عبر معبر خيبر. في الاستجواب الذي أجرته قناة «روسيا اليوم» مع المستشار الامريكي روبرت بلاكويل قال هذا الأخير «الجيش الباكستاني الذي يعتبر المؤسسة الرئيسية الموجهة يساند التمرد، وإذا كان قلقا من خطر التقسيم فيتوجب عليه إيقاف الدعم الذي يقدمه إلى بشتون أفغانستان، واعتقد أنهم لن يوقفوا الدعم. نعم التقسيم ينطوي على مخاطر ولكنني أود القول بأن هذه الخطة غير كاملة لأننا كما نعرف لا توجد في السياسة العامة خطط متكاملة، لكنني اعتقد ان هذه الخطة هي الأفضل». السلاح النووي الباكستاني قبل ذلك وفي شهر يوليو 2010 نشرت صحف أمريكية وبريطانية وألمانية عددا من الوثائق السرية التي قيل أنها سربت من السجلات العسكرية الأمريكية وهي تتحدث عن تعاون بين المخابرات الباكستانية، وحركة طالبان الأفغانية. في نفس التوقيت وفي الهند، وقف رئيس الوزراء البريطاني، ليهاجم باكستان بسبب ما سماه الإرهاب المتوالد في داخلها. وقبل ذلك وخاصة خلال سنة 2010، كانت العديد من الأجهزة والإدارات والقيادات الأمريكية، تكرر اتهاماتها لباكستان، بشأن عدم تعاونها الحقيقي في «مكافحة الإرهاب»، سواء في أفغانستان أو باكستان، كما يذكر كل المتابعين للشؤون الدولية، تلك الأيام التي تلت اتهام باكستاني بالإعداد لتفجير سيارة في ميدان عام بإحدى المدن الأمريكية، وما تلاها من وصول لغة التهديد الأمريكية حد القول باستخدام القوة المسلحة ضد باكستان، إذا تكرر وصول باكستانيين وقيامهم بأعمال إرهابية على الأراضي الأمريكية، وهو ما شكل تطورا خطرا في علاقات باكستانوالولاياتالمتحدة. استهداف الولاياتالمتحدة للسيطرة أو تدمير نووي ياكستان ليس جديدا. يوم الأحد 11 نوفمبر 2007 كشفت صحيفة واشنطن بوست أن واشنطن تملك خططا لاحتواء نووي باكستان، ونقلت الصحيفة في تقرير لها عن مسئول أمريكي : إن الأمريكيين قلقين من أن معرفتهم محدودة بشأن موقع الترسانة النووية الباكستانية وهو ما يمكن أن يسبب مشكلة. وأضاف «نحن لا نستطيع القول إننا نعرف بشكل جازم وتفصيلي أماكن الأسلحة النووية الباكستانية» ، مشيرا إلى أنه «إذا تمت محاولة من جانب الولايات المتّحدة للاستيلاء على هذه الأسلحة لمنع وقوعها في يد الغير فمن المحتمل أن تكون محاولة فوضوية». وتابع التقرير أن أيا من القوى التسع النووية المعلنة في العالم لا تثير القلق الذي تسببه باكستانلواشنطن. وقالت الصحيفة نقلا عن «مسئولين « إنه نظرا لدرجة الخطورة العالية أعدت الاستخبارات الأمريكية خططا منذ فترة طويلة للتدخل لمنع حدوث ما أسمته «عمليات سطو» من هذا النوع. وتابعت أن المسئولين لن يناقشوا تفاصيل الخطط لكن مسئولين سابقين عدة أكدوا أن الخطط تقضي ببذل جهود لنقل أي أسلحة نووية معرضة لخطر وشيك من الوقوع في أيدي «إرهابيين». هذا جزء من معركة كبيرة يتم خوضها بين مشارف حدود الصين والسواحل الشرقية للمحيط الأطلسي.