12-2009- يكشف الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساء اليوم الثلاثاء عن تفاصيل الإستراتيجية الأمريكيةالجديدة في أفغانستان بعد سلسلة من المناقشات مع مستشاريه لشؤون الأمن القومي، ومشاورات مع عدد من الدول ذات العلاقة بالوضع في ذاك البلد الأسيوي. واستقطب موضوع هذه الإستراتيجية، المقرر أن ترد ضمن خطاب إلى الأمة يوجهه الرئيس أوباما من اكاديمية (ويست بوينت) العسكرية، مؤخرا اهتمام الرأي العام الدولي بشكل عام والأمريكي بشكل خاص، وهو ما بلور توقعات افرزت محاور محتملة لهذه الإستراتيجية.
ويتوقع المراقبون في هذا الصدد أن يفصح الرئيس أوباما عن تفاصيل حول الجدول الزمني لانسحاب القوات الاميركية من افغانستان، موضحين أنه من غير المتوقع ان يعلن عن موعد انسحاب معين، ولكن قد يحدد جدول تخفيض تدريجي للقوات الامريكية في أفغانستان وتسليم مقاليد الامور الى القوات الافغانية على مدى ثلاث الى خمس سنوات.
وحسب تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين، فإن الرئيس أوباما سيشدد في خطابه على ان التدخل الاميركي في أفغانستان ليس الى ما لا نهاية او بلا قيد او شرط، مع التركيز على الاولوية التالية: منع ان تستخدم المنطقة مجددا لمهاجمة الولاياتالمتحدة، وهو طموح يبقى بعيدا عن رؤية سلفه جورج بوش لنشر الديمقراطية.
كما انه سيشدد، حسب المصادر ذاتها، على ضرورة تدريب القوات الافغانية ورفع عديدها لتكون قادرة على ان تحل مكان القوات الدولية وأن تؤمن المراكز السكانية ورد هجمات طالبان.
وقد أعرب المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس أمس عن اعتقاده بأن الرئيس أوباما سيؤكد في خطابه اليوم أن التواجد الأمريكي في أفغانستان هو من أجل المساهمة في "تدريب قوات الامن الوطني والجيش والشرطة الافغانية لتتمكن من توفير الامن لبلادها وشن معركة ضد تمرد لا يلقى دعما في هذا البلد".
واشار غيبس الى ان الرئيس أوباما ابلغ الرئيس الافغاني حامد كرزاي في اتصال هاتفي ان "الوقت قد حان لبدء مرحلة جديدة في علاقاتنا في ما يتعلق (بمواجهة) الفساد".
وتوقع المسؤولون الأمريكيون أيضا ان تشمل الإستراتيجية الأمريكيةالجديدة ارسال 30 الف جندي أمريكي اضافي الى افغانستان.
وقد استبق الرئيس أوباما الإعلان الرسمي عن خطوط هذه الإستراتيجية بإصدار اوامر جديدة، مساء الأحد الماضي، الى قادته العسكريين بشأن الحرب في أفغانستان، وهو ما أكده المتحدث باسم البيت الابيض روبرت جيبز أمس الإثنين حيث قال أن الرئيس أوباما أبلغ جنرالاته، ومن بينهم قائد القوات في افغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال وكبار وزرائه ومعاونيه الامنيين، بقراره النهائي واعطى في اليوم نفسه تعليمات للشروع في تطبيق الاستراتيجية، قبل ان يعلنها للاميركيين مساء اليوم الثلاثاء.
يذكر أن الإعلان عن هذه الإستراتيجية يأتي قبل وقت قصير من توجه الريس باراك أوباما الى اوسلو لتسلم جائزة نوبل للسلام.
+ مشاورات مع الدول المعنية والأطراف السياسية الأمريكية +
وقبل الإعلان عن هذه الإستراتيجية، عمد الرئيس الأمريكي إلى إجراء مشاورات مع عدد من الدول المعنية بالوضع في أفغانستان، وخاصة تلك المساهمة بقوة، كيف ما كان نوعها، في هذا البلد الأسيوي. لكن من دون ان يفصح لهم عن تفاصيل هذه الإستراتيجية.
وهكذا أجرى الرئيس أوباما، خلال الأيام الماضية، محادثات هاتفية مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ونظيره الروسي دميتري ميدفيديف بالاضافة الى رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون ونظيره الايطالي سيلفيو برلسكوني.
كما اجرى اتصالا برئيس الوزراء الدانمارك لارس راسموسن واجتمع مع رئيس الوزراء الاسترالي كيفن رود.
وذكر البيت الابيض انه من المتوقع ان يجري الرئيس اوباما ايضا اتصالا بالرئيس الباكستاني آصف علي زرداري والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل والرئيس الصيني هو جينتاو ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك بالاضافة الى رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ.
وعلى المستوى الداخلي أجرى الرئيس أوباما مشاورات مكثفة مع البرلمانيين، خاصة وأنه يواجه تشكيكا متصاعدا لدى غالبية الأمريكيين، حتى من قبل حلفائه الديمقراطيين، لجهة ضرورة الحرب في أفغانستان التي تسجل هذه السنة، بعد ثماني سنوات من الحرب، عامها الاكثر دموية بالنسبة للجنود والمدنيين على حد سواء.
وتوقع المراقبون أن يثير موضوع تكلفة زيادة القوات الأمريكية في أفغانستان جدلا حادا في الكونغرس الأمريكي حيث يعارض اعضاء الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه الرئيس أوباما، زيادة كبيرة في تلك القوات.
وقد ركز عدد من النواب الأمريكيين على هذا الموضوع في المقابلات التي أجريت خلال البرامج الاخبارية في التلفزيون الامريكي أول امس الاحد.
وحسب المراقبين فإن إستراتيجية الرئيس أوباما ستحاول تخفيف بواعث القلق على جانبي التقسيم السياسي على الساحة الامريكية، موضحين أن ارسال المزيد من القوات موجه الى العسكريين والجمهوريين اعضاء الكونغرس، في حين أن التأكيد على ان الالتزام الامريكي ليس مفتوحا بلا نهاية هو محاولة لتهدئة مخاوف الديمقراطيين المتشككين، والكثير من الامريكيين الذين انهكتهم الحرب وتكاليفها وزادت من مخاوفهم بشأن تكلفة مشروع قانون معلق لاصلاح نظام الرعاية الصحية الذي يعد على رأس أولويات الرئيس أوباما المحلية.
ويقدر البيت الابيض أن كل جندي اضافي يرسل الى افغانستان سيتكلف حوالي مليون دولار سنويا، مما يعني أن زيادة القوات من 30 الى 40 الف جندي ستضيف حوالي 30 مليار دولار الى 40 مليار دولار من تكاليف الحرب سنويا.
ويوجد لدى الولاياتالمتحدة حاليا حوالي 68 الف جندي في منطقة الحرب، وتشكل بريطانيا والمانيا وكندا واستراليا وغيرها من الحلفاء، ما تبقى من القوة متعددة الجنسيات المؤلفة من 42 الف جندي.
وفي هذا الصدد اعلن الرئيس المقدوني جورج ايفانوف أمس الاثنين، في رسالة موجهة الى الامين العام للحلف الاطلسي الجنرال اندرس فوغ راسموسن، ان مقدونيا سترسل ثمانين جنديا اضافيا الى افغانستان.
في السياق ذاته اعلن رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون الليلة الماضية ان بلاده قررت ارسال 500 جندي اضافي في مطلع الشهر الجاري الى افغانستان ليرتفع بذلك عدد القوات البريطانية المتمركزة هناك الى 9500 جندي.
وأعلنت إيطاليا على لسان وزير خارجيتها فرانكو فراتيني أمس استعدادها لتقديم "مساهمة اضافية" في عمليات حفظ السلام في افغانستان ودعمها للإستراتيجية الأمريكية المتمثلة في "تعزيز المجتمع الدولي في افغانستان".
بالمقابل أكدت فرنسا على لسان وزير الدفاع هيرفي موران اليوم الثلاثاء عدم ارسال قوات عسكرية اضافية الى افغانستان، وذلك في تعليق على ما نشرته صحيفة (لو موند) الفرنسية حول طلب الولاياتالمتحدة من فرنسا ارسال 1500 جندي اضافي الى افغانستان.
وأوضح الوزير الفرنسي أن بلاده قد تزيد من تدريباتها العسكرية والسياسية لافغانستان ومساعدات اعادة البناء.