يبدو ان تحفظ مالي في محاربة وحدات تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» في شمال اراضيها ، حيث سمحت للجيش الموريتاني بمطاردتها، يعود جزئيا الى تخوفها من تجدد تمرد الطوارق في هذه المنطقة. ففي خلال شهرين تدخل الجيش الموريتاني مرتين في شمال مالي لمحاربة وقصف وحدات تنظيم القاعدة ، في حين تعود اخر اشتباكات معروفة بين هذا التنظيم والجيش المالي الى اكثر من سنة. وقد اتهم الرئيس المالي ، امادو توماني توري، الملقب ب«ايه تي تي»، بالتراخي في محاربة تنظيم «القاعدة» من قبل الجزائر وموريتانيا. فهذان البلدان استدعيا سفيريهما في باماكو للاحتجاج على اطلاق مالي سراح سجناء اسلاميين مقابل الافراج عن الرهينة الفرنسي ، بيار كامات. وعاد السفيران منذ ذلك الحين الى مراكزهما. ويوضح آلان انتيل ، من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية :«تعود سياسة «ايه تي تي» الى تمرد الطوارق». وقال :«منذ ذلك الحين، يحاول عدم اثارة اهل الشمال ضده ، ولذلك فان جيشه لا يغامر كثيرا في هذه المنطقة». واكد موسى سامبا سي ، الخبير السياسي الموريتاني، مدير صحيفة «نواكشوط» انه سلام تم التوصل اليه مقابل نزع السلاح جزئيا في شمال مالي، لكن بالرغم من ذلك ، فان التمرد ما زال «كامنا»، وخوفا من ايقاظه «لا ترغب مالي التدخل بصورة مباشرة جدا في القتال ضد تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب». واذا كانت تحركات تنظيم القاعدة اقل كثافة فيها مما هو عليه في موريتانيا او في الجزائر ، فان مالي لم تبق في منأى منها بصورة تامة. و تمكن جيش مالي بالرغم من ان عديده اقل من جيش موريتانيا (حوالى سبعة الاف عنصر مقابل حوالى 20 الفا)، من «توجيه ضربات كبيرة الى تنظيم القاعدة» على ما اقر سامبا سي. و يوم 17 يونيو 2009 بعد شهرين من قتل الرهينة البريطاني ، ادوين داير، هاجم الجيش المالي للمرة الاولى موقعا لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» على اراضيها، تحديدا في غران اكاسا ، قرب الحدود الجزائرية ، مما ادى الى مقتل 26 «مقاتلا متشددا» كما اعلن. وبعد ثلاثة اسابيع من ذلك ، خاض معارك عنيفة ضد تنظيم «القاعدة »في شمال مالي، مما اسفر عن سقوط عشرات القتلى في صفوف الفريقين ، حسب الجيش، ومقتل 28 جنديا ماليا حسب «القاعدة». وفي اواخر غشت الماضي ، اعلن تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي» مسؤوليته عن قتل جمركي مالي بعد بضعة أيام من خطفه. ورأى آلان انتيل ، ان الرغبة في عدم تحريك تمرد الطوارق مع المجازفة بالظهور اقل التزاما في محاربة تنظيم القاعدة ، هو «سيناريو تشوبه نواقص» في نظره والرئيس المالي يدرك ذلك. وقال موسى سامبا سي ايضا «يبدو الامر اشبه بتسوية وقتية» بين «القاعدة» ومالي ، لكن يوجد في هذا البلد رغبة جديدة في محاربة التنظيم الارهابي . ودليل على هذه «الرغبة الجديدة»، اكد مصدر عسكري مالي ان بلاده تعتزم في المدى القصير اعادة عسكرة مناطقها الشمالية، بعد انسحاب الجيش منها مقابل السلام مع الطوارق. لكن مالي لا تريد التحرك بمفردها ، وترغب في رد جميع الجيوش المعنية في المنطقة.