ظل موقف المغرب واضحا ولا لبس فيه، بخصوص النزاع المفتعل في أقاليمنا الجنوبية المسترجعة،وهو موقف يرتكز على احترام الشرعية الدولية ، ومساهمة المنتظم الدولي في إرساء الاستقرار و السلم العالميين، وحماية حقوق الإنسان، والانخراط في برامج تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، على خلاف الأطراف الأخرى ، وفي مقدمتها المسؤولون في الجزائر الشقيقة ، حيث يتميز موقفهم بالنتاقض وعدم الانسجام ، فهم يدعون أن لا طمع لهم في أية رقعة من أرض مغربية وأنهم ليسوا طرفا في الصراع المفتعل، ولكنهم بالمقابل لا يترددون ، لحظة واحدة، في تسخير ثروات بلادهم وقوتها الدبلوماسية من أجل دعم الانفصاليين، ضدا على الوحدة الترابية للمغرب ، في الوقت الذي كان من المفروض على هؤلاء المسؤولين أن يوجهوا هذا المجهود الاستثنائي لمعالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية العويصة التي يتخبط فيها هذا البلد الشقيق .. وقدجاء خطاب جلالة الملك محمد السادس إلى الدورة 65 للجمعية العامة للأمم المتحدة، ليؤكد من جديد الموقف الثابت للمغرب بهذا الخصوص ، حيث أبرز جلالته في الخطاب الذي تلاه الوزير الأول عباس الفاسي:«أن هذه الدورة الملتئمة بعد مضي عقد كامل على انعقاد قمة الألفية،مناسبة سانحة لاعتماد رؤية توافقية لتوجيه عملنا الجماعي ، للسنوات القادمة ، ولتأكيد التزامنا بالمحاور الثلاثة الأساسية لهذه الرؤية ، والمتمثلة في الأمن والاستقرار، والتنمية والازدهار والنهوض بحقوق الإنسان وصيانة كرامته..» وأضاف جلالته قائلا : « إن المغرب يدعو المجتمع الدولي للانخراط القوي لتسوية كافة الخلافات، الظاهرة منها والخفية، التي تعكر صفو العلاقات بين دول الجوار ، وتعليق اندماجها الاقتصادي الضروري ، خاصة في قارتنا الإفريقية .ومن منطلق رغبتنا الصادقة في تنقية الأجواء في منطقتنا المغاربية ، قدمنا لمنظمة الأممالمتحدة ، خلال سنة 2007 مبادرة الحكم الذاتي ، قصد إيجاد حل نهائي للنزاع المفتعل حول استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية..». ويضيف جلالة الملك :« أن هذه المبادرة المقدامة والخلاقة ، حظيت بدعم المجتمع الدولي ومجلس الأمن ، حيث وصفا مرارا الجهود التي تستندعليها بالجدية والمصداقية ، كما أشادا بإسهام المغرب الفعال ، في تسهيل التوصل إلى حل لهذا الخلاف ، الذي يرهن الاندماج المغاربي ، ويعيق ازدهار الشعوب المغاربية الخمسة..» ولا بد من التأكيد على الطابع الديمقراطي لمقترح الحكم الذاتي ، باعتباره يرتكز على الشرعية الدولية، ويهدف إلى الوصول إلى حل سياسي نهائي متفاوض بشأنه ، وباعتباره الحل الوحيد الذي بإمكانه إنهاء حالة التوتر بالمنطقة المغاربية ، وباعتباره أيضا يستند إلى الموقف الثابت للمغرب الذي يرتكز على عدالة القضية الأولى للشعب المغربي ، بمنطق السياسة والتاريخ والجغرافية ، وهو الأمر الذي جعل الدول الكبرى النافذة على مستوى المنتظم الدولي، تأخذه بعين الاعتبار، في أكثر من مناسبة.وعلى هذا الأساس فالمنتظم الدولي مطالب بالتوجه إلى الأمام وممارسة كامل صلاحياته لدعم العدالة والعمل على إيجاد الحل والتسوية النهائية لهذا النزاع الذي عمر طويلا ، وذلك طبقا للشرعية الدولية وللقرارات الأممية ذات الصلة .. وبذلك يكون جلالة الملك قد أكد رغبة المغرب الواضحة في المضي قدما نحو إيجاد حل سياسي عادل ودائم لهذا النزاع المفتعل الذي ضيع على المنطقة فرصا كثيرة نحو التكامل والتطور والنمو ،وهي إرادة تعكس حرص المغرب نحو تعبيد طريق الحل العادل والنهائي دون غالب أومغلوب.