ذاكرة الوطن اختزال لتاريخ بكل محطاته المشرقة والسوداء، ومن لا يستحضر ذاكرة وطننا في رسم ملامح المستقبل، حتما سيكون خارج هذه الذاكرة، ويعتقد أن بإمكانه استغفال شعب كامل بغير قليل من العجرفة التي تؤدي إلى الهاوية. ذاكرة وطننا حبلى بأحداث دالة تجعل من تاريخنا إرثا فكريا متميزا، شرط أن نحسن استثمار التجارب المشرقة، ونبتعد قدر الإمكان عن استنساخ التجارب المؤلمة ولو كانت بأشكال تبدو جديدة في ظاهرها، لكنها إعادة إنتاج لنفس أخطاء الماضي في عمقها. ذاكرة الوطن تقول إن هذا الوطن العزيز لم تنل منه كل القوات الغازية منذ الأزل لسبب مهم وأساسي، وهو وحدة أمته في قيما وروحها وقناعاتها بأن السيادة الوطنية لا يمكن أن تكون مجالا للمزايدة أو التفريط وتحت أي ذريعة كانت، ذاكرة هذا الوطن تقول أن الكثير من الاستيلاءات تمت على أراضي هي في ملكيتنا، وتنتمي لباقي حبات تراب هذا الوطن، هناك في شمال وطننا العزيز تنتصب سبتة ومليلية شاهدين على استمرار روح استعمارية أضحت مرفوضة في القرن الحالي، وفي جنوب وطننا لا زالت حبات صحرائنا الشرقية تؤرخ لثمن باهظ في سوء تقدير التعامل مع ملف هذه المناطق من تندوف إلى توات إلى القنادسة وبشار، وفي عمق البحر لا تزال ثرواتنا السمكية معرضة للنهب داخل مربعات سيادتنا البحرية. ذاكرة الوطن تقول أن تجارب ما ، في زمن ما ، كانت وبالا على هذا الوطن العزيز، حيث أنتجت تجارب التزوير والتزييف احتقانات كادت تعصف باستقرار هذه الأرض الطيبة لولا الألطاف الإلهية، كما أنتجت تجارب ما عرف بجمعيات السهول والوديان والجبال أنماطا جديدة من التحكم في مسارات التنمية ، وأصبحنا دون مقدمات أمام لفافات من القبائل بشكل يبدو أكثر متقدما ، ورسم لهذه التجربة امتصاص عينات مجتمعية لضرب العمل الحزبي الرصين، وخلق منافذ تكرس الوصولية والانتهازية، وكل ألوان الريع السياسي. ومن التجارب غير الموفقة تلك التسميات الغريبة لجهات هذا الوطن العزيز، تلك التسميات التي فضحت عمق الهدف من هذه المؤسسات، كتجربة كان يمكن أن تكون رائدة، وتقدم إضافات نوعية لمسار البلاد التنموي وتسريع وثيرة التنمية الجهوية، بدل أن تظل مؤسسات صورية، تكرس واقع النزاعات القبلية والإثنية، عوض أن تكون دعامة من دعامات ترسيخ قوة الوحدة الوطنية، التي تجعل من الخصوصيات المجتمعية عامل تقوية لحمة المجتمع، لا تكريس صراعات وهمية إثنية أو قبلية تلوح بين الفينة والأخرى هناك أو هناك. ذاكرة الوطن بهذه النماذج التي سقناها على سبيل المثال لا الحصر، باعتبار النماذج متعددة إيجابا وسلبا، نريد أن يستعيد بعض من فقدوا ذاكرتهم منذ زمن بعيد، أوممن توقف لديهم الزمن في لحظة ما، ومكان ما ، نريد أن يستعيد هؤلاء ذاكرتهم ليجنبوا الوطن ويلات إعادة إنتاج نفس السيناريوهات ونفس التجارب ،لنصل بعد 40 سنة أخرى لا قدر الله لنفس النتائج. ذاكرة الوطن تدفعنا إلى التأكيد على أن قوة الوطن في قوة فكره، والوطن لا يتحمل أن يظل لعبة لمن يستهويهم التسويق الإعلامي، أو الألفاظ الرنانة، أو ادعاء جرأة زائفة، في قضايا تعتبر الجرأة الوحيدة الممكنة فيها، أن لا تسامح في ثوابت الوطن، وسيادته التي قدم فيها الوطن قوافل كبيرة من الشهداء، وقدم فيها الشعب التضحيات الجسام، ، ذاكرة الوطن تدعونا إلى تجاوز أخطاء قاتلة أدينا ثمنها باهظا طيلة سنوات تعاقبت فيها أجيال وأجيال. وطننا يرسم توجهات جديدة، وفق مسارات تنموية واعدة، وفي ظل تحولات مهمة لا يجب أن نعرضها لأخطار غير محسوبة العواقب. ضربة حرة مباشرة: سألني صديق عن رأيي في مقترح حزب ما بتسمية «جهة الصحراء الغربية» في المقترحات التي تعني الحزب المذكور بخصوص الجهوية، فقلت للصديق وجهة نظر تحترم لكن فيها نقاش، ولو أنني من أنصار تسمية الجهات بأحداث كبرى في تاريخ هذا الوطن عرفتها مختلف مناطق البلاد وما أكثرها، ومن ضمنها المسيرة الخضراء المظفرة، وحتى إذا كان ضروريا أن نعلن عن اسم معين لجهة ما لتوجيه رسالة ما، وفق المقترح الذي سألني عنه الصديق لما لا يكون الاسم «جهة الصحراء المغربية الغربيةوالشرقية».