من خلال قراءتي للعديد من المقالات، والكتب التي تحاول التأريخ لمراحل من أحداث متعاقبة عاشها وطننا من زوايا مختلفة أغلبها يطغى عليه الطابع الذاتي أو الإيديولوجي، من خلال هذه القراءات تبرز حقيقة أساسية مهمة وهي غياب فاعلين كثر لازالوا على قيد الحياة عن تصحيح بعض الإشارات غير السليمة التي تحرف حقائق كثيرة، خاصة حينما تصدر عن بعض أشباه المؤرخين الذين لايضيرهم في شيء ممارسة البهتان (بالعلالي). التاريخ الوطني للمغرب، إرث حضاري لكل المغاربة، وللأجيال المتعاقبة، والمسؤولية الوطنية تقتضي ممن يملكون معلومات سليمة ووثائق، أو ساهموا في صناعة الأحداث ألا يظلوا في موقع المتفرج أو الصامت إزاء تغليط ممنهج أصبح يطال هذا التاريخ. إن ممارسة توثيق الأحداث في حينها يحافظ كثيرا للأمم على ذاكرتها الوطنية التي تؤثر في حاضرها، وتصنع مستقبلها. ومن الخطورة الصمت على محاولات ترويض الذاكرة الوطنية، أو حذف جزء منها، أو تحريف حقائق معروفة، لأن شعبا بلا ذاكرة معرض لكل أنواع الاستلاب الفكري والعقائدي والإيديولوجي. الكثير من معطيات واقع اليوم كان السبب المباشر فيها محاولات الاستيلاء على التاريخ باسم التأريخ، وباسم (حقائق) هي في كنهها افتراءات لأغراض محددة. اليوم وطننا يعيش مراحل جوهرية وأساسية من خلال التحولات المهمة في مساراته التنموية اقتصادية واجتماعية، رغم كل الإكراهات السياسية والاقتصادية، وطننا اليوم يصنع مرحلة من مراحل تاريخه الذي يعد خزانا للدلالات التي يعمل البعض على تقزيمها أو القفز عليها، لكن وطننا رغم كل محاولات تشويه تاريخه الوطني، لن يخلف وعده مع الحقيقة التاريخية، التي قدم نموذجا لتوثيقها في حينه الزعيم علال الفاسي رحمه الله، عبر كتابات بنت رمالها، وظلت ذاكرة مستمرة إلى اليوم لأنها جمعت الفكر بالتاريخ والتأريخ، وجمعت تحليل الحاضر بتوقعات المستقبل بناء على أسس علمية دقيقة. الأكيد أننا اليوم ملزمون بالقول بصراحة كبيرة إن رموزا وطنية ساهمت في صناعة الكثير من الوقائع والأحداث، وكانت شهود عيان على مراحل أخرى: مسؤوليتكم الوطنية أن تخرجوا عن صمتكم لتصحيح تحريف التاريخ الوطني، ومسؤوليتنا الوطنية حماية تاريخ اليوم من الضياع غدا على يد (تجار) التواريخ.