أجمع باحثون وممثلون عن المجتمع المدني، خلال ندوة حول «الذاكرة والأرشيف»، أقيمت صباح أمس الجمعة بالرباط، على ضرورة ربط توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بحفظ الذاكرة مع مقاربات الفاعلين المحليين وإغناء المشاريع المحلية في مجال التاريخ والذاكرة بإسهام أكاديمي، مع اعتبار الخصوصيات الجهوية، وتشجيع إدماج قضايا حفظ الذاكرة والتاريخ في البرامج التعليمية، مشيرين إلى ضرورة تبني مقاربة شمولية تؤدي إلى بلورة نموذج مغربي على مستوى الذاكرة والأرشيف، مع الأخذ بالخصوصيات الجهوية والقواسم الوطنية المشتركة. واعتبر رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أحمد حرزني، أن المرسوم التطبيقي الأول الخاص بقانون إحداث مؤسسة وطنية خاصة بالأرشيف لم ترض أعضاء المجلس الاستشاري، لتنصيص هذا المرسوم على إشراف وزارة الثقافة على هذه المؤسسة، في الوقت الذي يطالب فيه المجلس الاستشاري، صاحب فكرة إحداث هذه المؤسسة، حسب حرزني، بضرورة إشراف الوزارة الأولى مباشرة على المؤسسة المقرر إحداثها، للحفاظ على الذاكرة الوطنية. ودعا حرزني في كلمة افتتاحية، خلال ندوة «الذاكرة والتاريخ والأرشيف»، إلى ضرورة دراسة التاريخ الوطني بتمعن من أجل تفادي وقوع مثل ما وقع سالفا في المستقبل، مشيرا في هذا الصدد، إلى ما وصفه بإحياء الذاكرة الإيجابي من خلال تحويل مؤسسات الاعتقال السابقة إلى فضاءات للثقافة والتاريخ، ومؤكدا أيضا على عزم المجلس التوقيع على اتفاقية مع الاتحاد الأوربي متعلقة بحفظ الذاكرة، ولكن في انتظار ذلك فتح المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أوراشا مهمة على المستوى الجهوي والمحلي، يقول حرزني، من أجل إغناء النقاش والمساهمة في بلورة رؤية حول حفظ الذاكرة والأرشيف الوطني، من خلال إقامة ندوات بعدد من المدن، وكذا من خلال خلق لجنة مختصة. ويأتي عقد هذه الندوة في إطار اللقاءات التي ينظمها المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، المتعلق بحفظ الذاكرة، على غرار ندوة تدريس التاريخ الراهن وندوة الأرشيف، التي انعقدت في وقت سابق، بالنظر إلى كون موضوع ندوة «الذاكرة والتوثيق» مرتبط بتوصيات ومقترحات هيئة الإنصاف والمصالحة، لرد الاعتبار للمناطق التي عرفت «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان»، كما جاء في ورقة مقدمة بالندوة، ولتطوير مقاربة خاصة في مجال جبر الضرر ارتباطا بالنهوض المنشود على مستوى الحقوق الفردية والجماعية، ولبلورة مشروع المتحف الوطني والمتاحف الجهوية للمساهمة في إبراز الذاكرة الجماعية. وأبرز المتدخلون أهمية ذاكرة الشعوب سواء الجماعية منها أو الفردية باعتبار دورها الاستراتيجي في الحفاظ على التعدد الثقافي والسياسي والاجتماعي وقبول الاختلاف، مشيرين إلى أن حفظ الذاكرة وتوثيقها يساهمان في تأسيس دولة حقوق الإنسان واحترام الحقوق على اختلافها.