دعا رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان السيد أحمد حرزني، أخيرا بالرباط، إلى بلورة مشاريع ملموسة لإحياء ذاكرة الماضي بشكل إيجابي، من أجل الانطلاق نحو مستقبل خال من بعض المظاهر السلبية التي عرفها الماضي القريب في المغرب. وأوضح السيد حرزني، في افتتاح ندوة وطنية ينظمها المجلس حول موضوع «الذاكرة، التاريخ والأرشيف»، أن مجموعة العمل الخاصة بالذاكرة والتاريخ التي أحدثها المجلس حققت العديد من المنجزات في هذا الاتجاه، عبر عقد لقاءات جهوية حول موضوع الذاكرة، وخاصة كيفية التعامل مع المعتقلات السرية السابقة, والندوة حول الأرشيف التي طالبت بوضع المؤسسة الوطنية للأرشيف تحت الإشراف المباشر للوزارة الأولى. كما اعتبر هذا الموضوع «الجديد نسبيا»،فرصة للنهوض بالبحث العلمي في التاريخ الراهن للبلاد، مشيرا إلى أن المجلس وقع اتفاقية مع كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط حول إحداث ماستر في «التاريخ الراهن»، وأنه يسعى لإطلاق مبارايات حول مشاريع بحث في هذا الموضوع، وذلك بالموازاة مع الاتفاقية التي سيوقعها المجلس مع الاتحاد الأوروبي لدعم مجهوداته في مجال الذاكرة والتاريخ والأرشيف. من جانبه، استعرض المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير السيد مصطفى الكثيري إنجازات ومبادرات المندوبية في مجال صيانة الذاكرة من خلال تنظيم معارض وندوات وأيام دراسية وإبرام اتفاقيات مع الجامعات، إلى جانب تدوين التاريخ والتوثيق واستنساخ الأرشيف والوثائق التاريخية الموجودة في الخارج. أما أستاذ التاريخ المعاصر وعضو هيئة الإنصاف والمصالحة السيد إبراهيم بوطالب، فقد أكد على ضرورة إدراك الفرق الكبير بين الذاكرة والتاريخ، باعتبار الذاكرة إحساسا ذاتيا حيا يكتسي طابعا نضاليا، مقابل الطابع العلمي العقلاني للتاريخ. وأضاف أن الذاكرة أضحت موضوعا راهنا في المغرب أملاه العمل الذي قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة للوقوف على ماضي انتهاكات حقوق الإنسان وتذكره بموضوعية ورصانة، إلى جانب الاهتمام الدولي الراهن بهذا الموضوع في زمن العولمة. وتهدف هذه الندوة إلى ربط مقاربة هيئة الإنصاف والمصالحة لمسألة التاريخ وحفظ الذاكرة مع مقاربات الفاعلين المحليين, فضلا عن إغناء أكاديمي للمشاريع المحلية في هذا المجال وتشجيع إدماج قضايا حفظ الذاكرة وفضاءات الذاكرة وكتابة التاريخ المحلي في البرامج التعليمية، في إطار مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الخصوصيات الجهوية والقواسم الوطنية المشتركة، من أجل بلورة نموذج مغربي في مجال التاريخ والذاكرة والأرشيف. و تضمن برنامج الندوة ثلاث جلسات عامة، تتمحور حول مواضيع «الذاكرة والتاريخ» و«كتابة التاريخ المحلي» و«الأرشيف والتوثيق المحلي»، شارك فيها أساتذة باحثون وجامعيون، وممثلو جمعيات حاملة لمشاريع في إطار برنامج جبر الضرر الجماعي، وممثلون عن مؤسسات وطنية وقطاعات حكومية معنية، وجامعات ومراكز للبحث على المستوى الوطني. ويندرج هذا اللقاء، الذي سبقه تنظيم ندوتين حول «التعليم والتاريخ الراهن» و«حفظ وتحديث الأرشيف الوطني»، في إطار متابعة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بحفظ التاريخ والأرشيف والذاكرة، وكذا في أفق وضع برنامج لدعم تنفيذ هذه التوصيات بدعم من الاتحاد الأوروبي.