سارعت قيادة جبهة البوليساريو الانفصالية إلى اتخاذ مجموعة إجراءات لا يمكن وصفها إلا بالاستثنائية جدا، دون أن يتمكن المراقبون من إيجاد تفسير مقنع لهذا «الاستثناء جدا»، فقد أصدرت هذه القيادة الانفصالية تعليماتها الصارمة بالعودة السريعة للغالبية الساحقة جدا من الطلبة المنحدرين من مخيمات لحمادة وهم يتابعون اليوم دراستهم في مدارس ومعاهد وجامعات الجمهورية الكوبية، وقدرت هذه المصادر عدد المطالبين بالالتحاق فورا بالمخيمات من الطلبة بأربعة آلاف طالب من أصل خمسة آلاف، وما يزيد هذا القرار المفاجئ لبسا وغموضا أن الطلبة المدعوين إلى الالتحاق بالمخيمات هم في فترة امتحانات. وأن دخولهم إلى المخيمات سيحرمهم من اجتياز هذه الامتحانات. إلى ذلك علم أن رئيس الجبهة الانفصالية قام رفقة مسؤولين سامين في المخابرات الجزائرية خلال الأيام القليلة الماضية بزيارات تفقدية للثكنات العسكرية وهي العملية التي أطلقت عليها قيادة الجبهة «الدعم النفسي للجنود». إلى ذلك علم من مصادر في المخيمات أن قيادة الجبهة الانفصالية أصدرت تعليمات صارمة تقضي بالتقليل من رخص مغادرة المخيمات وحصرها فقط في الرخص الطبية، وإلى جانب كل ذلك ذكرت مصادر أخرى أن قيادة الجبهة الانفصالية أصدرت أوامر أخرى بتكثيف التداريب العسكرية في جميع المواقع العسكرية. لا أحد يملك جوابا ولا تفسيرا لما أقدمت عليه قيادة الجبهة الانفصالية، لتبقى التفسيرات متباينة بين من يرى أن قيادة الجبهة الانفصالية تدق طبول الحرب، وأن المنطقة قد تعيش في القريب العاجل وضعا في غاية الصعوبة، وبين من يقول إن الجبهة الانفصالية اعتادت أن تحدث بعض الضجيج كلما وقع تناسيها ، أو تلقت ضربات على خديها خصوصا على المستوى الديبلوماسي الدولي، لذلك فلا أهمية لكل ما أقدمت عليه، لأن الأمر يتعلق بالعناد الذي تبديه الذبيحة في محاولة للعودة إلى الحياة، وبين من يذكر بأن هذه الاجراءات تهدف إلى فرض استتباب الأمن داخل المخيمات وإلى تخويف اللاجئين، خصوصا بعد توزيع مناشير داخل المخيمات تندد «بالقيادة الخائنة» وبعد صدور أحكام عسكرية ثقيلة ضد معتقلين سياسيين، في ضوء عمليات النزيف التي تعرفها المخيمات في ضوء العودة الطوعية لآلاف الأشخاص إلى أرض الوطن.