تأكدت قيادة جبهة البوليساريو الانفصالية فعليا من الضيق الديبلوماسي الذي توجد عليه، وكانت المناسبة أشغال الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي انطلقت أشغالها يوم الثلاثاء الماضي بحضور رؤساء دول وحكومات 192 دولة، إضافة إلى شخصيات سياسية ورؤساء وممثلين عن منظمات دولية، فقد بادرت قيادة هذه الجبهة إلى إيفاد كومندو من أهم رجالاتها إلى هذه الاجتماعات وترأسه المسمى محمد سالم السالك وزير الخارجية في جمهورية الوهم وضم كذلك المسمى أحمد البخاري عضو قيادي في الجبهة وهو ممثلها بالأمم المتحدة والمسمى محمد يسلم بيسط الوزير المكلف بإفريقيا في جمهورية الوهم، والحاج أحمد الوزير المكلف بأمريكا اللاتينية في نفس الجمهورية لكن خيبة الأمل كانت كبيرة بسبب الهامش الضيق من المناورة والتحرك الذي وجد الوفد نفسه فيه، إذ تجنب ممثلو الغالبية الساحقة من الحكومات والدول اللقاء بهذا الوفد، إذ من أصل 192 دولة وعشرات رؤساء المنظمات الدولية، لم يتمكن وفد البوليساريو من اقتناص إلا لقاءات قليلة جدا، والتي لا تتمتع في مجملها بأي وزن دولي وتفتقد إلى أي تأثير في العلاقات الدولية السائدة، وبذلك فهي عديمة الجدوى، وهكذا نجد مثلا أن وفد البوليساريو التقى مع راموس هورتا رئيس جمهورية تيمور الشرقية ومع الرئيس النامبيبي السيد هيفيكيبونييه بوهامبا المعروف بمساندته لأطروحة الانفصال وجدد التأكيد على ذلك في الخطاب الرسمي الذي ألقاه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي لم يكن في حاجة إلى تعبئة ما دام موقف هذا القطر الإفريقي مرتبطا أشد الارتباط بموقف جنوب إفريقيا بحكم تحكم هذه الأخيرة في مصالح المنطقة، وهو ما ينطبق على دول مثل أنغولا التي التقى وفد الجبهة وزير خارجيتها السيد ميراندا، ووجد الوفد الإنفصالي في بعض دول أمريكا اللاتينية المحدودة التأثير بل المنعدمة التأثير أحيانا، ضالته في ملء أوقات فراغه كما هو الشأن مثلا بالنسبة لباناما التي التقى وفد البوليساريو رئيسها الدكتور توريخوس ونيكاراغوا التي اجتمع وزير خارجيتها السيد صامويل سانتو مع وفد الجبهة المذكورة، وكان مثيرا للضحك أن يضمن الوفد المذكور برنامجه استقبالات حظي بها من طرف وزير الخارجية الجزائري السيد مراد مدلسي ووزيرة خارجية جنوب إفريقيا السيدة دلاميني زوما التي قد تكون تلقت تهاني نظيرها في البوليساريو على الاحتفاظ بها في منصبها بعد التغيير الحكومي الأخير في هذا القطر، والسيدة زوما بالمناسبة مقربة جدا من الأوساط الجزائرية العسكرية، وهي كانت تتحرك إبان مناهضة نظام الأبارتيد في جنوب إفريقيا بجواز سفر جزائري. وفيما يتعلق بممثلي المنظمات الدولية لم يحظ كومندو البوليساريو باهتمام أية منظمة باستثناء رئيس الاتحاد الإفريقي السيد جاكايا كيكويتي الذي يشغل رئيس تنزانيا في نفس الوقت، وحكاية البوليساريو مع هذا الاتحاد ومع الأفارقة معروفة على كل حال. ولم يلق وفد الانفصاليين أي اهتمام من ممثلي الدول المؤثرة أو المنظمات الدولية ذات الوزن الكبير، وصادف أن أدلت كاتبة الدولة في الخارجية الأمريكية كونداليسا رايس بتصريح لقناة «الحرة» أكدت فيه وجود مقترحات مهمة من شأنها أن تفضي إلى شكل من أشكال الحكم الذاتي في الصحراء، وهو التصريح الذي يزيد خيبة الظن تجذرا لدى قيادة الجبهة الانفصالية خصوصا وأن حبر تصريح أحد قادتها لم يجف حين قال إن كونداليسا رايس أطلقت رصاصة الرحمة على مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لأنه استنتج ذلك من عدم إشارة المسؤولة الأمريكية إلى هذا المقترح طيلة جولتها الأخيرة في منطقة المغرب العربي.