خلال الأسبوع الثاني من شهر يونيو 2010 نقلت وكالات الإعلام الدولية المختلفة مجموعة من الأخبار ترتبط بالحرب الأمريكية في أفغانستان التي انتقل ثقل الجهد الأمريكي اليها بعد أن تصور ساسة البيت الأبيض أنهم أبعدوا شبح الهزيمة والانكسار على البوابة الشرقية للأمة العربية. هذه الأخبار تعكس تطورات مفصلية في عملية صراع عالمي هي جزء من تطور تاريخي يظهر أن الوقت قد حان من أجل أن تفرض من خلاله قوى محلية أراد البعض شطب دورها التاريخي، تحولا جديدا في توازن القوى العالمي. يوم الأحد 13 يونيو أشارت دراسة نشرها مركز «لندن سكول اوف ايكونوميكس» إلى أن اجهزة الاستخبارات الباكستانية تقدم على ما يبدو أموالا وتدريبا وحماية لعناصر طالبان في أفغانستان. وتؤكد الدراسة التي نشرتها كلية الاقتصاد بلندن وهي مؤسسة بريطانية بارزة، وبناء على مقابلات اجريت مع تسعة من قادة طالبان في أفغانستان في بداية العام، أن لديها العناصر الأكثر إقناعا حتى اليوم بوجود تعاون وثيق بين أجهزة الإستخبارت الباكستانية والثوار. وكتب معد التقرير مات ولدمان وهو باحث في جامعة هارفرد «حتى ولو استفاد (عناصر طالبان) من دعم داخلي قوي، بحسب قادتهم، فإن أجهزة الاستخبارات الباكستانية تنظم وتدعم وتؤثر بشكل كبير على الحركة». وأضاف أن المسئولين في طالبان «يقولون أن (أجهزة الاستخبارات الباكستانية) تقدم حماية لعناصر طالبان، كما تدرب مجموعة «شبكات حقاني» التي تتحالف مع طالبان تارة، وتحاربها تارة أخرى. كما تقدم دعما كبيرا في مجال التدريب والذخيرة والغذاء وضرورات اخرى». ويعتقد مات وولدمان أن الدراسات السابقة استهانت إلى حد كبير بالنفوذ الذي تمارسه وكالة الاستخبارات الباكستانية على حركة طالبان. ويضيف قائلا إن اللقاءات التي أجراها عند إعداد التقرير، توحي بأن الدعم الباكستاني يعكس السياسة الرسمية لوكالة الاستخبارات. وأضاف «إن وكالة الاستخبارات الباكستانية -باعتبارها الجهة التي توفر للتمرد الملاذ والدعم المالي والعسكري واللوجستي الكبير- تتمتع على ما يبدو بنفوذ إستراتيجي قوي وذي علاقة بالعمليات الحربية، تعززه القوة الجبرية. وقال مات فالدمان «ما يبدو من ازدواجية لسياسة الحكومة الباكستانية وادراك الجماهير والمؤسسات السياسية الدولية لهذا يمكن أن يكون له تداعيات هائلة بالمنطقة». وأضاف فالدمان في التقرير «ما لم يحدث تغير في سلوك باكستان فسيكون من الصعب ان لم يكن من المستحيل على القوات الدولية والحكومة الافغانية احراز تقدم ضد التمرد». وحسب التقرير اعلن بعض عناصر طالبان الذين اجريت معهم مقابلات ان عناصر في اجهزة الاستخبارات الباكستانية حضروا بصفة مشاركين أو مراقبين، لقاءات مع المجلس الأعلى لطالبان «شورى كويتا». وذكر هؤلاء أن الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري أكد شخصيا لسجناء من مسئولي طالبان سقطوا في قبضة قواته في نطاق تعاون أمني مع الولايات المتحدة أنهم «من جماعته» ويمكنهم الاعتماد على دعمه. وقد يكون سمح على ما يبدو بالافراج عن هؤلاء المسئولين في وقت لاحق، وفقا للدراسة. ويشير معد الدراسة الى «ان الالتزام الظاهر لباكستان في لعبة مزدوجة على هذا المستوى قد يكون له تبعات جيوسياسية كبيرة، حتى انه قد يستدعي اتخاذ إجراءات مضادة من جانب الولايات المتحدة». لكن «الطريقة الوحيدة للتاكد من وجود مثل هذا التعاون هو الأخذ في الاعتبار الأسباب الأساسية لانعدام الأمن في باكستان وخصوصا نزاعها الخفي والمتواصل مع الهند»، ذلك ان كل تقدم ضد المتمردين في أفغانستان يتطلب دعم الجيش الباكستاني وأجهزة الاستخبارات الباكستانية، كما قال. وأفاد التقرير أن «هذه الروايات أيدها وزراء سابقون من طالبان ومحلل غربي ومسئول بارز بالأممالمتحدة مقيم في كابول وكلهم قالوا أن طالبان تعتمد بشدة على التمويل من وكالة المخابرات العسكرية الباكستانية وجماعات في دول خليجية عربية». وينقل التقرير عن أحد قادة حركة طالبان في جنوبيأفغانستان قوله: «إذا اعتقد أحد ما بأن المخابرات الباكستانية لا تدعم طالبان فسيكون بالتأكيد يعاني من مشكلة عقلية.. كل الخطط والاستراتيجيات العسكرية التي نطبقها تأتي من باكستان ونحن ننفذها خطوة بخطوة». وجاء التقرير في ختام واحد من أدمى الأسابيع للقوات الأجنبية في أفغانستان، حيث قتل أكثر من 21 من أفرادها الأسبوع الأول من شهر يونيو. وقتل أكثر من 1800 جندي أجنبي، بينهم نحو 1100 أمريكي في أفغانستان، منذ أسقطت القوات الأمريكية حركة طالبان في أواخر عام 2001. وذكر التقرير أن الحرب كلفت الولايات المتحدة بالفعل نحو 300 مليار دولار، وتكلفها الآن أكثر من 70 مليار دولار في العام، مستشهدا بأرقام وردت في بحث للكونغرس الأمريكي عام 2009. الرابط الباكستاني في نفس التوقيت تقريبا أفادت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أن باكستان تقدم الدعم لحركة طالبان في أفغانستان، وأن هذا الدعم يصادق عليه رسميا من أعلى السلطات بحكومة إسلام آباد. وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير لمراسلها من كابل، أن هناك أخبارا بأن وكالة الاستخبارات الباكستانية لها ممثلون في مجلس شورى كويتا. ونسبت «صنداي تايمز» إلى رئيس الاستخبارات الباكستانية السابق أمر الله صالح، الذي استقال من منصبه في بداية شهر يونيو 2010، قوله إن الاستخبارات الباكستانية هي «بدون شك جزء من مشهد الدمار في هذا البلد (باكستان) ومن ثم فسيكون من قبيل هدر الوقت تقديم أدلة على ضلوعها طالما أنها طرف فيه». وفي مقابلة حصرية مع رويترز في منزله بعد يوم من استقالته قال صالح «إن المخابرات العسكرية الباكستانية ضالعة في الأمر. الجيش الباكستاني الذي تتبعه وكالة المخابرات العسكرية يعلم أين يوجد زعماء طالبان.. في منازلهم الآمنة». وأرجعت الصحيفة السبب في إطالة أمد الصراع «الذي كلف الغرب مليارات الدولارات ومئات الأرواح» إلى الدعم الذي تقدمه باكستان لطالبان. ويقول محللون ألمان أن باكستان أجبرت مكرهة في سنة 2001 على التعاون مع واشنطن في الحرب ضد أفغانستان بعد أن وصل الأمر بالرئيس الأمريكي بوش إلى تهديد الرئيس الباكستاني مشرف بضرب باكستان وتدمير قدراتها النووية والسماح للهند بغزوها. ويضيف هؤلاء أن مصالح باكستان القومية ترتكز وهي محاصرة من الشرق والجنوب بخصمها الهند ومن الغرب بإيران التي تتأرجح علاقاتها مع واشنطن بين تحالف لتحقيق مصالح، وتنافس على تقسيم الغنائم، على ضمان عمق استراتيجي لها في أفغانستان وعبرها إلى جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق التي يدين غالبية سكانها بالإسلام. ويستطرد هؤلاء أن باكستان في دعمها لطالبان تلتقي إلى حد ما مع أهداف كل من موسكووبكين، فروسيا والصين لا يريدان نصرا لأمريكا في منطقة إستراتيجية وسط آسيا وعلى مشارف حدودهما، والكرملين يريد رد الصاع لواشنطن على مساهمتها في هزيمة قواته في أفغانستان خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي. بكين التي تخوض صراعات على عدة أصعدة مع الولايات المتحدة لا تقبل بأفغانستان موالية لواشنطن ترجح كفة هؤلاء الساسة في الهند الذين يرغبون في عقد تحالف مع الولايات المتحدة ضد تمدد النفوذ الصيني في جنوب آسيا، ويستكملون بذلك طوق الحصار الذي ينطلق من اليابان عبر كوريا الجنوبية حتى بنغلاديش والهند. موسكو والصين لا يريدان نصرا أمريكيا في أفغانستان بل يريدان لها حرب استنزاف مكلفة وانشغالا يحرمها من القدرة على التحرك والتدخل بفعالية في مناطق أخرى من العالم، وفي نفس الوقت لا يرغبان في تحقيق طالبان نصرا حاسما. ولكن بما أن الحرب الأفغانية ضد الولايات المتحدة والمستمرة منذ ثمان سنوات قد أظهرت انه ليس هناك بديل يعتد به في الحرب فإن موسكووبكين تأملان في انتصار طالبان مختلفة وقيادات بفكر واقعي لا تخضع أو تتحالف مع الغرب ولا تكون خصما لهما. أسطورة في اسلام اباد نفت المتحدثة باسم الرئاسة الباكستانية فرح اسبهاني المزاعم التي وردت في التقرير ووصفتها بأنها «زائفة تماما». وقالت اسبهاني « يبدو ان هناك جهدا مركزا للإضرار بالحوار الاستراتيجي الباكستاني الأمريكي الجديد». كما أوضح المتحدث باسم القوات المسلحة الباكستانية الجنرال أثير عباس، أن التقرير البريطاني ليس أكثر من أسطورة لا تسند على أي أساس من الصحة، وأضاف، إن التقرير يأتي في إطار الدعاية الغربية التي تهدف إلى تشويه صورة أجهزة الأمن الباكستانية. وقال الجنرال الباكستاني، لمحطة سي إن إن الأمريكية، إن إسلام أباد تتحدى معد التقرير، تقديم أدلته إليها كي تتمكن من الرد عليها بشكل رسمي، مضيفا أن الحكومة لن تعطي التقرير الكثير من الأهمية. وأضاف عباس: «إذا نظرنا إلى التقرير فسنجد أنه لم يعتمد على مصادر ذات مصداقية، وفي أفضل الأحوال لا يمكن وصفه بأكثر من أنه عبارة عن تكهنات تعتمد على مصادر غير معلنة، وهذا النوع من التقارير يجب أن يتلقى الرد الذي يستحقه، لذلك فإن الحكومة لن ترد عليه بشكل رسمي». وتابع عباس قائلا: «لكننا نشدد على أننا نرفض هذه الإدعاءات والاتهامات، وإن كان هناك من أدلة رسمية يمكن تقديمها عندها سنرد بشكل دقيق». ورأى عباس أن رفض ويلدمان تسمية مصادره تجعل تقريره «مجرد هراء» قائلا: هل كشف الكاتب أسماء أي من القادة الذين قال إنه قابلهم؟. إذا فهذا التقرير ليس سوى واحد من تلك الأبحاث التي تبرز بين الفينة والأخرى ولا حاجة للرد عليها. يذكر أنه في مارس 2009 قال الأميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة والجنرال ديفيد بتريوس رئيس القيادة المركزية الأمريكية ان لديهما مؤشرات على أن عناصر في المخابرات العسكرية الباكستانية تدعم طالبان والقاعدة وقالا ان على جهاز المخابرات وقف هذه الأنشطة. غير أن مسئولين غربيين بارزين أحجموا عن التحدث في هذا الموضوع علنا خوفا من الإضرار بالتعاون المحتمل من باكستان التي تملك قدرة تسلح نووية ودعمتها واشنطن بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية والاقتصادية. ثمن الفشل يوم الأحد 13 يونيو 2010 أفادت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» أن الحكومة البريطانية قررت إقالة رئيس هيئة أركان القوات المسلحة البريطانية مارشال الجو السير جوك ستيروب من منصبه في إطار مراجعة الإستراتيجية البريطانية في أفغانستان. كما تقرر إقصاء السير بيل جفري أعلى موظف مدني في وزارة الدفاع البريطانية من منصبه أيضا. ونقلت الوكالة عن وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس قوله بهذا الصدد، «ان السير جوك سيغادر منصبه رئيسا للاركان خلال الاشهر الثلاثة او الأربعة المقبلة». ويرى منتقدو المارشال أنه يعتبر جزءا من فشل الحكومة العمالية السابقة وفشل الدور البريطاني في أفغانستان. وكان رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون قد خصص في العاشر من شهر يونيو 2010، اثناء زيارته المفاجئة إلى أفغانستان، الأولى له منذ توليه منصبه، مبلغ 98 مليون دولار كدعم للقوات المسلحة الافغانية وللتصدي للعبوات الناسفة التي تزرعها حركة طالبان على الطرق التي تسلكها القوات الغربية والأفغانية. وأكد بأن أفغانستان ستبقى ضمن الأولويات الرئيسية في السياسة الخارجية البريطانية. وتعتبر القوات البريطانية ثاني أكبر قوة في أفغانستان بعد الولايات المتحدة، حيث ينتشر نحو 10 الاف جندي بريطاني في جنوبأفغانستان خصوصا في ولاية هلمند التي تعتبر حسب المخابرات الغربية أهم معاقل طالبان. يوم الجمعة 11 يونيو اقر حلف شمال الاطلسي ببطء تقدمه في أفغانستان أمام عناصر طالبان، في حين دعا وزير الدفاع الامريكي روبرت غيتس الى التحلي بالصبر قبل الحكم على الإستراتيجية الجديدة لمكافحة حركة التمرد. واعتبر وزراء دفاع الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي في بيان عقب اجتماع دام يومين في بروكسل، ان «العمليات التي ننفذها في أفغانستان تسجل تقدما محدودا سواء في ما يتعلق بتوسيع نطاق نفوذ الحكومة الأفغانية او تحسين الوضع السياسي أو إضعاف حركة التمرد». وتابع البيان ان ذلك ينطبق «أيضا على الجهود الخاصة التي تبذل في وسط ولاية هلمند وفي قندهار» حيث تشن القوة الدولية بقيادة الحلف الأطلسي «ايساف» عمليات عسكرية. وبالتالي، فان دول الحلف الأطلسي تقر بان «تحديات كبيرة ما تزال قائمة وان النجاح ليس مضمونا» حتى ولو قالت ان «النتائج الأخيرة مشجعة» رغم هجمات طالبان. ودعا وزير الدفاع الأمريكي الى التحلي بالصبر، مذكرا بان الإستراتيجية الجديدة لمكافحة حركة التمرد لم يمض على تطبيقها سوى بضعة أشهر تحت مسئولية قائد قوة ايساف الجنرال الأمريكي ستانلي ماكريستال الذي تولى منصبه خلال صيف 2009. وكرر الوزير أنه «حتى العام الماضي كانت المبادرة في ايدي عناصر طالبان». تقلص الآمال يوم الثلاثاء 15 يونيو 2010 وفي الوقت الذي كثر فيه الحديث مرة أخرى داخل الولايات المتحدة عن تقلص الأمال في تمكن أوباما عبر استراتيجيته الجديدة في أفغانستان من تحقيق نصر، أغمي على الجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الامريكية في العراق وافغانستان لفترة وجيزة اثناء جلسة استماع صاخبة متلفزة حول افغانستان في مجلس الشيوخ بواشنطن، لكنه نهض بسرعة وتمكن من الخروج دون مساعدة. وبعد نحو عشرين دقيقة عاد بترايوس الى القاعة، وقال مازحا ان وعكته لا علاقة لها بالاسئلة التي طرحها السناتور ماكين وان الحادث سببه الاجتفاف، مؤكدا استعداده لاستئناف جلسة المساءلة، لكنه تم انهاء الجلسة وتأجيلها الى يوم الاربعاء. وفي محاولة لمنع تأويلات متشعبة عن حالة الإحباط وسط القيادات العسكرية الغربية في الحرب الأفغانية، قال السناتور كارل ليفن الذي يترأس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ بعد دقائق من اصابة الجنرال بترايوس بالتوعك الصحي الذي أثار الذهول بين الحضور، «يبدو أنه تعافى تماما». واضاف ان بترايوس «57 عاما» كان يتناول الطعام «وربما لم يشرب كمية كافية من الماء قبل ان يحضر للجلسة». وكان جون مكين قد أعلن في وقت سابق ان المجهود الحربي للرئيس الامريكي باراك اوباما في افغانستان يسير فيما يبدو نحو الاتجاه الخاطيء وربما نحو أزمة. وتساءل عدد من أعضاء مجلس الشيوخ عن فرص نجاح تكتيكات الجيش الأمريكي إزاء تزايد الإصابات بين الجنود الأمريكيين وإزاء القتال الذي لا يزال مستمرا في مرجة بولاية هلمند، حيث تشن قوات حركة طالبان هجماتها المعاكسة على المنطقة التي أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى عدم تمكن القوات الأجنبية من إخضاعها رغم أن البنتاغون حشد لها أكبر قوة منذ التدخل في أفغانستان، وحاول تصويرها كإنجاز كبير رغم ان المنطقة التي تدور فيها المعارك صغيرة جدا وتضم عددا من القرى الصغيرة. وفي تبرير لتأخر حدوث تقدم ذكر غيتس أنه لا يزال ينتظر وصول عشرة آلاف جندي أمريكي من أصل ثلاثين ألفا من المقرر إرسالهم إلى أفغانستان، متذرعا بأنه لم تمض سوى شهور قليلة على إعلان أوباما عن إستراتيجيته الجديدة للخروج من الأرض الأفغانية، وإختياره لقيادات قادرة على تحقيق النصر، في إشارة إلى الجنرال بتراوس وغيره. ويعتبر الجنرال بترايوس بطلا في واشنطن خصوصا لدوره في التخطيط لزيادة عديد القوات في العراق عام 2007 والذي قال مسئولون امريكيون انه غير مسار الحرب لمصلحة القوات الامريكية. واعترف غيتس بأن «القتال سيستمر لفترة طويلة وسيكون شرسا» وأن الخسائر البشرية الأمريكية سترتفع خلال الصيف. لكنه أكد للمشرعين المتشككين أن استراتيجية الحرب الامريكية وضعت الحرب الافغانية على طريق النصر. وقالت ميشيل فلورنوي وكيلة وزارة الدفاع الامريكية للشؤون السياسية «الحرب ستكون شرسة، ستكون هناك أوقات نتراجع فيها خطوة للوراء ثم نتخذ خطوتين للأمام». تخبط يوم 16 يونيو 2010 جاء في قصاصة لوكالة «يو بي اي» الدولية للأنباء: قال مسؤولون امريكيون أن الموعد الذي حدده الرئيس أوباما لبدء سحب قواته من أفغانستان في يوليو 2011 سيعتمد على ظروف كابل والتقدم في الحرب، لافتين إلى أنه لم يقرر بعد مدى سرعة سحب هذه القوات، وهو ما قد يتسبب في خلق توتر داخل الإدارة الامريكية حول مدى صلاحية خطة أوباما. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الامريكية أن المشاكل في القضاء على حركة «طالبان» في وسياسة الرئيس الأفغاني المراوغة أحدثت نقاشات مقلقة في الإدارة الامريكية بشأن إن كان الجدول الزمني الذي حدده أوباما للبدء بسحب القوات من أفغانستان مجديا. ولفتت إلى أنه حتى قبل هذه العوائق، كانت الجهات العسكرية الامريكية تشكك بشكل كبير بشأن موعد بدء الانسحاب، لكن أوباما أصر عليه كطريقة لإرضاء الرأي العام الأمريكي الذي مل ويتطلع لإنهاء الحرب الأفغانية التي دخلت عامها التاسع. وأشارت إلى أنه حتى الآن، قرر البيت الأبيض الانتظار إلى حين المراجعة التي حددت في ديسمبر 2010، لتقييم إن كان الموعد المحدد للبدء بالانسحاب من أفغانستان ما يزال يعمل. وذكرت أن قائد القوات الامريكية والتابعة للحلف الأطلسي في افغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال، قال إن العمليات في قندهار، معقل حركة طالبان «ستجري بأقل سرعة ما كان مخطط لها». ونقلت الصحيفة عن مسئول عسكري رفيع بدا أكثر تشاؤما، قوله «إن ظن أي أحد أن (مسألة) قندهار ستحل هذه السنة.. فهو بالطبع يكذب على نفسه». ولكن مسؤولا رفيع المستوى في الإدارة الامريكية قال إن «هناك أشخاص يريدون دائما إعادة النظر في الاستراتيجية». الثروة الطائلة في الوقت الذي كانت الأخبار الواردة من الولايات المتحدة مع بداية صيف 2010 تعكس حجم التخبط والشعور بالاحباط، كشفت صحيفة نيويورك تايمز يوم الاثنين 14 يونيو ان علماء جيولوجيا امريكيين اكتشفوا في أفغانستان كميات هائلة من المعادن بينها النحاس والليثيوم تقدر قيمتها ب 2000 مليار دولار. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الادارة الأمريكية أن هذه الثروات التي تضم ايضا كميات من الحديد والذهب والنيوبيوم والكوبالت كافية لتجعل من هذا البلد الذي دمرته الحروب أحد اوائل المصدرين العالميين للمعادن. وأضافت أن احتياطات الليثيوم وحدها تعادل تلك الموجودة في بوليفيا التي تملك أكبر احتياطي من هذا المعدن في العالم. والليثيوم معدن لا غنى عنه للبطاريات التي يمكن إعادة شحنها، ويستخدم في الهواتف النقالة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والسيارات الكهربائية. ونقلت الصحيفة عن مذكرة داخلية لوزارة الدفاع الأمريكية أن افغانستان يمكن أن تصبح في هذا المجال مثل السعودية في قطاع النفط. من جانبه قال قائد القيادة الامريكية الوسطى الجنرال الجنرال ديفيد بترايوس للصحيفة ان «هناك امكانيات مذهلة (...) لكن بالتأكيد هناك شروط كثيرة» ايضا. وفي محاولة للتمويه على ما يرد من اتهامات من معارضي سياسة الحروب الأمريكية عن أن أحد أهم أهداف غزو كل من العراق وأفغانستان هو سيطرة الولايات المتحدة على ثروات البلدين الهائلة، ذكر في واشنطن أن فريقا صغيرا من علماء الجيولوجيا ومسؤولي وزارة الدفاع هم من اكتشفوا هذه الاحتياطات بالاعتماد على خرائط ومعطيات جمعها خبراء سوفيات في قطاع المناجم خلال احتلال الاتحاد السوفياتي لهذا البلد في الثمانينات. ولإكمال الصورة وفي مسرحية لا يمكن أن تنطلي حتى على الأطفال، ذكرت واشنطن انها لم تعرف بهذا الأمر إلا مؤخرا حيث اخفى علماء جيولوجيا أفغان هذه الوثائق في منازلهم بعد انسحاب قوات الاتحاد السوفياتي قبل ان يكشفوها مجددا بعد سقوط نظام طالبان. فتح شهية بعد ساعات من نشر خبر الثروة الأفغانية الطائلة، ذكرت العديد من وسائل الاعلام الغربية أن قرار وزارة البنتاغون بكشف النقاب إعلاميا عن وجود ثروات معدنية هائلة في الأراضي الأفغانية، أثار موجة متصاعدة من الإرتياب في النوايا الحقيقية من وراء توقيت الإعلان عن هذا “الاكتشاف” الذي يأتي وسط تقارير متواصلة عن تعثر الإستراتيجية العسكرية الأمريكية في أفغانستان وضرورة تحديد موعد نهائي للانسحاب. وحملت التساؤلات المطروحة في هذا الصدد عدد من المحليين السياسيين في واشنطن الى الاعتقاد بأن توقيت هذا الإعلان يرمي إلى عكس توجه الرأي العام الأمريكي المائل أكثر فأكثر للاقتناع بعدم جدوى الحرب على أفغانستان. وكتب مارك آمبيندر، المحرر السياسي بمجلة «المحيط الأطلسي» على موقعه الالكتروني، أنه ربما تكون أفضل وسيلة لتذكير الناس بمستقبل البلاد المشرق هي نشر وإعادة نشر أخبار عن مثل هذه ثروات التي تبرر الخسائر. وأضاف أن «طريقة عرض الخبر، باقتباسات مباشرة لأقوال من قائد عام القيادة المركزية الأمريكية إنما تأتي في هذا السياق. كذلك الأمر بالنسبة لتعزيز صورة نائب مساعد وكيل وزير الدفاع بول برينكلي، ما يوحي بوجود عملية إعلامية مدروسة وواسعة للتأثير على الرأي العام بشأن مسار الحرب» في أفغانستان. ويذكر أن المقال جاء على رأس مجموعة المقالات والأخبار التي يوزعها البنتاغون كل يوم في الصباح الباكر حول ما يقدم على أنه كبرى قضايا الأمن القومي الأمريكي. وأفاد عدد من المعلقين الأمريكيين أن الأخبار الرائجة عن عن ثروات أفغانستان الدفينة ليست بجديدة. فعلى سبيل المثال، ذكر بيلك هاونشيل، مدير تحرير مجلة «السياسة الخارجية»، بأن الهيئة الجيولوجية الامريكية نشرت بالفعل حصرا شاملا للموارد المعدنية غير النفطية في أفغانستان على شبكة الانترنت في عام 2007، شأنها في ذلك شأن «المسح الجيولوجي البريطاني». كما أفاد بأن هذه المعلومات إستندت الى حد كبير للإستكشافات والمسوحات التي أجراها الاتحاد السوفياتي أثناء إحتلاله لأفغانستان في الثمانيات. تجارة المخدرات تفيد مراكز رصد وخاصة أوروبية أن الحديث عن ثروات أفغانستان المعدنية ليس سوى جزء من قصة أكبر وهي تلك التي تتعلق بتجارة المخدرات التي توفر للمتعاملين فيها عشرات مليارات الدولارات سنويا والتي تستخدم حسب عدد من الملاحظين كسلاح صامت. في نهاية سنة 2009، وخلال شهر فبراير 2010 اتهمت روسيا الولايات المتحدة مرتين وخلال أسبوع واحد بالتواطؤ مع منتجي المخدرات الأفغان لرفضها إتلاف محصول الأفيون عبر رش حقوله بالمبيدات جوا وتدميره في مناطق تقدم القوات الغربية. وكانت قوات مشاة البحرية الامريكية قد توغلت منذ فبراير 2010 في اقليم هلمند أحد المناطق الرئيسية لزراعة الأفيون في أفغانستان لكنها أبلغت سكان القرى بأنها لن تتلف محصول الأفيون الذي يزهر خلال هذا الشهر. وجاء في بيان لوزارة الخارجية في موسكو وزعته السفارة الروسية في كابل «نعتقد أن مثل هذه التصريحات تناقض القرارات التي اتخذت داخل الأممالمتحدة ومنتديات دولية أخرى بخصوص مشاكل المخدرات الأفغانية». وأضاف البيان «القلق المؤثر على الزراع الأفغان يعني في واقع الأمر التواطوء مع منتجي المخدرات إن لم يكن على نحو مباشر فبالقطع بشكل غير مباشر». وطالب فيتالي شوركين سفير روسيا لدى الأممالمتحدة في مجلس الأمن حسب «رويترز» بأن يقوم القادة العسكريون الأمريكيون والتابعون لحلف شمال الأطلسي بإتلاف محصول الأفيون. واجتمع فيكتور ايفا نوف رئيس جهاز مكافحة المخدرات في روسيا مع سفراء حلف الأطلسي في بروكسل واقترح إعطاء قوات حلف الأطلسي تفويضا من الأممالمتحدة لإبادة حقول الخشخاش الأفغانية التي ينتج منها الأفيون وتتسبب في مقتل 30 ألف روسي كل عام أي ضعف ما خسرته القوات السوفيتية في حربها ضد الأفغان. ورفض حلف الأطلسي الانتقاد الروسي وقال ان أفضل وسيلة تستطيع بها موسكو المعاونة هي المساعدة في قتال المتمردين. من جابها اتهمت صحيفة نيويورك تايمز الجيش الأمريكي بتجاهل القضاء على زراعة الخشخاش، وقالت إن الجهود الأمريكية الرامية إلى الفوز على الأفغان فى معركتهم الضارية ضد طالبان فى مارجة، التي كانت تعتبر أكبر عملية عسكرية ضد طالبان منذ بداية الحرب، وضعت القادة الأمريكيين وزعماء الناتو في موقف غير معتاد حيث يرفضون الآن القضاء على زراعة الأفيون ومعامل الخشخاش، الأمر الذي يثير من قلق الذين يرغبون في تدمير هذه الزراعة. وأضافت الصحيفة أن قوات مشاة البحرية، لديها أوامر بعدم الاقتراب من حقول المخدرات، رغم أن القادة يدركون جيدا عواقب ذلك، فصور جنود الناتو وهم يتجولون بجانب حقول الخشخاش لن تلقى استحسان العالم. 65 مليار دولار ذكر مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة في مارس 2010 ان الكميات الهائلة من الافيون الذي يتم انتاجه في أفغانستان تسبب عددا من الوفيات بين مواطني الدول الغربية أكبر مما تسببه الحرب. وأكد تقرير نشر في فيينا أن أفغانستان التي تنتج 92 في المائة من الأفيون الذي يتم إنتاجه في العالم، تغذي سوقا قيمتها 65 مليار دولار تمول أطرافا عديدة ومن ضمنها مجموعات إجرامية دولية، خصوصا في آسيا الوسطى وروسيا والبلقان. وذكر بأن هذا النوع من المخدرات التي يتعاطاها 15 مليون مدمن، يؤدي إلى وفاة مائة ألف شخص سنويا ويعزز انتشار فيروس الايدز. وقال المدير العام لهذه الوكالة التابعة للامم المتحدة انطونيو ماريا كوستا ان «مصادرة الأفيون الأفغاني في مكان إنتاجه أكثر فاعلية وأرخص من محاولة القيام بذلك في المكان الذي يستهلك فيه»، داعيا الأسرة الدولية إلى تعزيز وسائلها هناك. وأوضح أن الأمر «لا يتعلق بتقاسم المسؤوليات بل بمصلحة واضحة» في ذلك. خلال نهاية شهر مايو 2010 صرح رئيس الهيئة الفدرالية الروسية للرقابة على تداول المخدرات فيكتور إيفانوف في مؤتمر صحفي نظمه له مكتب وكالة «نوفوستي» في بكين بأنه لدى روسيا والصين وجهات نظر واحدة بخصوص خطر المخدرات الأفغانية. وأضاف إيفانوف: «تلاحظ روسيا كما تلاحظ الصين فعالية منخفضة جدا في تدابير مكافحة المخدرات التي تتخذها القوات الدولية في أفغانستان». وأضاف أن «المعلومات التي قدمتها روسيا والصين إلى الجانب الأمريكي حول 175 مختبرا لتصنيع المخدرات في أفغانستان لم تستخدم وما زالت تصدر المخدرات إلى بلدينا، ولم يتم تدمير أي من هذه المختبرات». في حديث أجرته صحيفة الشرق الأوسط ونشر يوم 5 يونيو 2010 مع قاري محمد يوسف أحمدي المتحدث الرسمي باسم طالبان وتناقلته وكالات أنباء دولية، اتهم يوسف أحمدي الأجهزة الأمريكية بالتورط في تجارة المخدرات عالميا. وذكر أنه وحسب تقارير الأممالمتحدة فإن حكومة طالبان منعت زراعة الأفيون في البلاد خلال فترة حكمها، فكان الناتج في عام 2001، أي عام الحرب، هو 185 طنا، معظمها من إنتاج مناطق كان يسيطر عليها تحالف الشمال المدعوم من الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى. وكان إنتاج أفغانستان قبل ذلك في حدود 3600 طن. أما الآن، وبعد الاحتلال الأمريكي ونشر مائة وخمسين ألف جندي من قواتهم، حولوا أفغانستان إلى أكبر مزرعة أفيون في العالم بإنتاج تخطى الآن تسعة آلاف طن. وأضاف أن تلك الكمية تدر دخلا مقداره 64 مليار دولار سنويا. بينما دخل المزارعين لا يتخطى بحال 4 مليارات على أحسن الافتراضات. وباقي المبلغ يصب في خزائن الاخرين، وتحديدا حسابات مافيا المخدرات. وكرر مسئول طالبان سؤال موسكو وقال «لا ندري حتى الآن ما الذي يمنع القوات الأمريكية من إبادة محصول الخشخاش عن طريق رشه من الجو بمواد كيماوية خاصة، وكانوا قد هددوا بفعل ذلك قبل نشوب الحرب عام 2001 ؟. في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وبعد استعمار الهند، عجزت بريطانيا عن فرض إرادتها ومصالحها الاستعمارية على الإمبراطورية الصينية الكبيرة، فقررت اللجوء إلى «حرب استثنائية» على الصين هي ما يسمى «حرب الأفيون».