منذ السادس من مارس الجاري، والمداد يسيل على عدد من الصحف والمواقع الالكترونية حول برنامج تم بثه في نفس اليوم على قناة كنال بلوس الفرنسية، إذ انفجرت التعاليق والملاحظات بسبب بولميك انطلق فكريا وتحول الى جدل سياسي ثم عرقي ثم ديني. استضاف معد البرنامج »إيريك زمور« كضيف بمناسبة إصدار كتاب له تحت عنوان »سوداوية فرنسية« «Melancolie française للتحاور حول الهجرة والاندماج. وقبل استعراض بعض مما جاء في البرنامج، لابد من الإشارة إلى أن »إيريك زمور« وجه إعلامي يتعرض للعديد من الانتقاد بسبب ما يروج له من أفكار متعصبة وشاذة (دائما حسب المعلقين والملاحظين) تقوض ما تدعو له العديد من الأصوات حول التساكن والتعايش. وعودة الى مضمون البرنامج، اعتبر »زمور« انطلاقا من مؤلفه أن إخفاق المهاجرين في الاندماج يضع فرنسا في خطر، وعاب عليهم رغبتهم في التشبث بتقاليد بلدانهم الأصلية التي لاعلاقة لها بفرنسا، وخلال مواجهته الكلامية مع ضيفة البرنامج رقية ديالو رئيسة جمعية لمناهضة العنصرية، عبر عن أسفه مما تعرفه فرنسا حاليا وتشهده من تحول، وخاصة تنامي الإقبال على المنتجات الإسلامية (حلال) وشيوع تداول الأسماء العربية، قائلا إن فرنسا نشأت قبل 2000 سنة على الكنيسة والأسماء المسيحية وقبل 30 سنة كان رئيس المقاطعة يمنع على الآباء إطلاق أسماء غير مسيحية على أبنائهم، قبل أن يضع موضع اتهام الهجرة العربية والإفريقية الى الديار الفرنسية . إن ثمة استفهامات تطرح حول الهجرة وتموقع المهاجرين في المجتمعات الأروبية، وخاصة المجتمع الفرنسي، حيث كشفت تقارير أخيرة تصاعد أعداد المرحلين منها واستهداف المهاجرين بنسبة كبيرة في حملات تفتيش أجهزة الأمن. وبذلك لن يعتبر صوت »إيريك زمور« معزولا بل هو امتداد لأصوات فصائل ليس في فرنسا فقط بل في النمسا وإيطاليا وهولندة وبلجيكا وسويسرا تنادي جهارا بوقف مد المهاجرين، وإنقاذ هذه المجتمعات من أعراق وأجناس تشكل تهديدا لاستمراريتها. وبالنظر الى عمق الأشياء نجد أن المحرك الرئيسي لهذا الخطاب الذي يأخذ له من الأغلفة ما يأخذ إنما هو ديني في مراميه، فالعديد من الهيئات لا تتوانى عن دق ناقوس الخطر والتنبيه إلى أن الديانة الإسلامية هي الأكثر انتشارا في العالم، ويظل المدخل لاحتواء هذا المد هو مكافحة الهجرة والمطالبة بالاندماج الى حد الاستلاب والانسلاخ من مقومات الهوية.