بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أسرتا الفقيدين العزيزين، أخي العربي حصار وأخي الطاهر زنيبر، أخواتي الحاضرين هنا في هذا التجمع التأبيني الذي نراجع فيه ذاكرتنا، ونراجع فيه سيرتنا ونراجع فيه أعمالنا، نراجع فيه واجبنا نحو وطننا ونحو عقيدتنا ونحو إخواننا. وهذا الاجتماع الذي نجتمع فيه اليوم لنأبن أخوين عزيزين ووطنيين صديقين، لنأبن أخانا الوطني الصادق الذي كان يمشي على الأرض هونا وإذا خاطبه الجاهلون قال سلاما، ونأبن فيه أخا آخر، قضى حياته منذ شبابه الأول وهو طالب بالقرويين كان يؤدي واجباته نحو هذا الوطن ونحو هذه البلاد وما بذل الأول وما بذل الثاني ما أقسما عليه عندما أقسما على المصحف الكريم، أننا نخلص لديننا ولوطننا ولملكنا الذي هو رمز لوحدتنا. أخي العربي حصار رحمه الله، عرفته منذ شبابه الأول وعرفته بعد ذلك وهو طالب في فرنسا مع زمرة من إخوانه في مونبليي وفي الجزائر، وأخي الطاهر زنيبر عرفته وهو طالب في القرويين وهو طالب كذلك في القاهرة، في هاته المراحل كان الشباب الوطني يتربى في أحضان الوطنية الصادقة وكان يتربى على العمل لصالح البلاد، يتربى على أن تكون الوطنية ليست الوطنية الدعائية وكلام وبهرجة ولكنها وطنية الصدق في العمل لله أولا وللوطن ثانيا وللشعب ثالثا. أخي العربي حصار عرفته أولا ولازال هنا تلميذا في مدرسة أبناء الأعيان وعرفته بعد ذلك عندما سافر إلى فرنسا وكان من جملة الطلبة الذين كان يرعاهم حزب الاستقلال، ويربيهم على أساس أن الوطن وخدمته ستظل شروطا كثيرة لتكون نابعة ولتكون كذلك مثالا يحتذي به الشباب الوطني. ولم يكن الشباب الوطني مطلقا على عواهنه، وكان دائما مراقبا ومحصنا تحصينا أساسيا، محصنا في أخلاقه ومحصنا في دينه محصنا كذلك في وطنيته. والعربي حصار كان مثالا لذلك وكان من الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما. والطاهر زنيبر عندما ذهب إلى فاس لاستكمال دراسته لم يكن طالبا في جامعة القرويين فحسب ولكنه كان أيضا مسؤولا في جماعة وطنية من الطلبة الأفذاذ، وكان في ظرف من الظروف يرعاها في فاس نفسها أخونا عبد الرحيم بوعبيد رحمة الله عليه. لم يكن الشباب الوطني في لحظة الانخراط في الجمعية الوطنية، يطلق له العنان ليسير كما يشاء ولكنه كان محصنا تحصينا أساسيا وكان يهتم بالقضية الوطنية سواء وهو لازال شابا صغيرا في المرحلة المدرسية ثم بعد ذلك عندما انتقل إلى الدراسة العليا، كان مع إخوانه الرائدين، سواء في الداخل أو في الخارج لا يعمل لنفسه ولا لدراسته فحسب ولكنه لابد أن يعمل لوطنه وأن يكون مجتهدا كل الاجتهاد لينشأ على خدمة وطنه وأداء واجبه الوطني وبالأخص في الظروف الأولى التي كان الاستعمار لايريد أن يربى أبناؤنا على التربية الوطنية الصادقة ليقوموا بواجبهم بحيث كان واجبهم الأول إذاك هو مقاومة المستعمر وتوجيه الشباب وتربيتهم على أن يكونوا صادقين في وطنيتهم مستعدين لأداء واجبهم الوطني. سواء عندما كانوا يدخلون السجون ويذوقون أنواع العذاب في سبيل هذا الوطن لأنه لا يمكن أن يربى أبناء هذا الوطن الا على أساس خدمته بكل الوسائل سواء في الميدان التربوي أو التعليمي أو في ميدان العمل السياسي والوطني. العربي حصار كان مع مجموعة من الشباب الوطني في باريس من جملتهم أخونا الدكتور المهدي بن عبود وغيرهم وكانت تلك الحلقة لا تشتغل في التعليم فحسب ولكنها تشتغل أيضا في الدفاع عن وطنها وتوضيح نوايا الاستعمار والدفاع عن القضايا الوطنية بجميع الوسائل، وكان الطاهر زنيبر في فاس ولازالت رسائله عندي وهو يقول إن الجماعة تجتمع بانتظام، وإني أذكر في هذه المناسبة أن أخي عبد الرحيم بوعبيد كان في مناسبة من المناسبات ذهب إلى فاس ليمارس وظيفة التعليم وكان يعلم الشباب ليس في المدرسة فحسب ولكن كان تعليمه أيضا في الاجتماع مع جميع الطلبة ليتربوا على الوطنية الصادقة. أقول كل هذا إخواني وأتساءل في هذه المناسبة هل لازالت عنايتنا الآن سائرة في الخط الوطني الذي يربي الأجيال على خدمة الوطن بالدرجة الأولى، وهل الشباب الوطني في هذا الظرف الذي نعيشه الآن وفي هذه الفترة الزمنية التي نحياها مازالت العناية به تحملهم لأن يكونوا رجال الغد، متجهين الى المصلحة الوطنية قبل كل شيء وإلى الرفع من مستوى الوطن. أيها الأخوة الحديث عن هذين الأخوين حديث يطول وفي هذه المناسبة أرى أننا في حاجة إلى مراجعة أنفسنا وإلى مراجعة التربية التي كنا نتربى ونربي عليها، ونحن في حاجة الى العناية بالشباب عناية كبيرة لخدمة البلاد والعقيدة والأخوة. والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته