آباء هم مصدر وجود الأبناء واستمرار الحياة،والاسلام جعل برهما رديفا لعبادة الله وقال:(وبالوالدين إحسانا) ولم يبح للمسلم التخلي عنهما وإن بلغ أذاهما حد الأمربالمعصية بل أرشد إلى معاملتهما بالمعروف، ومن المعروف ما تقدمه هذه الإشارات التربوية،ونظرا لتطور الحياة المعاصرة وتنوع الأفكار ونمط العيش والسلوك تغير الاحساس بهذا الواجب، وأهمل الاعتناء بهما، سفهل نقتنص زمنا نراجع حقهما علينا. وفي هذا السياق قال الحافظ الإمام ابن عبد البر رحمه الله في آخر كتابه "الكافي في فقه السادة المالكية " وبر الوالدين فرض لازم، وهو أمر يسير على من يسره الله له. وبرهما: خفض الجناح، ولين الكلام، وألا ينظر إليهما إلا بعين المحبة والإجلال، ولا يعلو عليهما في مقال، إلا أن يريد إسماعهما، ويبسط أيديهما في نعمته، ولا يستأثر عليهما في مطعمه ولا مشربه. ولا يتقدم أحد أباه إذا مشى معه، ولا يتقدمه في القول في مجلسه، فيما يعلم أنه أولى به منه. ويتوقى سخطهما بجهده، يسعى في مسرتهما بمبلغ طاقته. وإدخال الفرح عليهما من أفضل أعمال البر. وعليه أن يسرع إجابتهما إذا دعواه، أو أحدهما، فإن كان في الصلاة النافلة خففها وتجاوز فيها، وأسرع إجابتهما. ولا يقل لهما إلا قولا كريما. وحق عليهما أن يعيناه على برهما بلين جانبهما، وإرفاقه بذات أيديهما، فما وصل العباد إلى طاعة الله، وأداء فرائضه إلا بعونه لهم على ذلك ". جاء رجل إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم فقال : يارسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة مني؟ قال: أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أبوك، ثم أدناك أدناك ". رواه البخاري ومسلم. وحدث هشام بن عروة عن أبيه أن أبا هريرة رضي الله عنه رأى رجلا يمشي بين يدي رجل، فقال له: ما هذا منك؟ قال: أبي، قال: فلا تمش بين يديه، ولاتجلس حتى يجلس، ولا تدعه باسمه. رواه البخاري في "الأدب المفرد"،وعبد الرزاق في "مصنفه " واللفظ له. وحكى ابن وهب أن الإمام عبد الرحمن بن القاسم العتقي المصري تلميذ الإمام مالك بن أنس، رحمه الله تعالى: "أنه كان عليه "الموطأ" إذ قام قياما طويلا ثم جلس، فقيل له ذلك، فقال: نزلت أمي تسأل حاجة، فقامت وقمت لقيامها، فلما صعدت جلست". وقال التابعي الجليل طاووس بن كيسان : إن من السنة أن يوقر أربعة : العالم ، وذو الشيبة، والسلطان والوالد، وإن من الجفاء أن يدعو الرجل أباه باسمه. أخي: راع الأدب مع أبيك وأمك أتم المراعاة، فإنهما أحق الناس منك بذلك. الكتاب: من أدب الإسلام المؤلف: عبد الفتاح أبو غدة