طلب تجمع يعنى بشؤون الهجرة من المهاجرين بفرنسا التوقف عن العمل والامتناع عن الاستهلاك مدة يوم واحد في تظاهرة أطلق عليها «يوم بدون مهاجرين». وقالت مصادر عليمة إن هذه الفكرة انطلقت بعد الجدل الواسع الذي أثاره تصريح مسؤول حكومي فرنسي اعتبر غير مناسب عندما توجه إلى مناضل شاب ينتمي إلى حزبه وينحدر من أصول مغاربية قائلا له ولمن حوله مازحا « إنه لا يشبه في شيء النموذج المعروف. يلزمنا دائما واحد. عندما يكون هناك واحد تستوي الأمور. وعندما يكونون أكثر تحدث المشاكل». ويأتي هذا النداء أيضا بعد خمس سنوات من سن قانون الدخول والإقامة للأجانب وطالبي اللجوء السياسي في فرنسا. و يحاول المسؤولون الذين نادوا بتنظيم « يوم بدون مهاجرين» بث روح من الوعي عند الفرنسيين بايجابية تواجد المهاجرين على التراب الفرنسي والدور الاقتصادي الهام الذي يقومون به . وحسب المصادر ذاتها فقد قالت نادية لمركبي رئيسة هذا التجمع: إن المطلب الوحيد هو الاحترام والكرامة. وهذه الكلمات قد تضحك البعض ولكنها كلمات جدية. والمراد بكل بساطة أن ينظر الفرنسيون إلى الهجرة بشكل مختلف عما ألفوه وتعودوا عليه أي أن ينظروا إليها بصورة ايجابية. وللإشارة فقد سبق أن نظم «يوم بدون مهاجرين» في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وقد دعت وقتها الجالية الاسبانية إلى تنظيم هذا اليوم مطالبة المهاجرين من مختلف الأصول مقاطعة الحياة الاقتصادية ليوم واحد حتى يرى الأمريكيون المكانة التي يحتلها الأجانب في الاقتصاد الأمريكي وهي جد ضرورية لهذا الاقتصاد وقد شلت حينها هذه المقاطعة جزئيا الحركة الاقتصادية والاجتماعية في كاليفورنيا. وأكد المراقبون أن هذا النداء نشر في فرنسا على شبكة الانترنت بصورة مكثفة وأن المواقع الاجتماعية مثل «فايس بوك» تضم أكثر من 65000 ألف شخص يساندون هذا النداء. كذلك موقع :تويتر» يقوم بإيصال هذا النداء إلى مستعمليه عبر الشبكة العنكبوتية. كما يتناقل العديد من أصحاب المدونات أيضا هذا الخبر. وفي الميدان نجد أن العديد من اللجان المحلية قد تم إنشاؤها . ونجد أيضا أن بلدانا أوروبية مثل اسبانيا وايطاليا واليونان قد انضمت إلى هذا النداء. وأن وفدا قادما من ألمانيا سيكون حاضرا يوم الأول من مارس في باريس خلال المظاهرة المزمع تنظيمها. و حصل هذا التجمع أيضا على تأييد العديد من المنظمات التي تساند حقوق المهاجرين مثل منظمة» السيماد» و شبكة التربية بدون حدود ورابطة الدفاع عن حقوق الإنسان ونقابة CFDT « الكونفدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل . وقالت سونجا فون رودزيويتز المسوؤلة عن تجمع مدينة تولوز حسب المصادر ذاتها إن «العديد من الأشخاص الذي يرغبون في المشاركة في هذا اليوم يفكرون بتقديم طلب يوم عطلة لشركاتهم وعدم الذهاب إلى العمل كالعادة. العديد منهم أيضا قال إنه سيضرب عن الاستهلاك يومها . ولكن هذا سيكون أكثر تعقيدا من طلب يوم عطلة. وقد قمنا بإعلام سكان الإحياء بهذه المبادرة التي تقبلت بسرور وترحاب. ويذكر أن هذه المبادرة لا تخص فقط المهجرين أو المدافعين عن حقوق المهاجرين وإنما هي موجهة للجميع من فرنسيين وغير فرنسيين. وقد طلب المنظمون من المهاجرين وكل الذين يساندونهم بالتظاهر يوم 1 مارس في كافة المدن الفرنسية بهذه المناسبة. ويرى آخرون أن مبادرات الحكومة الفرنسية المتمثلة في إطلاق نقاشات حول الهوية الوطنية و أخرى حول ارتداء الحجاب، والحديث مؤخرا عن مشروع لتشديد قانون الهجرة، أثارت حنق و غضب المهاجرين الذين يستنكرون ما يعتبرونه سياسة « التمييز» المناقضة لقيم الجمهورية الفرنسية. وفي هذا الإطار تضاعفت المظاهرات المساندة للمهاجرين في فرنسا بغية إدانة هذه الوضعية، عن طريق مبادرات جديدة تصل إلى غاية المطالبة بإلغاء « واضح و بسيط « لوزارة الهجرة و الهوية الوطنية، و كذا تنظيم « يوم بدون مهاجرين « بداية هذا الأسبوع من أجل إبراز الثقل الاقتصادي لهذه الشريحة العريضة من المجتمع. وسواء أتت هذه المظاهرات تلبية لنداء الأحزاب السياسية أو النقابات أو المنظمات غير الحكومية، فإنها ترفع شعارا واحدا هو : تحسين صورة المهاجرين باعتبارهم مكونا أساسيا للمجتمع الفرنسي يستحق العيش في سلام و التمتع بالكرامة. ويذكر أن الائتلاف يتشكل من85 منظمة، بما فيه حزب الخضر، جمعية أطاك، الحزب الشيوعي الفرنسي و جبهة اليسار، اجتمع حوالي7000 متظاهر، بعد ظهر يوم السبت الماضي وسط باريس، للتظاهر في مسيرة وصلت إلى غاية وزارة الهجرة، مطالبين بإلغاء هذه الوزارة. ويعتبر» يوم بدون مهاجرين»، الذي دعا إليه ائتلاف «24 ساعة من دوننا «، مبادرة أخرى تدعو المهاجرين و أبناء المهاجرين و المواطنين الواعين بإسهام الهجرة في فرنسا، إلى التوقف عن الاستهلاك و العمل خلال هذا اليوم، وحمل شارات صفراء كتعبير عن التضامن فضلا عن المشاركة في التجمعات. وأوضح المنظمون حسب ما تم نشره على الموقع الإلكتروني للائتلاف الذي أريد له أن يكتسي طابعا سياسيا، للمرة الأولى في فرنسا، أنه تقرر عدم المشاركة في الحياة اليومية للمدينة، و من خلال هذا الغياب يريد المهاجرون إظهار الحاجة الماسة لتواجدنا. ويريد الائتلاف من خلال هذه المبادرة التعبير عن سخطه إزاء ما وصفوه بالانزلاقات التي أضحت متداولة ضمن الخطاب السياسي الفرنسي. في مقابل ذلك يرى آخرون أن فرنسا لا يمكن أن تتخلى عن المهاجرين ويبقى رهان المهاجرين عبر تنظيم هذا اليوم أكبر من ذلك. فالأمر يتعلق بالبرهنة على أن فرنسا لا يمكن أن تستغني عنهم، و من ثم وجب القول إنه من الصعب تصور نقيض ذلك، اعتبارا لعدم إمكانية إنكار مساهمتهم في ازدهار فرنسا. وفي الواقع يشكل المهاجرون جزءا لا يمكن تجاهله من الساكنة النشيطة لفرنسا، وذلك بنسبة6 ،8 بالمائة، حسب المعطيات الأخيرة المأخوذة عن الجرد الذي أجراه المعهد الفرنسي للإحصائيات و الدراسات الاقتصادية في سنة2007 . وهي نسبة ترتفع أكثر مع الأخذ بعين الاعتبار الساكنة النشيطة فقط ( خارج فئة العاطلين عن العمل )، حيث مرت هذه النسبة حسب أرقام منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، من7 ر10 بالمائة في1995 إلى3 ر11 بالمائة في سنة2007 . وفي نفس السياق أوضح جان بيير غارسون، رئيس قسم الهجرة الدولية بمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن هذا الاستقرار الذي يميز حضور المهاجرين في الشغل بشكل عام يظهر أنه لا يمكن الاستغناء عنهم مهما كانت الظرفية. ولا يقتصر حضورهم فقط كما يمكن تصوره، على القطاعات التي تمر بفترة تراجع مثل الفلاحة و الصناعة لكنه يمتد ليطال أنشطة أخرى، ثالثية على الخصوص. ففي قطاع الفندقة، على سبيل المثال، فإنهم يمثلون أزيد من20 بالمائة من اليد العاملة المستخدمة، بينما يتزايد عددهم كذلك في قطاعات أكثر تطورا، من قبيل المعلوميات (4 ،17 بالمائة) أو بالمقاولات (5 ،16 بالمائة ) . وترى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن نصيبهم الصافي من خلق مناصب الشغل آخذ في الارتفاع، مع نمو يطبع النصف الثاني من هذا العقد، ليرتفع إلى40 بالمائة في المتوسط ، مقابل13 بالمائة ما بين سنتي1997 و2007 .