بعد لقاء بعض أعضاء المكتب التنفيذي والرئيس الوطني الحالي والسابق بوزير العدل بوساطة سياسية، أصدر المكتب التنفيذي لهيئة العدول بالمغرب بتاريخ 9 أبريل 2024 بيانا جاء فيه، تثمين قرار وزير العدل بفتح حوار بشأن النقاط الخلافية الواردة في مشروع القانون رقم 16.22 المتعلق بمهنة العدول الذي سينطلق بعد عيد الفطر، انفتاح هيئة العدول على الحوار، وتعليق البرنامج النضالي، تمسك هيئة العدول بمطالبها مع إحاطة السيدات والسادة العدول عبر ربوع المملكة بكافة المستجدات...، هذا أبرز ما جاء به بيان هيئة العدول، وعلى إثر ذلك نطرح الأسئلة التالية: ماذا بعد هذا اللقاء؟ وماهي هذه النقط الخلافية؟ ما ضمن بالمحاضر او ما تم اضافته ضدا على المحاضر؟ أو ما تم التنازل عنه مقابل الإيداع؟
يجب تحديد هذه النقط الخلافية بالضبط، لكي نؤسس لمرحلة جديدة في الحوار الذي فقد مصداقيته منذ بدايته مع الوزراء السابقين في الولايات السابقة، مصطفى الرميد، أوجار، بنعبد القادر، ثم عبد اللطيف وهبي، الذي أصبح في عهده المشروع يحمل رقما وإسما جديدين وهو 16.22 المتعلق بمهنة العدول، هذا الإسم الذي يرفضه جميع العدول قاطبة، والذين يتشبثون بمصطلح "مهنة التوثيق العدلي" بدل مهنة العدول، لعدة اعتبارات، أهمها الاعتبار التاريخي أقدم مهنة توثيقية منظمة بالمغرب، الاعتبار السياسي توثيق أكبر ميثاق سياسي بالبلاد "وثيقة البيعة"، وعناية معظم ملوك الدولة العلوية بها تنظيما وتأطيرا، ظهير 1914 نموذجا، الاعتبار الاجتماعي لا يخلو بيت من بيوت المغاربة إلا ووجدت فيه وثيقة عدلية، الاعتبار القانوني، الظهائر المنظمة منذ 1914، والتعديلات اللاحقة، وديباجة قانون 16.03 المتعلق بخطة العدالة، تنصيص المرسوم التطبيقي الحالي في مادته التاسعة على ان العدل المتمرن يتلقى تكوينا بالمعهد العالي للقضاء يؤهله لممارسة مهنة التوثيق كمكتسب تم حذفه بهذا المشروع...، ثم الاعتبار الدستوري الذي يفرض على سلطة الوصاية وتحديدا الجهات المكلفة بالتشريع أن تضع دستور 2011 نصب أعينها وتقف عنده وقفة دستورية عميقة، ووقفة تأمل وتدبر لمبادئه الفضلى، وسياقاتها التاريخية، وتنصيصاته الاستشرافية التي تمنح حقوقا تقابلها التزامات، وملاءمتها في مشروع جديد غايته تجاوز قانون ينتمي إلى جيل ما قبل دستور 2011، بعيدا عن أية بيروقراطية او تحكم او تسلط...، واستحضار مبادئ التنظيم القضائي الجديد أيضا، فكيف للمشرع ان يقبل بوحدة القضاء الذي يفصل في جميع النزاعات والقضايا بمتخلف أنواعها، اداري ،مدني، اجتماعي، أسري، تجاري...، ولا يقبل بوحدة التوثيق؟ أو على الأقل إحداث معهد واحد للتكوين متخصص في التوثيق (يخضع له العدل والموثق كجهتين توثيقيتين رسميتين)، بدل إحداث مسميات مختلفة تمييزية (مركز للعدل/ومعهد للموثق) لا تتغيى الإصلاح العميق والشامل لمنظومة العدالة، ولكن هدفها تكريس التمييز في القوانين المهنية تارة، وتهريبها الى قوانين خاصة كالمدونة العامة للضرائب التي منعت مؤسسة العدل من توثيق السكن المدعم عمدا، أليس العدل جهة رسمية؟ له حقوق وعليه واجبات...، فمثلا إذا أخل بالتزاماته فإنه يعاقب طبقا للقانون الجاري به العمل، بل إنه يتابع ويحاكم بزورية الوثائق الرسمية!!!
* أليس ظلما وحيفا تشريعيا مايقع؟ * ما الضرر إذن في منحه آلية الإيداع كآلية تحمي ودائع المواطن؟ * ما الضرر في إحداث معهد واحد لتكوين مؤسسة العدل والموثق، على حد سواء مع مراعاة الخصوصية التي تتحدثون عنها؟ * كيف نقبل على أنفسنا بتكريس التمييز بين المهن التوثيقية؟
مما سبق، أقف عند هذه النقط الخلافية المبدئية، تسمية مشروع القانون، التمييز على مستوى التكوين شكلا ومضمونا، الحرمان من آليات العمل وأهمها الية الايداع التي تعتبر حقا للمواطن، فهل نشرع لحماية المواطن ام لحماية مصالح جهات معينة؟
أطرح السؤال وأضعه مفتوحا، وإلى مقال آخر ونقط خلافية أخرى وما أكثرها في هذا المشروع الذي يتضمن مقتضيات نعتبرها مخالفة لأهم ما جاء به دستور 2011، بل إنها تخالف حتى بعض القوانين التي تنتمي إلى جيل ما بعد 2011 وعلى رأسها قانون 54.19 بمثابة ميثاق للمرافق العمومية الذي يعتبر إطارا مرجعيا لجميع القطاعات الحكومية حسب المادة 03 منه، وبالمناسبة ندعوا الجهات المكلفة بالتشريع بوزارة العدل ومعها هيئة العدول للرجوع الى مقتضياته.