كانت الساعة تشير إلى السادسة مساء من مساء يوم الجمعة 4 نونبر 2009 حين انطلقت الحافلة المؤمنة للخط 30 من ساحة باب الأحد في اتجاه حي الفتح، وظلت الأمور عادية حتى محطة القامرة التي تبعد عن نقطة الانطلاق بحوالي 20 دقيقة. بعد ذلك بدقائق وبمجرد دخول الحافلة شارع المجد حتى تفاجأ الركاب والسائق بالزجاج الأمامي يتلاشى ويتطاير فوق رؤوس الركاب الذين أخذوا بالصراخ، طار كل شيء بسرعة واعتقد البعض أن السائق صدم عمود كهرباء، لكن زجاج النوافذ أخد في السقوط تباعا، وتبين أن الحافلة موضوع اعتداء، نفذه »الغاضبون« أو »المقصيون« الذين شنوا الإضرابات منذ قرار تفويت قطاع النقل الحضري بالرباط إلى شركة وحيدة. دهشة السائق جعلته يفقد السيطرة على الحافلة للحظات مما أدى إلى انحرافها عن مسارها، لكن سرعان ما استعاد السيطرة ليفرملها ويوقف المحرك. أخذ الركاب وهم منحنون في النزول بحيطة وحذر مخافة تلقي ضربات أو شظايا من الزجاج، كان عددهم حوالي 40 راكبا، ضمنهم رضيع في الثانية من العمر. فجأة بدأ أحد الركاب في 20 من العمر في الصراخ، والدم يتقاطر من بدنه بعدما أصابه الزجاج. الإفادات المستقاة من عين المكان وخاصة من نساء كن يجلسن في الأمام يتحدثن عن أشخاص كانوا متسترين بأشجار غابة توجد في جهة اليمين بشارع المجد. مصادر أمنية أكدت صباح السبت أن الاعتداءات استهدفت أربع حافلات في الرباط وتمارة، هذه الأحداث حتمت استنفارا أمنيا أمام وداخل المقر الشهير للوكالة المستقلة للنقل الحضري بالرباطوسلا التي حلتها سلطات الرباط. ومن عين المكان أكدت لنا مصادر متطابقة، أمنية ومسؤولة بالشركة الجديدة أن منذ أن تولت الشركة الجديدة تأمين النقل الحضري بالمدينتين، أي بداية أكتوبر، تم تسجيل إصابة 65 حافلة وإصابة 14 شخصا بجروح، بعضهم من عمال الشركة وبعض أقل من الركاب. لكن هذه الخسائر سرعان ما ارتفعت، حيث استمرت الاعتداءات صباح السبت، إذ لم تكد تخرج حافلة حتى تم رشق زجاجها الأمامي لتعود أدراجها، فيما امتنع بعض العمال عن العمل خوفا على أنفسهم، وأكدت مصادر أن أمام هذا الوضع تطرح أسئلة نفسها بإلحاح، هل بدأ ملف النقل الحضري ينفلت من يد السلطة؟ وهل أصبح الركوب مع »الخطافة« أأْمن من ركوب الحافلات؟ الأكيد إلى حين ثبوت العكس أن عناصر الأمن أخذوا في تدقيق المعلومات من العمال الذين كانوا على متن الحافلات المستهدفة، لتجميع كل ما يمكن وبدقة حول أماكن الاعتداء وأوصاف المعتدين، وتبين أن مستخدمين تمكنوا من تحديد هويات بعض المعتدين، وبذلك من المرتقب أن تتم حالات اعتقال في القريب. ويظل الخيط الرابط بين هذه الأحداث حسب مصدر أمني رفيع هو وقوعها في الرباط وتمارة، بينما لا تسجل اعتداءات في سلا. ويبدو أن حالة الهدوء عادت صباح أمس الأحد، لكن تظل أجواء الارتباك والحيرة بادية في مقر الشركة الجديدة سواء لدى العمال أو المسؤولين، وهذا ما حال دون معرفتنا التقديرات الممكنة لحجم الخسائر، وتأثير توقف الحافلات التي يعكف عمال الصيانة على انتزاع زجاجها المتكسر علي حركة النقل وتنقل الموظفين والطلبة وأصحاب المصالح. لكن الأضرار بلاشك جسيمة، وأكثرها حدث يوم الجمعة 27 نونبر، الذي يوم عيد الأضحى، حيث تعرضت 20 حافلة للاعتداء من طرف »الغاضبين « الذين نفذوا وقفات احتجاجية أمام مقر شركة النقل الحضري مطالبين بحقهم في العمل وحق دويهم في العيد، وسجل ذلك اليوم تدخلا أمنيا من طرف السلطة أوقع ضحايا تم نقلهم الى المستشفى. وفي انتظار ما ستفرزه الأيام المقبلة، فإن ملف النقل الحضري بالرباطوسلا أصبح الحديث اليومي للسكان، سواء من حيث مدة الانتظار أو التخلف عن الوصول الى العمل والمدارس في الوقت أو الاكتظاظ الملحوظ خاصة في الساعات الأولى من الصباح أو المتأخرة من المساء، لكنه أيضا أصبح حديث المسؤولين، فقد ولج قبة البرلمان ليكون موضوع إحاطات وأسئلة شفوية هي حتى الآن دون أجوبة. والمؤمل أن يتم تسوية الإشكاليات المطروحة قبل أن يكون الثمن أرواح المواطنين.