جرت أول أمس بالعاصمة الدوحة المباراة النهائية لكأس العرب التي نالها عن استحقاق المنتخب الجزائري الشقيق ، الذي هزم نظيره التونسي بهدفين لصفر. و بذلك انتهت هذه الدورة التي استحقت عليها الشقيقة قطر كل التنويه على النجاح الباهر الذي عرفته، بفضل ما وفرته الحكومة القطرية من إمكانيات ، و بسبب البنية الكروية الهائلة التي تتوفر عليها قطر الشقيقة . لا أحد يمكنه أن يجادل في أحقية المنتخب الجزائري في الفوز بالكأس لعوامل عديدة، أهمها أن الأمر يتعلق بالمنتخب الجزائري الأول تقريبا، إذ أن نصف لاعبي هذا المنتخب ينتمون للمنتخب الجزائري الأول، بيد أن العديد من الدول المنافسة شاركت بالمنتخبات الأولمبية أو الرديفة، و هذا يعني أن المسؤولين الكرويين في الشقيقة الجزائر وضعوا الحصول على الكأس هدفا رئيسيا .ثم إن المنتخب يلعب كرة حديثة ، و بروح قتالية عالية ، و بانسجام كبير، و بانضباط تكتيكي رائع .و لذلك فإن المنافسة كانت عادلة لما انتهت بتتويج المنتخب الجزائري ، و هذه حقيقة نجهر بها لأننا متحررون من أية خلفيات سياسية ، كما هو الشأن لدى البعض .
الآن ، و بعد التتويج سنرى ما إذا كانت اللافتات التي كتبت ، و التصريحات الكثيرة التي تم الإدلاء بها ، و رفع العلم الفلسطيني في المدرجات و في رقعة الملعب ، مبادرات تعكس عمق وروح و إرادة التضامن الفعلي مع الشعب الفلسطيني ، أم أنها لا تعدو مجرد مزايدات بخلفيات سياسوية مقيتة ؟ فالتصريح غير ما مرة بإهداء الفوز بالمباريات و بالكأس ، يعني إهداء المبلغ المالي المتحصل عليه من هذا الظفر بالكأس للشعب الفلسطيني البطل ، الشعب الفلسطيني و معه الرأي العام العربي ينتظرون أن يقدم الجزائريون على تسليم الخمسة ملايين دولار المحصل عليها إلى أهالينا في فلسطينالمحتلة ، أو كما صرح مدرب المنتخب الجزائري حتى لسكان غزة (و كأن سكان غزة يوجدون في أرض أخرى غير الأراضي الفلسطينية)، و إذا لم يحصل هذا الأمر في الساعات القليلة القادمة ، فإنه سيتأكد للرأي العام العربي أن المسؤولين الجزائريين و اللاعبين و مدربهم كانوا يزايدون على القضية الفلسطينية ، و يتاجرون سياسيا بمأساة الشعب الفلسطيني ، و أن كل ما كانوا يقومون به كان الهدف منه مجرد تصفية حسابات سياسية مع (جار السوء)، على حد تعبير إحدى الجرائد الجزائرية التي كشفت عن حجم الانهيار الأخلاقي ، و منسوب الحقد و الضغينة لدى الحاكمين في جار المحبة و التقدير و الاحترام .
على كل حال ، قد ينقلب السحر على الساحر، و أن المسؤولين الجزائريين واللاعبين والطاقم التقني وضعوا أنفسهم في وضعية اختبار حقيقة . و الأقرب للاحتمال أنهم لن يلتفتوا إلى الشعب الفلسطيني، فقد نالوا ما أرادوا. و إلى اللقاء في مناسبة قادمة لإعادة استغلال القضية الفلسطينية لخدمة أجندة سياسية بئيسة . للتواصل مع الأستاذ الكاتب : [email protected]