لم تتجاوز نسبة التصويت في الانتخابات المحلية التي جرت في الجزائر قبل أيام قليلة من اليوم 35 بالمائة من عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية ، و ليس من عدد الذين يحق لهم التصويت . و كانت نسبة التصويت في الانتخابات التشريعية التي جرت في الجزائر خلال الشهور الماضية الأدنى في تاريخ الانتخابات الجزائرية حيث لم تتجاوز 23 بالمائة ، بيد أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي جاءت بتبون إلى قصر المرادية لم تتعد 39 بالمائة ، و أن عدد المصوتين لفائدة الرئيس لم يتجاوز 10 بالمائة ربما . في حين كانت الفضيحة مدوية حينما قاطع الشعب الجزائري التصويت على التعديلات الدستورية الأخيرة في الجزائر بنسبة عالية جدا حيث أن أكثر من 76 في المائة من المصوتين الجزائريين أحجموا عن التصويت لفائدة دستور أعدته المؤسسة العسكرية . الأكيد أن تدني نسبة التصويت في الجزائر يؤكد أن الشعب الجزائري يعتبر نفسه غير معني بما يجري في الجزائر الرسمية ، و أنه غير راض عن الأوضاع العامة في هذا القطر الشقيق ، و أنه غير متفق مع سياسات قصر المرادية و المؤسسة العسكرية الداخلية و الخارجية .بل الأكثر من ذلك فإن تدني نسبة التصويت يعني انعدام الثقة بين الحاكمين و المحكومين ، و قد يعني أيضا أن الشعب الجزائري يصر على التأكيد على أنه ليس هو من اختار حاكميه ، و أن جميع المؤسسات الدستورية التي أفرزتها مختلف الانتخابات التي جرت لحد الآن لا تمثله ، و يعري عن وجود هوة بين الجانبين ، مما يؤشر عن افتقاد الجزائر الحالية إلى التعبئة العامة بين المواطنين و المؤسسات الدستورية .
والواضح أن عدم الرضا الذي تكشف عنه مقاطعة صناديق الاقتراع و التصويت في جميع المحطات الانتخابية في الجزائر من طرف الناخبين الجزائريين ، يؤكد وجود أزمة عميقة في الدولة . فالسلطات العمومية الجزائرية نجحت لحد الآن في كبح الحراك الشعبي بالقمع و الاعتقال و المحاكمات الصورية، لكن مقاطعة الانتخابات بنسب عالية جدا يؤشر على أن الحراك في مرحلة مبيت اضطراري بسبب الإكراه، وأن الحاكمين في الجزائر لا يملكون مشروعا سياسيا مقنعا و واضحا قادرا على إخراج البلاد من حالة الأزمة العميقة و الخطيرة التي توجد عليها . وأن منهجية افتعال الأزمات الخارجية بهدف إلهاء الشعب عن الأزمة الداخلية المستفحلة سينتهي مفعولها في المدى المنظور.