لم تتجاوز نسبة التصويت في الانتخابات الجزائرية، التي جرت يوم السبت الماضي 30 بالمائة من الناخبين المسجلين ، و إذا كان عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية في الجزائر يصل إلى قرابة 24 مليون ناخب ، فإن ذلك يعني أن حوالي 16 مليون ونصف المليون من الناخبين الجزائريين قاطعوا هذه الانتخابات ، و هذا يعني بدوره أن البرلمان الجديد يمثل أقل من 12 بالمائة من سكان الجزائر . إن الأمر يتعلق بأدنى نسبة مشاركة في انتخابات الجزاىر ما بعد الحزب الوحيد الذي كان يمسك بمفاصل الدولة . ما ذا يعني هذا ؟
أول ما يعنيه أن الشعب الجزائري أدار ظهره لبرنامج الإصلاح الذي أعلنه الرئيس الجزائري الذي جيء به إلى قصر المرادية ، و لم يثق في الشعارات الكبيرة التي حاول من خلالها الرئيس تبون الإيهام بعهد جديد في دولة يجثم عليها نظام عسكري مطلق .
في الحقيقة ، فقد تنبأ الرئيس تبون بهذه الانتكاسة السياسية قبل أيام ، وكان مدركا أن الشعب الجزائري لن يذهب إلى صناديق الاقتراع ، لذلك صرح بأن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات لا تهم ، لأن النظام العسكري في الجزائر لا يهمه أن يقرر الشعب الجزائري في انتخابات حرة ونزيهة ، لأن المؤسسة العسكرية هناك تنوب عن الشعب في المشاركة السياسية وتقرر في كل ما يهم الانتخابات و تشكيل المؤسسات الدستورية والاختيارات السياسية و الاجتماعية والاقتصادية ، و أن جميع المؤسسات من رئاسة الدولة و الحكومة والبرلمان مجرد قطع شطرنج يحركها الجنرالات حسب ما يخدم مصالحهم .
نسبة المشاركة جد المتدنية تعني أن الحسم النهائي في الأزمة السياسية المستفحلة في الجزائر لا يزال في يد الشارع الجزائري ممثلا في الحراك الشعبي الذي يزداد زخما والذي زادته التطورات الأخيرة شرعية ومصداقية .
لذلك، فإن النظام العسكري في الجزائر قبل أن يتحدث عن تقرير المصير في نزاع مفتعل سيواجه إرادة جزائرية شرعية في تقرير مصير الشعب الجزائري الذي يطالب بدولة مدنية و ليس عسكرية .