يعتبر الحاج أحمد الأزرق الذي اشتهر باسم السفناج والمزداد سنة 1924 بأولاد فرج بضواحي الجديدة، من أولئك الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأمدّ في عمرهم، وهو واحد من كبار المقاومين ورموز الكفاح الوطني، وبالتالي فإنه اليوم ذاكرة حية تعج بالكثير من الأحداث والوقائع التي تؤثت صفحات أمجاد الملحمة العظيمة ثورة الملك والشعب والكفاح المسلح ضد الوجود الاستعماري ببلادنا. انضم هذا المناضل السياسي فور إقدام السلطات الاستعمارية الفرنسية على نفي رمز الأمة وملك البلاد جلالة المغفور له محمد الخامس قدس الله روحه إلى كورسيكا في 20 غشت 1953، إلى ثلة من الشباب المجاهد والمتحمس بالروح الوطنية والذين وهبوا أرواحهم ومصيرهم للقضية الوطنية ولعودة الملك الشرعي محمد بن يوسف إلى عرشه. لقد كان الحاج أحمد الأزرق تارة فاعلا رئيسيا وتارة حاضرا ومتتبعا للعديد من العمليات التي نفذها الفدائيون، ثلاث سنوات بعد استقراره بحي الصهريج بيعقوب المنصور بالرباط »1949« ، انخرط في صفوف حزب الاستقلال سنة 1952، فتوطدت علاقته بوجوه ذات رصيد نضالي كبير أمثال السادة سليمان بن ادريس، بوشعيب جيدة، الحسين الزعري وآخرون. وللتاريخ ينبغي تسجيل الدور البطولي لزوجته ورفيقة دربه خلال حقبة الكفاح والمقاومة الفاضلة الحاجة حليمة بنت العربي، التي دأبت على دس السلاح داخل ملابسها كلما حان وقت تنفيذ إحدى العمليات المندرجة في مخطط التنظيم السري المسلح، تم تعيده إلى الحاج أحمد الأزرق، ويتذكر بطلنا أنها ذات يوم وضعت مسدساً مابين صدر طفلها الذي كانت تحمله في ظهرها، هذا الطفل هو الزميل المرحوم محمد الأزرق الصحفي بقسم الأخبار بالإذاعة الوطنية الذي رحل عنا إلى دار البقاء سنة 2007. كان الحاج أحمد الأزرق مركزا للذخيرة والسلاح، يخزن ويوزع ويشارك في تنفيذ العمليات، وكان يضلل رجال المخابرات والشرطة الإستعمارية بشتى الطرق، منها على سبيل المثال استعمال زي النسا«ء، وكثيرا ما كان يشارك في العمليات ويتسلل إثرها إلى صفوف المتفرجين كشاهد علي الواقعة. كانت للحاج الأزرق صلة وطيدة بمجموعة من مقاومي الدارالبيضاء، حيث اعتبر جسرا كان يربط بينهم وبين نظرائهم من الرباط، وشاءت الأقدار بعدما ضاق عليه الخناق بالرباط أن يتم القبض عليه بدرب باشكو بالبيضاء، بعدما جندت السلطات الإستعمارية حوالي 52 ناقلة لتطويق المكان الموجود به. وبعد مثوله أمام المحكمة بالبيضاء، تم ترحيله إلى السجن المركزي بالقنيطرة وهو مثقل بثلاثة أحكام بالإعدام، ولازال يتذكر الحاج أحمد الأزرق الزنزانة التي يطلق عليها زنزانة 300، لأنها كانت تضم 300 من أبرز المقاومين أمثال الفقيه البصري ورحال المسكيني وعبد الرحمان السكوري وغيرهم، وكلهم ومعهم الحاج الأزرق نجوا بفضل الله وعودة الملك محمد بن يوسف إلى أرضه الوطن ظافرا منتصرا. ومن بين ذكرياته بهذا السجن، ذلك اليوم الذي حل فيه المغفور له الملك محمد الخامس بالسجن المركزي بالقنيطرة محفوفا بولي عهده انذاك سمو الأمير مولاي الحسن وسمو الأمير مولاي عبد الله، ففتح بيديه أبواب هذا السجن التاريخي، حيث تناول طعام الفطور مع سجناء الفداء، والتقطت لجلالته صورا تذكارية معهم، وأعطى أوامره السامية لإخلاء سبيلهم بعدما نوه ببطولاتهم وتضحياتهم وروحهم الوطنية.