باتت الطاقة النووية، التي كانت تعتبر خطرا بيئيا لوقت طويل، أكثر الأسلحة العالمية المحتملة لمكافحة تغير المناخ بعد أن نالت تأييد بعض نشطاء البيئة الذين كانوا في الماضي من مناوئيها. فقد مضى 13 عاما على آخر محطة طاقة نووية افتتحت في الولاياتالمتحدة. لكن الدول الواقعة تحت ضغط خفض إنتاج غازات الاحترار العالمي حول العالم بدأت تتحول إلى الطاقة النووية القليلة الانبعاثات بطريقة لم يشهدها العالم من قبل. وفي محاولة لكسب تأييد أكبر من أجل تشريع لتغير المناخ ، تراقب إدارة الرئيس أوباما وكبار الديمقراطيين الحوافز الضريبية الاتحادية، وضمانات القروض لتمويل مجموعة جديدة من محطات الطاقة النووية في أنحاء الولاياتالمتحدة يمكن أن تساعد أخيرا في تقليل الانبعاثات الكربونية. ومن الجدير بالذكر أن هناك الآن نحو 53 محطة طاقة نووية تحت الإنشاء في أنحاء العالم، من الصين إلى البرازيل، بالإضافة إلى بولندا والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا التي تسعى لبناء أول مفاعلاتها. كما أن عدد المحطات التي شيدت يبلغ ضعف إجمالي كل ما شيد قبل خمس سنوات. كذلك كان بناء محطات نووية محظورا في بريطانيا لسنوات بعد كارثة تشرنوبل عام 1986 إبان الاتحاد السوفياتي. لكن البريطانيين يعكفون الآن على دراسة فكرة إنشاء محطات نووية كجزء من معركة مكافحة تغير المناخ. وهناك عدد من العوائق التي يمكن أن تؤخر عودة المحطات النووية وفي مقدمتها التكاليف. وهذا المثال يتجسد في محطتين من الجيل الجديد تحت الإنشاء في فنلندا وفرنسا، حيث تجاوزت التكاليف الميزانية الموضوعة بمليارات الدولارات وتأخرت الإنشاءات كثيرا. وهذا الأمر يثير تساؤلات هامة حول جدوى محطات جديدة بدون دعم حكومي كبير. فالتكاليف قد تكون باهظة جدا لدرجة أن شركات الطاقة تجد صعوبة في تأمين التمويل حتى مع دعم الحكومة. لكن الخبراء يشيرون أيضا إلى مجموعة من التحسينات في التقنية النووية منذ حادثة تشرنوبل والانصهار الجزئي لمحطة جزيرة ثري مايل في ولاية بنسلفانيا عام 1979. وأبرزها انخفاض الحوادث الصناعية بنسبة 80% في المحطات النووية المنتشرة في العالم البالغة 436 محطة منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي. ومع تراجع المعارضة لهذه التقنية، بدأت مؤخرا دول كالسويد وبلجيكا وإيطاليا، التي كانت من أشد المعارضين، تغير موقفها بالكامل بعدما رأت فوائد هذه التقنية التي لا تكاد تخلف انبعاثات طاقة متجاوزة بذلك مخاطر النفايات المشعة والانتشار النووي. كذلك تنظر دول كبريطانيا، موطن أول محطة نووية تجارية في العالم، إلى عودة الطاقة النووية على أنها أساسية لهدف مواجهة تحديات خفض الانبعاثات الكربونية. و تراهن بريطانيا على الطاقة النووية، مع تضاؤل احتياطيات الغاز الطبيعي من بحر الشمال، لمساعدتها في المحافظة على درجة من استقلالية الطاقة.